×
محافظة جازان

عسيري: حدود المملكة عصية على الانقلابيين - خارجيات

صورة الخبر

عندما لا تتوفر للإنسان الضمانات، والمعلومات المساعدة له على الكلام؛ فالنهج الذي اتخذه الضفدع بسبب الماء نهج جميل، وصمت الآدمي ليس عجزا دائما، خاصة إذا كان كلامه سيزيد تأزيم المواقف يذكر العلماء عن الشيخ أبي البقاء كمال الدين محمد بن موسى الملقب بالـ"الدميري" أنه كان تقيا بكّاءً، وقد جمع الله له بين السمت وحسن الهيئة ولطف المعشر وحلو الحديث، وكان خطيبا مفوها في سهولة ووضوح.. تلقى ـ رحمه الله ـ علوم اللغة والفقه والحديث والأدب بالجامع الأزهر على مجموعة من كبار علماء عصره منهم السبكي، والإسنوي، والنويري، وابن الملقن، والبلقيني، والقيراطي، والبهاء عقيل، ولما بلغ في معارفه مرتبة اعترف له شيوخه بها، صار مدرسا في الجامع الأزهر وغيره، ومن تلاميذه العلامة تقي الدين الفارسي، والأقفهسي، والمقريزي، وابنته أم حبيبة التي أجازها في العلم شيوخ عصرها. للإمام الدميرى، الذي مات قبل أكثر من ستمئة سنة، مؤلَّف شهير هو (حياة الحيوان الكبرى)؛ يعد أول مرجع شامل في علم الحيوان باللغة العربية، تناول فيه بالبحث 1069 كائنا، موضحا الصفات المميزة لكل كائن منها، مما كان معروفا في عهده. ذكرت بعض سيرة الشيخ الجليل لسببين: الأول هو النقل بتصرف لبعض ما ذكره ـ رحمه الله ـ عن الضفدع، والثاني أحتفظ به حتى نهاية المقال.. قال الشيخ إن النطق الصحيح لكلمة الضفدع هو بكسر الضاد وسكون الفاء، ونادرا ما تنطق الكلمة بضم الضاد وفتح الدال، ويقال للضفادع أبو المسيح وأبو معبد وأبو هبيرة وأم هبيرة، وأنواعها كثيرة، وهي من الحيوانات التي لا عظام لها، ومنها ما ينق وما لا ينق، والذي ينق منها يخرج صوته من قرب أذنه، وتوصف بحدة السمع إذا تركت النقيق وكانت خارج الماء، وإذا أرادت أن تنق أدخلت فكها الأسفل في الماء، ومتى دخل الماء في فيها لا تنق، والثعبان يستدل بصياح الضفادع عليها، فيأتي على صياحها فيأكلها، وأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد نهى عن قتل الضفدع، وهذا يدل على تحريم أكلها، وكلام غير هذا طويل ونفيس.. هذا هو سببي الأول الذي ذكرته لكم، أما الثاني فهو عن أبرز ما يستفاد من الضفادع في حياتنا من هذا الكائن الذي خلقه الله تعالى؛ والذي صوره لنا السابقون في مراجعنا بقولهم الشهير: "قالت الضفدع قولا فسرته الحكماء في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء؟" وهو نص جميل يدعو فيما يدعو إلى الصمت الحكيم، عندما لا تتوفر للإنسان الضمانات، والمعلومات المساعدة له على الكلام؛ فالنهج الذي اتخذه الضفدع بسبب الماء نهج جميل، وصمت الآدمي ليس عجزا دائما، خاصة إذا كان كلامه سيزيد تأزيم المواقف، أو يشتت المجتمع، أو ـ كما يقولون ـ يقلب على الناس المواجع.