أكد الدكتور ياسين أقطاي، نائب الرئيس والمتحدث الرسمي باسم حزب العدالة والتنمية في تركيا في حوار لـ «العرب» أنه سيقوم بزيارة إلى قطر في القريب العاجل لتقديم الشكر نيابة عن الدولة والشعب التركي لدولة قطر قيادة وشعبا على موقفها التضامني التاريخي مع تركيا خلال محاولة «الانقلاب الإرهابي» الفاشلة التي تعرضت لها، لافتا إلى أن زيارة سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية إلى أنقرة، خطوة إضافية تعكس موقف قطر المبدئي بدعم الشرعية في تركيا. وتحدث أقطاي عن قرار تطبيع علاقات بلاده مع روسيا وإسرائيل، مفندا في الوقت نفسه، أي نية لدى أنقرة لترحيل قيادات الإخوان المسلمين، مقابل تطبيع العلاقات مع القاهرة.. وقضايا أخرى في نص الحوار التالي.. ما تقييمكم للعلاقات الثنائية، وموقف قطر التي أدانت المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا منذ الوهلة الأولى؟ - العلاقات القطرية التركية مثالية ونموذجية، وعلاقاتنا ممتدة ومتنامية في جوانبها السياسية والاقتصادية وكافة المجالات، وقد بلغت أعلى مستوياتها. ونحن نقدر ونشكر الموقف القطري الداعم للشرعية في تركيا، لأنه في اللحظات الأولى لحدوث المحاولة الانقلابية الإجرامية، كانت هناك دول قليلة جدا، أعلنت دعمها للشرعية في تركيا، وأدانت المحاولة الانقلابية الإجرامية منذ الوهلة الأولى، ودولة قطر كانت في مقدمة هذه الدول. كما أن حضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كان في مقدمة الزعماء الذين تواصلوا مع الرئيس رجب طيب أردوغان في اللحظات الأولى لحدوث المحاولة الانقلابية الإرهابية. ونحن صراحة لم نستغرب أبداً وقوف دولة قطر إلى جانب الشرعية في تركيا، وإلى جانب الشعب التركي في تلك اللحظات العصيبة والصعبة. إنه من المهم جدا أن تعرف من وقف معك ودعمك في تلك الظروف الصعبة والعصيبة. ودولة قطر اعتبرت الانقلاب الإرهابي في تركيا هجوما على قطر؛ وهذا يترجم العلاقات الأخوية والتضامن الذي يجمع البلدين. ونحن نفخر للغاية لمرافقة دولة قطر لتركيا خلال الأزمة العصيبة. ونؤكد لأصدقائنا في قطر وللعالم كله أن الشعب التركي خرج منتصرا من هذه المحنة، وخرج منها أقوى مما كان عليه، وهو اليوم يعرف جيدا من وقف معه في محنته، ومن وقف ضده. ما أهمية ودلالات زيارة وزير الخارجية القطري لأنقرة، بوصفها الأولى لمسؤول عربي بهذا المستوى؟ - الزيارة تعكس موقف قطر المبدئي بالوقوف إلى جانب الشرعية في تركيا، وتعكس تضامن دولة قطر مع الشعب التركي في هذه اللحظات التاريخية الهامة، سيما وأنها أول زيارة لمسؤول عربي بهذا المستوى إلى تركيا، التقى خلالها سعادة الشيخ محمد بن عيد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية لدولة قطر بالرئيس رجب طيب أردوغان ومسؤولين في الدولة التركية. وهي خطوة إضافية تحسب لدولة قطر الشقيقة، بوصفها أول دولة توفد مسؤولا لها بمستوى وزير الخارجية للوقوف مع الشعب التركي، بعد أن كانت في مقدمة الدول التي أدانت المحاولة الانقلابية الإجرامية. هل اتفاق على زيارات متبادلة بين مسؤولية البلدين قريباً؟ - ليس لدي علم حاليا بوجود ترتيب لزيارات متبادلة، فنحن نعيش كما تعلمون مرحلة ترتيب مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب الفاشل الذي خرجنا منه منتصرين. ولكني على يقين، أنه في أقرب فرصة ستكون هناك زيارات إلى قطر، وتبادل لزيارات أخرى بين مسؤولي البلدين. وأنا بصفتي رئيسا لجمعية الصداقة البرلمانية التركية القطرية، أسعد جدا بزيارة دولة قطر، وسأسعى لترتيب هذه الزيارة في أقرب فرصة إن شاء الله، لأقدم الشكر نيابة عن الدولة التركية والشعب التركي لدولة قطر قيادة وشعبا على موقفهم التضامني التاريخي مع تركيا خلال الأزمة التي عشناها. إقليميا، ما طبيعة التنسيق الثنائي بين البلدين لإيجاد حل للأزمة في سوريا والتكفل باللاجئين الموجودين على الأراضي التركية ومناطق مختلفة من العالم؟ - تركيا تتابع كل التغيرات، وتسعى للعب دوري إيجابي لإحلال السلام والدفاع عن حقوق الإنسان في العالم. وهناك تنسيق قائم بين البلدين على المستوى الرسمي، وتنسيق على مستوى الجمعيات الخيرية القطرية التي تقدم دعما للاجئين السوريين بالتنسيق مع السلطات في تركيا. أثار تصريح للرئيس أردوغان عن نيته تجنيس الكفاءات السورية جدلا ساخنا داخل المجتمع التركي، مع تعالي الأصوات الرافضة للقرار، في وقت تأوي بلادكم أزيد من 3 ملايين سوري، معظمهم يقيم داخل البلاد، فما فرص تطبيق القرار؟ - أولا، أنوّه بأنه ليس هناك قرار رسمي اتخذ بهذا الشأن لحد الآن. الرئيس أردوغان طرح الفكرة، وهناك من استقبلها إيجابا، وآخرون أبدوا اعتراضهم. وتركيا دولة ديمقراطية، وستفتح الموضوع للنقاش، ونأمل أن يشعر الشعب التركي بحقوق السوريين في التجنيس، ونيل حقوق أخرى. فهؤلاء السوريون يقيمون في تركيا وليس لهم إجازة الترخيص بالعمل، وتواجههم بعض الصعوبات في حياتهم اليومية، ونحن نريد أن نسهل لهم ظروف العيش، ونمنحهم انخراطا أكبر داخل المجتمع التركي. شهدت تركيا في الآونة الأخيرة، وتحديدا منذ استقالة السيد أحمد داود أوغلو من رئاسة الوزراء، تغييرات جوهرية في سياستها الخارجية، تجلت في إعادة تطبيع علاقاتها مع روسيا وإسرائيل، وصولا إلى الحديث عن مراجعة العلاقات مع مصر ودول أخرى، ما تفسير ذلك؟ - في الحقيقة، هذه التغييرات بدأت في عهد السيّد أحمد داود أوغلو، وبدأت تتجسد بعد استقالته من منصب رئيس الوزراء، فقد كانت هناك محاولات لإعادة تطبيع العلاقات مع روسيا، ومع إسرائيل، وكانت لدى تركيا شروط، وبدأت المفاوضات في عهد السيد أحمد داود أوغلو، وشهدت دفعة أقوى وتعجيلا للمفاوضات في عهد رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم. هل يمكن القول إن تركيا تحاول العودة إلى مرحلة «صفر مشاكل» التي تحدث عنها سابقا أحمد داود أوغلو، عبر تطبيع علاقاتها مع روسيا ومصر وكل خصومها السياسيين؟ - حينما ترى أن هناك صعوبات في السياسة فلا بد أن تقوم ببعض التغييرات، ويتنازل الجميع في مواقفه قليلا لنفتح مساحة للكل ونغيّر الحالة نحو الأحسن، لأن الوضع الحالي لا يخدم أحدا، لا تركيا ولا أي طرف آخر، سيما وأن تركيا تناضل لأجل السلم في العالم. ومن يأتي بالمبادرة يكون هو الأقوى، ونحن نريد أن نكون متقدمين في الخطوط. تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أثار شكوكا واتهامات لتركيا بتخليها عن القضية الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة، كيف تردون على ذلك؟ - أبدا، ليس هناك أية نية للتخلي عن القضية الفلسطينية وعن دعم غزة. ولا نية للتخلي عن مطالبنا لإسرائيل بالانسحاب من حدود 1967، وتوقيف الاستيطان، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين. وما مصير شرط تركيا رفع الحصار عن غزة، مقابل التطبيع مع إسرائيل؟ - هذا الشرط كان في بداية المفاوضات مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتركيا ستواصل دفاعها عن غزة وعن فلسطين. وتركيا لا تتنازل عن مواقفها إزاء دعم الفلسطينيين، لأن فلسطين هي قضيتنا الأولوية في تركيا. ماذا عن إعلان الرئيس أردوغان نيته في تطبيع العلاقات مع مصر، موازاة مع رفضه الاعتراف بالرئيس السيسي، كيف يمكن فهم الموقف الذي قد يبدو متناقضا؟ - هذا الموقف ينبغي أن يفهم بشقيه، دون الفضل بينهما. تركيا لا تتنازل عن موقفها بإدانة النظام المصري الذي يقمع الحريات وينتهك حقوق الإنسان وحقوق المسجونين والسياسيين، وتركيا تطلب وستطلب من النظام المصري الحالي ضرورة تطبيع العلاقات داخل مصر أولا. لو أفرج النظام المصري عن الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات الإخوان من السجون، هل سيكون ذلك كافيا لتركيا لتطبيع العلاقات؟ - طبعا هذا ليس المطلب الوحيد، فهناك انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في مصر، حيث قتل 3 آلاف شخص، وغيرها من الانتهاكات. ما مدى إمكانية حدوث تطبيع كامل للعلاقات مع مصر، في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ - لو بقي السيسي رئيسا للنظام المصري، فلن يكون هناك تطبيع بشكل كامل للعلاقات. ولكن بالمقابل، هناك علاقات بين الشعبين لا يمكن توقيفها أو تجاهلها، فهناك الآلاف من الأتراك يزورون مصر، والآلاف من المصريين يأتون إلى تركيا. هل تتوقعون أن يقبل النظام المصري أي نوع من تطبيع العلاقات، في ظل إصرار تركيا على عدم الاعتراف بالرئيس عبدالفتاح السياسي؟ - الأمر يعود لهم. وإن لم يقبلوا، فلا بأس. هل تلقيتم أي إشارات إيجابية من النظام المصري؟ - لا أبدا. تداولت تقارير إعلامية زيارة مرتقبة لوفد من حزب العدالة والتنمية إلى القاهرة لتمهيد التطبيع، متى سيتم ذلك؟ - ليس هناك أي زيارة من هذا القبيل. ماذا عن التقارير التي تكهنت باحتمال تخلي تركيا عن قيادات الإخوان المسلمين المصرية المقيمة فوق أراضيها، مقابل تطبيع العلاقات مع القاهرة؟ - هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، فالقيادات المصرية من الإخوان المسلمين الموجودين في تركيا هم لاجئون ولديهم إقامات قانونية لظروفهم الإنسانية. وتركيا حريصة على حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين، ولا يمكن أن تتخلى تركيا عن هذا النهج. ;