لم يمنح بشار الأسد أهل حمص المحاصَرين داخل أحياء المدينة القديمة إلا بضع ساعات خرج خلالها العشرات منهم، التقطت وكالات الأنباء صوراً لهم وهم يغادرون على متن الحافلات ويتناولون بعض الأطعمة، ثم عاود القصف بالمورتر لتتحول هدنة حمص إلى «أقصر هدنة». وبالتزامن مع إلقاء القذائف مجدداً على عاصمة الثورة، كان شبيحة النظام في الأحياء الموالية بالمدينة كـ «الزهرة» و«عكرمة» يصنعون سدوداً بشرية لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين ممن اختاروا البقاء في مناطق الحصار، والنتيجة أن عملية إدخال المساعدات وإخراج المدنيين توقفت. الاتفاق الذي خرجت موسكو أمس الأول لتقول إنه يعكس عدم حاجة الصراع السوري إلى قرار أممي؛ لم يصمد إلا ساعات لأن الأسد وشبيحته وافقوا عليه من البداية لتوظيفه إعلامياً وسياسياً ليس إلا. أما الوضع على الأرض فلم يتغير، حتى أن القصف أمس في حمص طال موظفي الإسعاف والإغاثة، ثم تلا هذه الأعمال إلقاء النظام اللائمة على المعارضة، وهو اتهام من المرجح أن يروِّج له وفد الأسد في أروقة الجولة الثانية من محادثات «جنيف2-» التي تنطلق غداً. إن ما جرى في حمص خلال الأيام الماضية يثبت أن هذه السلطة فاقدة للمصداقية بشكلٍ كامل وأنه لا طائل من التفاوض مع ممثليها إلا إذا مارس المجتمع الدولي أقصى درجات الضغط عليها لإرغامها على التسليم بإرادة الشعب السوري، أما عقد المحادثات دون ممارسة الضغوط على الأسد وحلفائه فستبدو إضاعةً للوقت لأن هذا النظام خرق كل الاتفاقات التي أبرمها خلال العامين الماضيين وأثبت أنه لا مجال إطلاقاً للتفاهم معه.