×
محافظة المنطقة الشرقية

كويت الأماني والمعاني كثيرة - مقالات

صورة الخبر

< ما إن تقترب من وادي قانا (10 آلاف دونم) القريب من مدينة نابلس في فلسطين حتى تشتم رائحة أشتال المرمية تفوح من على بعد كيلو مترات، ومعروف فلسطينياً أن الشاي بالمرمية الخضراء الطازجة يعد المشروب الوطني لمعظم الفلسطينيين، فرشفة الشاي ساعات الصباح الباكر أو سهرات المساء، دوماً ما تمنح اللقاء مذاقاً خاصاً. أشتال المرمية الخضراء يحملها الباعة على دوابهم بعد قطفه بأيديهم باليد أو المنجل من الجبال، ليكون في اليوم التالي في طريقه إلى الأسواق الفلسطينية، أو رفيقاً لحقيبة مسافر خارج الوطن بعد فرطه وتجفيفه، كما أن بيوت الفلسطينيين مهما كان طرازها حديثة أم قديمة غالباً ما تجد في حدائقها أشتال المرمية، وكأنها جزء أساسي من نسيج حياتهم. وكشف المستشار القانوني في السلطة الفلسطينية إيهاب منصور من قرية ديراستيا القريبة من مدينة نابلس لـ«الحياة»، أنه وأسرته تمكنوا من إنقاذ 75 دونم من الأراضي الجبلية في واد قانا التابع لقريته من المصادرة الإسرائيلية، إذ استصلحوها بالتشاور مع مالك الأرض، وزرعوا فيها 8 آلاف شتلة مرمية و450 شجرة زيتون، ويتمنوا زراعة أشجار الليمون والبرتقال، إلا أن استيلاء إسرائيل على الآبار الجوفية في منطقة واد قانا يجهض حلمهم. وأوضح منصور أن أسرته تمكنت من تخليص أراضي الوادي من المصادرة واستصلاحها، على رغم أنها محاطة بثماني مستوطنات إسرائيلية تشمل عمانوئيل، ووايل متان، وياكير، ونوفيم، وكرني شمرون، وجنوت شمرون، ومعالي شمرون، ونوف أورنيم. وأشار إلى أن عائلته تعد الأسرة الأولى في فلسطين التي تتبنى إنتاج كميات وافرة من شتلة المرمية المستخدمة على نطاق واسع في فلسطين وبلاد الشام بهدف تثبيت جذور الفلسطينيين على أراضيهم ومنع مصادرتها، لافتاً إلى أن المرمية تعد رمزاً يرافق الشاي الفلسطيني، وحتى ينصح بشرب كأس ساخن من المرمية في كثير من الحالات المرضية لما تثيره من استرخاء وراحة لوظائف الجسم. وبين أن مشروع زراعة أشتال المرمية بدأ الإنتاج ويسعد أنه وأسرته بدأوا قطف كميات من هذه الشتلة وبيعها للباعة الجائلين والمحال في المدن الفلسطينية كافة، ما فتح أبواباً للرزق لعائلات كثيرة، مبيناً أن جميع أخوته يحملون مؤهلات علمية مميزة إلا أن حماية الأرض من المستوطنين كانت حافزهم الأساسي من استصلاح أرض وادي قانا القريبة من قرى كفر ثلث وعزون وسنيرة في محافظة قلقيلية. ولفت إلى أن رائحة أشتال المرمية العطرية التي يعبق بها وادي قانا الذي تم استصلاحه، تمنح الشاي مذاقاً مميزاً، إضافة إلى فوائدها الصحية التي تمنح الجسم قدرة على الاسترخاء والتخلص من أمراض عدة منها خفض مستوى السكر في الدم، كما تعالج نزيف اللثة وتقيحها، والسعال الجاف، والتهاب اللوزتين، وتقوية الأعصاب، والتخلص من النفخة، وتقوية الذاكرة، وتحفيز جهاز المناعة، وعلاج الرشح والانفلونزا والحساسية. وقال: «إن نوعية الأشتال التي تنتجها الأراضي المستصلحة ذات ساق سميك وأوراق صغيرة ما تمنح الشاي نكهة تفوق الأشتال ذات الورق العريض المروي بالماء»، مبيناً أن ميزة أشتال المرمية أنها تنبت في الجبال من دون الحاجة لري، كما يمكن استخدامها بالجودة ذاتها حتى بعد تجفيفها. وأضاف: «نتمنى أن تفتح الأسواق العربية لمنتجنا، فلأسواق الفلسطينية لا تستوعب كامل المنتج، خصوصاً أن الباعة الفلسطينيين يجوبون كذلك المناطق الجبلية لجني أشتال المرمية البرية التي تنمو في المناطق الوعرة من دون أن يزرعها أحد لتشكل مصدر دخل للعائلات المستورة». يذكر أن سبب تسمية هذه النبتة بالمرمية يعود إلى قصة قديمة، وهي أن امرأة أصيب ابنها بالحمى، فرأت في الحلم سيدتنا مريم تأمرها أن تسقي ابنها منقوع المرمية، وشفي ابنها بفضل الله بعد أن شرب، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تسمى بالمرمية.