لعن الله من يهتك ستر الآخرين.. ودعوتي هذه التي خرجت من أعماق قلبي، إنما أطلقتها بعد أن قرأت عن خناقة بين امرأتين أميركيتين نتفتا شعر بعضهما البعض، وذلك عندما عيرت إحداهما الأخرى قائلة: ما أكثر الرجال الذين يشاهدونك وأنت تستحمين. وحيث إن المتهمة امرأة عاقلة و(ست بيت)، ما كان منها إلا أن ترفع دعوى على من اتهمتها زورًا وبهتانًا - ومع الأسف أنها في النهاية قد خسرت الدعوى. والحكاية وما فيها أنه في بلدة (غرينفيلد) بولاية (ماساتشوستس) الأميركية، وبعد البحث اتضح أن هناك عمارة مكونة من (75) شقة، كان زجاج حماماتها كلها قد ركب بالغلط بطريقة عكسية، بحيث إنه يكشف لمن في الخارج ما يحدث في الداخل. والغريب أنه مضى على هذه الحالة أكثر من عام كامل دون أن يتنبه سكان تلك العمارة إلى فضائحهم ليلاً وهم مستمتعون بحماماتهم. وأغرب من ذلك أن سكان العمائر المقابلة لم يكلف أحد نفسه إشعار أولفت نظر سكان جيرانه لهذه المصيبة. عندها رفع أصحاب العمارة المنكوبون دعوى جماعية على المقاول الذي ركب زجاج نوافذ الحمامات بالغلط، ولكنهم أيضًا خسروا الدعوى، لأن القاضي قال لهم بالحرف الواحد: فينكم ساكتين طوال عام كامل، خصوصًا أن كاميرات (الجوالات) ترصدكم وأنتم تستحمون ليليًا؟! لا شك أنني أحمد ربي بأني لست من سكان تلك العمارة، أما لو أنني كنت من جيرانها فحتمًا سوف أغض طرفي، مقتديًا بشطر بيت الشعر القائل: (كلك عورات وللناس أعين). وما دام الحديث يجر بعضه، وما دام لا يزال لساني (يحكني)، فلا بأس من أن أعرّج على واقعة معروفة لحاكم في منطقة الشرق الأوسط بالأربعينات الميلادية من القرن الماضي - ولا أريد أن أذكر اسم تلك الدولة - فقد كان من هوايات ذلك الحاكم أنه يتلصص بالنظر على ضيوفه وهم مطمئنون في الحمامات، حيث إن عبقريته تفتقت على أن يضع زجاجًا عاكسًا في حائط حمام غرفة النوم في قصر الضيافة، وله غرفة مقابلة لذلك الحائط يقبع فيها هو لممارسة هوايته بالمشاهدة. وغالبًا ما يستعرض الضيف عضلات جسمه ويتأملها أمام ذلك الحائط الذي هو عبارة عن (مراية) - ويا غافل لك الله - دون أن يفطن أنه منتهك من رأسه إلى أخمص قدميه. يا لها من هواية بشعة، ولا أدري ما هو شعور ذلك الحاكم عندما يشاهد ضيفه في اليوم التالي وهو بكامل قيافته بملابسه الرسمية؟! وآخر دعواي: اللهم أنزل علي شآبيب الرحمة، ولا تأخذ روحي إلاّ وأنا بكامل ملابسي، بما فيها شماغي وعقالي وحذياني كذلك.