بإعلان المتحدث العسكرى العميد محمد سمير مقتل زعيم أنصار بيت المقدس (تنظيم ولاية سيناء حاليًا) المكنى بـأبودعاء الأنصارى مساء الخميس الماضى، أضيف هذا الاسم إلى قائمة قيادات الجماعة التى تداولتها الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام خلال الأعوام الخمسة الماضية، فى ظل ندرة المعلومات والصور المتوفرة عن جميع قياداتها. والثابت وفقًا للتحريات الأمنية واعترافات المتهمين التى حصلت عليها الشروق عدم ذكر اسم أبودعاء الأنصارى كزعيم للجماعة، فى أى من قضايا أنصار بيت المقدس الأولى والثانية والثالثة التى أحيلت إلى القضاء بعد تحقيقات مطولة فى نيابة أمن الدولة العليا بين عامى 2013 و2015 والقضية 502 لسنة 2015 المعروفة بقضية تنظيم ولاية سيناء. ويثير غياب أبودعاء الأنصارى تمامًا عن محررات هذه القضايا تساؤلات عن حقيقة الهيكل التنظيمى لهذه الجماعة حاليًا، وما إذا كان تحولها إلى فرع تابع لتنظيم داعش الدولة الإسلامية بالعراق والشام قد أدى إلى تغير قيادتها أكثر من مرة فى فترة وجيزة، إلى جانب تعرض الجماعة للانشقاقات والانقسامات نتيجة الخلاف الفكرى والعقائدى بين داعش وتنظيم القاعدة، حيث كانت جماعة أنصار بيت المقدس تتبنى فكر القاعدة فى مراحلها المبكرة. (الخليفة الغامضة لمؤسس الجماعة) فى مارس 2014 أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مقتل مؤسسها توفيق فريج زيادة (المكنى بأبوعبدالله) فى حادث انقلاب سيارة أودى بحياته هو وباثنين من مرافقيه. وذكرت الجماعة أن توفيق فريج ليس هو الزعيم الحقيقى للتنظيم لكنه أحد قيادات الجماعة، وهو ما اعتبره المراقبون مجرد محاولة لإخفاء هوية القائد الحقيقى. وأعلن وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم أن توفيق فريج هو القائد الحقيقى للجماعة، وأنه أنشأ ولاية تابعة لها خارج سيناء ومدن القناة. وأكدت أوارق التحقيقات فى القضية 324 لسنة 2013 حصر أمن دولة عليا أن قائد التنظيم هو توفيق فريج زيادة، وتبين ذلك من خلال اعترافات هانى عامر، نائب رئيس تنظيم كتائب الفرقان، والذى تم إعدامه فى 17 مايو 2015 كأحد المتهمين فى القضية المعرفة إعلاميًا بـخلية عرب شركس. وذكر عامر (الذى مثلت اعترافاته الأساس الأول لإدانة المتهمين فى قضية خلية عرب شركس وفق حكم المحكمة العسكرية العليا) خلال التحقيقات أنه التقى توفيق فريج وبصحبته محمد أحمد نصر، القائد الهارب لكتائب الفرقان، وأن فريج عرفهم بنفسه كقائد للجماعة وعرض على نصر دمج تنظيمه فى جماعة أنصار بيت المقدس مقابل منحه عضوية مجلس شورى الجماعة، لكن الاثنين اختلفا على بعض التفاصيل، فلم يتم الاندماج. وفى قضية أنصار بيت المقدس الثانية التى تلت الإعلان عن مصرع توفيق فريج، جاء فى التحريات أن القيادى الهارب تامر أحمد العزيرى ضم أعضاء جدد للجماعة، وأنهم جميعًا بايعوا شخصًا يكنى بـأبوهمام الأنصارى كقائد جديد للجماعة، وكانت هذه المرة الأولى التى يذكر فيها هذا الاسم، والمرة الأولى التى يذكر فيها قائد جديد للتنظيم خلفًا لتوفيق فريج. وجاء فى التحريات التى أجريت فى يونيو 2014 أن أبوهمام الأنصارى لم يتم الاستدلال على هويته وجارٍ تحديده، وأنه يدير التنظيم بمساعدة اثنين من عناصره هما: أشرف حسن الغرابلى (المتهم الأول فى قضية عرب شركس) والذى أعلنت وزارة الداخلية عن تصفيته فى 9 نوفمبر 2015 خلال مطاردة أمنية، وهشام على عشماوى، الضابط المفصول من القوات المسلحة، والقائد الحالى لتنظيم المرابطين فى مصر ومجلس شورى ثوار درنة فى ليبيا، والذى كان خلال تلك الفترة قائدًا للجناح العسكرى لأنصار بيت المقدس. كما ذكر اسم أبوهمام الأنصارى كقائد للجماعة بايعه المتهمون، وذلك فى قضية أنصار بيت المقدس الثالثة. وفى تلك القضية، اعترف المتهم نمر إبراهيم محمد إبراهيم بأنه بايع زعيم الجماعة فى مصر المكنى بـأبوهمام الأنصارى وذكر أنه قد نما لعلمه أن هشام على عشماوى هو قائد التنظيم فى الصحراء الغربية. وتكررت التحريات نفسها تقريبًا فى القضية التى باشرتها النيابة عن جماعة أنصار بيت المقدس بعد تغيير اسمها إلى ولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش والتى تحمل رقم 502 لسنة 2015، بينما لم يتم إعلان تفاصيل قضيتين أخريين رقمى 447 و457 لسنة 2016 المتعلقتين بالتنظيم ذاته. (هوية القيادة الجديدة وانشقاق عشماوى) توضح محررات القضايا وجود فجوة بين اعترافات المتهمين الذين يحاكمون الآن بمبايعتهم لـأبوهمام الأنصارى وبين إعلان القوات المسلحة قتل قائد جديد للتنظيم يدعى أبودعاء الأنصارى مما يطرح عددًا من السيناريوهات وفقًا لمصادر قضائية وأمنية مطلعة تواصلت معها الشروق. السيناريو الأول هو أن يكون التنظيم قد شهد تغيرًا جذريًا على مستوى القيادة، بإحلال أبودعاء الأنصارى ومجموعة جديدة من مساعديه بدلًا من أبوهمام الأنصارى ومساعديه المقربين، وأن يكون لهذا التغيير صلة بانشقاق هشام على عشماوى الذى تشير المعلومات إلى أنه كان أحد المقربين من أبوهمام. وانشق عشماوى عن ولاية سيناء فى يوليو 2015 وأعلن تأسيس تنظيم المرابطين، وأهدرت ولاية ليبيا التابعة لداعش (شقيقة ولاية سيناء) دمه واعتبرته مرتدًا بعد انضمامه لمجلس شورى ثوار درنة الذى يتبنى أفكار تنظيم القاعدة. أما السيناريو الثانى فهو أن يكون أبودعاء أحد قيادات التنظيم المعروفين الهاربين، كمحمد فريج زيادة شقيق توفيق فريج، أو سلمى المحاسنة الذى كان يكنى سابقًا بـالحاج يسرى وكان معروفًا بقربه الشديد من توفيق فريج زيادة. والسيناريو الثالث هو أن يكون أبودعاء هو نفسه أبوهمام لكن تم تغيير الاسم على سبيل محاولة خداع الأمن بعدما اعترف بعض القيادات فعلًا بمبايعة أبوهمام.