المجتمع يطالب الصحافة - أو حتى بعضهم البعض - عند إيراد المعلومة أن تحوي أرقاما دقيقة.. لكننا لا نستطيع توجيه اللوم وقتما تأتي غير دقيقة أو غير محددة.. الناس تفتقدها فكيف تعطيها! لكنني - هذه لقطة غير متعمدة - لا أجد عذراً مطلقاً لرئيس مجلس أمناء صندوق المئوية - الأمير عبدالعزيز بن عبدالله - مع حفظ بقية الألقاب - وهو يورد أرقاماً تقريبية عن الصندوق، على الرغم من كونه يستطيع - وهو الرجل العملي والجاد - إمداد الرأي العام بكشف دقيق جداً لمسيرة صندوق المئوية منذ تأسيسه قبل ستة عشر عاماً! الأمير يقول في حوار مع الزميل فهيم الحامد إن صندوق المئوية نفذ أكثر من 3900 مشروع بقيمة إجمالية تجاوزت 811 مليونا ومشاريعه وفرت 5000 وظيفة و8400 مرشد ومرشدة ودربنا 30 ألفاً .. هذه أرقام غير دقيقة! ما هذه الوظائف؟ ومن الذين استفادوا منها؟ ومن أي المناطق؟ وما هي المشاريع التي تجاوزت الخمسة آلاف؟ وأين تركزت؟ ومن هم المستفيدون منها؟ ومن هم المتدربون؟ وما هي المراكز التي دربتهم؟ وهل حظيت مشاريع التدريب بمنافسة عادلة، أم أن الأمر تم وفقاً لقاعدة "أمسك لي وأقطع لك"؟.. أسئلة كثيرة أعلم أنها من صميم عمل مجلس الشورى؛ لكن طالما المجلس لا يسأل فمن حقنا أن نسأل ومن حقنا الحصول على إجابة! الأمر بالمناسبة لا يقتصر على إحصاءات "صندوق المئوية".. علاقتنا بالأرقام الخاصة بالإنسان مشوشة وغير دقيقة - بل غير جادة - قبل يومين قرأت تصريحاً للمتحدث الرسمي لحرس الحدود، يقول قبضنا على ألفي شخص حاولوا تجاوز الحدود بحثاً عن الفقع.. هكذا بالضبط ألفا شخص.. لا زادوا ولا نقصوا! - أحياناً تشعر حينما نتعامل مع الأرقام الخاصة بالإنسان، أننا نتعامل مع "خيشة فقع"، أو "ضبطية كبتاجون"، أو كرتون طماطم.. هل سبق أن قمت بعدد حبات الطماطم حينما تشتري كرتون طماطم - هذا يبدو أمراً مضحكاً! ارفعوا من قيمة الإنسان حينما تتحدثون عن الأرقام المتعلقة به، وأعلنوا عن الأرقام بدقة ووضوح.. الأمر بسيط للغاية في زمن التعاملات الإلكترونية.