ليس التعليم بالقوة، وإنما بالتربية والقدوة. شاهدت قبل أيام لقاء مع الإعلامية والكاتبة ريم الميع، تتحدث عن أن حبها للقراءة لم يكن من خلال فرض واجبات أو وصايا أو أوامر، وإنما كان بالقدوة، شاهدت من تثق به وترى فيه نموذجا يحتذى وهو يقرأ، حينها اقتنعت أن هذا السلوك راقٍ، وأنه لا يفعل إلا ممن له شأن، وقيمة، وخلقٍ رفيع، وشغف علمي قوي. القدوة أهم من الأمر، كل الآباء في العالم يطلقون الأوامر والنصائح على أولادهم في الصبح والمساء، لكنها تخرج من الأذن الأخرى؛ لأن الأمر ليس مبررا للامتثال، الطفل والنشء يحتاج إلى مبرر متخيل للامتثال، من بينها التحفيز، والمكافأة والقدوة، أما العقاب فهو أسوأ أساليب الأمر على الإطلاق. تعجب الناس من مقطعٍ يبدو فيه رجل معلم لتحفيظ القرآن وهو يضرب طالبا لم يحفظ واجبه اليومي بالسلك الكهربائي، وهو مشهد مخيف تكرر في المدارس من قبل وكتبت عنها، لكن أن يضرب طالب، بل طفل في بيت من بيوت الله بسلكٍ كهربائي على مرأى من الناس، فإن هذه جريمة كبرى تستحق المحاسبة والعقاب. هذا الشكل من العقاب يؤجج في الطفل نزعات الانتقام والتمرد، ولا يغرنكم قول الأوائل من الجيل الذي مضى: «لكم الجلد ولنا العظم»، فالجلد والعظم ملك للطفل لا للأب ولا للمدرس! زملاء المعلم الذي فصل من تعليم القرآن، قالوا مبررين: «إن واقع معلم الحلقات سيئ، إذ يتقاضى 600 ريال في الشهر، وقد زادت رواتب (بعضهم) في الآونة الأخيرة إلى 1000 ريال، رغم أنه يعمل من بعد العصر حتى صلاة العشاء، وأوضحوا أنهم يتعرضون مثل غيرهم من معلمي المدارس في وزارة التربية والتعليم إلى مشكلات من بعض الطلاب، مثل كسر المركبة، والتعرض لألفاظ نابية»! لا أظن أن ثمة علاقة بين الراتب وسلوك المدرس، فالمحاسبة لأي فرد لا تخضع لقيمة راتبه!.