ثلاثة أفعال في ثلاثة مواقع متباعدة، ولكن رابطها واحد، محادثات الكويت، واتفاق صنعاء، ومحاولات التسلل على الحدود السعودية، كلها بتأثير محرك واحد، من وراء الكواليس. كانت إطالة أمد المحادثات هدف الانقلابيين، ميليشيا الحوثي وأتباع المخلوع صالح، لرص صفوفهم، وتجميع قواهم، والتقاط أنفاسهم، وهذا أمر لا يخفى على كثير من المراقبين، ومع ذلك استمرت المحاولات، أملاً من الدول الراعية للمحادثات في الوصول إلى حل. كان إعلان صنعاء بين طرفي الانقلاب بمنزلة رصاصة الرحمة على محادثات الكويت، أو كما يصفه بعض السياسيين بـ «انقلاب جديد»، وهو، في واقع الأمر، ثمرة من ثمرات الهدنة، التي منحتها دول التحالف للأطراف اليمنية، من أجل التوصل إلى حل سلمي، وتجنيب الشعب اليمني مزيداً من ويلات الحرب والدمار. مراوغة الثعالب ظهرت جلية في هذا الاتفاق الذي ضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية، غير آبهٍ بحال الشعب اليمني ومعاناته طوال فترة الانقلاب، بل اتضح أن الانقلابيين كانوا يخططون أثناء الهدنة لذلك الاتفاق. الهدف الآخر من أهداف الانقلابيين في إطالة أمد الحوار هو تجميع قواهم، لإعادة محاولاتهم العبثية للمساس بالحدود السعودية، بإرسالهم مئات المقاتلين، على الرغم من أن حدودنا ليست طرفاً في أي حوار بين «الفرقاء» اليمنيين. خابت أوهامهم، وتصدت لهم القوات السعودية المشتركة في «جبل مخروق» و«ربوعة»، وكبدت ميليشيا الحوثي والمخلوع خسائر في العتاد والأفراد في معارك رادعة لمن تسول له نفسه اختراق حدودنا، تناثرت على إثرها جثثهم وأضحت طعاماً سائغاً للسباع. ثم يظهر «عفاش» من جحره في تلك الأثناء مهزوزاً، مراوغاً، كعادته، ليمد يده المحروقة بالسلام، والحوار المباشر مع الشقيقة الكبرى، أنسيت أن رجالها قد عرفوك أيها اللئيم؟ فلن تقوم لك قائمة بعد اليوم!