الإسلام دين الوسطية، دين السلام والرحمة، فالشريعة السمحة تحرم العنف فكرا وسلوكا، وتنبذ الفرقة والتناحر، وتعظم قيم التراحم والحوار بين المسلمين بعضهم البعض، ومع غير المسلمين، وتحفظ للمجتمع المسلم ترابطه ووحدته والتراحم بين أعضائه، وتعظيم حرمة دماء المسلمين وحرمة النفس، فكيف بمن يمتطي الغلو والتنطع ويحرض على الكراهية والفرقة، ويتخذ العنف والإرهاب والإفساد في الأرض سبيلا وسلوكا إجراميا باسم الإسلام، والدين منهم ومن فكرهم وجرائمهم براء. من هنا جاء الأمر الملكي القاضي بعقوبة كل من يشارك في أعمال قتالية خارج البلاد، أو ينتمي لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية، وقد تضمن الأمر الملكي تفصيلات وضوابط حازمة لردع كل فكر منحرف، وكل من يضمر الشر ويسيء للدين ولأمن الوطن واستقراره، وذلك ضمن سياق نهج المملكة وسياستها الشرعية الوسطية طوال تاريخها. وهي مسؤولية عظيمة ودقيقة مناطة بولي الأمر، وقائمة على النصوص الشرعية والقواعد المرعية للمحافظة على أمن وسلامة البلاد والعباد واستقرار المجتمع وسلامة المواطنين وكل من يقيم على أرض هذا الوطن الطيب. إن الأمة في حاضرها، كما كانت في ماضيها، تعاني من هذا النزق والضلال الفكري والتحزب لجماعات وتيارات ذات أفكار فوضوية ليست من الدين ولا العقل ولا مصلحة الأمة والأوطان في شيء، بل إنها وعناصرها الخوارج إنما تسيء إلى الإسلام الحنيف وسماحته وتستهدف الاستقرار.. ولذلك فإن الأمر الملكي بتفصيلاته وضوابطه جاء في وقته لحماية الوطن ليعزز النعم والمكتسبات العظيمة التي تعيشها بلادنا من الأمن الوارف والاستقرار والازدهار، وهذه الخطوة المهمة التي اتخذها ولي الأمر ــ حفظه الله ــ تقطع الطريق على كل من يحاول المساس بأمننا وتلاحمنا ووحدتنا، خصوصا المنطقة والمحيط الإقليمي يشهد اضطرابات خطيرة تمثل بيئة لجماعات إرهابية تخدع وتضلل بعض الشباب باسم الجهاد، وهم أشد خطرا بفكرهم المنحرف وأهدافهم الدنيئة. إن المحافظة على نعمة الأمن والاستقرار وروح الدين الحنيف ومقاصده السمحة، إنما هي مسؤولية مشتركة بين الدولة المعنية مباشرة بذلك، وبين المجتمع بمؤسساته التعليمية والدعوية والإعلامية والثقافية والأسرة، ولهذا يستوجب الأمر الملكي تفعيل هذه المسؤولية من المجتمع ليسلم وتسلم بلادنا من شرور هذا الخطر الفكري الضال والإرهاب المتربص. حفظ الله بلادنا وأمتنا من كل سوء، ورد كيد الكائدين في نحورهم وجعل تدبيرهم في تدميرهم.