أكد اللواء أركان حرب علاء عز الدين المدير الأسبق لمركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة، أن عقارب الساعة لن تعود للوراء، وأن خارطة الطريق انطلقت، وعلى جميع الأطراف السياسية اللحاق بالركب والمشاركة فى صناعة مستقبل الوطن، داعيًا جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي إلى تغليب مصلحة العقل،وأن يشاركوا فى العملية السياسية الجديدة وعليهم أن يتوافقوا على مرشح إسلامى يقفون وراءه، يملك مقومات الرئاسة والقيادة. وقال في حواره مع «المدينة»: إن القوات المسلحة غير راغبة فى السلطة، وتسعى فقط لدعم التحول الديمقراطي في المرحلة الانتقالية، وبما يدعم أمن واستقرار هذا الوطن،لأن القوات المسلحة دعت الدرس جيدًا من تجربة ممارسة المجلس العسكري فى إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية الأولى. وأوضح أن مد الإرهاب في سيناء في طريقه للانحسار خلال المرحلة المقبلة،وسوف تستمر عمليات القوات المسلحة بشكل منظم ودقيق تجنبًا لوقوع ضحايا من المدنيين الأبرياء،مشيرًا إلى أن هناك توافقًا بين مصر وإسرائيل على زيادة عدد القوات المسلحة المصرية فى سيناء،نافيًا حدوث قطيعة بين مصر والشعب الفلسطينى، وأن مصر سوف تواصل دورها للتوفيق بين فتح وحماس،لأن القضية الفلسطينية أحد ثوابت السياسة الخارجية المصرية بغض النظر عن النظام الحاكم في مصر. • كيف تقرأ المشهد المصري الراهن؟ ** مصر تعيش حالة فتنة بسبب تمسك كل الأطراف برأيها وترفض تقديم تنازلات أو مرونة،خاصة جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي بالرغم أنهم أساءوا لمصر خلال فترة إدارتهم للعملية السياسية للبلاد،وتسببوا في الكثير من المشكلات،ولم يقدموا حلولًا مقنعة للشعب المصري،مما جعل الملايين تنصرف عنهم،وتتظاهر ضدهم. • مظاهرات 30 يونيو مؤامرة الأطراف المدنية أم فشل للإخوان؟ * * ليست مؤامرة ولا توجد مؤامرة تستطيع أن تحرك 30 مليون شخص،وتدفعهم للنزول للميادين والشوارع،وأن السبب الحقيقي هو سوء إدارة الإخوان ومن والاهم، وإصرارهم على التمكين،وتغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن،مع نقص فى الخبرات فى إدارة شؤون البلاد حيث إن هناك فرقًا كبيرًا بين إدارة دولة بحجم مصر وإدارة تنظيم، مما جعلهم يفقدون رصيدهم فى الشارع، بل وينقلب الشعب عليهم. • هل توافق على فض اعتصام «رابعة» و»النهضة» بالقوة؟ * * من يوجد فى رابعة العدوية أو النهضة هم مصريون وأهلنا ولا تكاد تخلو أسرة من وجود أحد أعضائها منهم، أو من الطرف الآخر،ومن هنا أعتقد أنه من الخطأ فض الاعتصام بالقوة،لأنه سوف يخلف خسائر كبيرة فى الأرواح،وهو ما يرفضه كل مصري شريف،وأرى أن الحل الأمثل فى التعامل مع اعتصام رابعة والنهضة هو بالتضييق وسد منافذ الدخول والتوسع في المخارج،بحيث يتم تشجيع المعتصمين على الخروج والوصول إلى قراهم ومنازلهم دون مضايقات أو ملاحقات وأن وصولهم الآمن لأسرهم سيدفع آخرين للخروج أيضا،وهذا يقود إلى تخفيض أعداد المعتصمين،وهنا يمكن التعامل الأمنى مع هذه القلة بالدرع والعصا فقط وخراطيم المياه،دون استخدام الرصاص الحي معهم. • لكن الإخوان يقولون إن اعتصامهم هو تكرار لنفس الاعتصامات والمظاهرات التي دعت إليها جبهة الإنقاذ؟ ** من يدعو للاعتصام وإراقة الدماء فهو مخطئ سواء تمت من جانب الإنقاذ أو الإخوان،ومن المفترض ألا تقوم جماعة الإخوان بما كانت تنكره على الإنقاذ، وبغض النظر عن هذا أو ذاك فإن التظاهر السلمي حق لكل الأطراف، والمدان هو العنف وإراقة الدماء وتدمير المنشآت. • في ضوء موقف الأطراف المتناقضة..هل هناك مقومات لنجاح أي حوار؟ ** الحوار مطلوب،ومطلوب أيضًا الإيمان بأن الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة،وعلى الجميع أن يتحرك للحوار حتى لو لم يدرك النجاح الكامل،والمهم الإصرار على استمرار الحوار،ونجاح الحوار مرهون بتحقيق شرطين أساسيين هما تغليب مصلحة الوطن والحفاظ على الهوية الإسلامية،وهنا ينتابني كثير من القلق لتصاريح بعض الأطراف من جبهة الإنقاذ بالإفراط في الحديث عن العلمانية،والتوسع في الحريات بما يمس ثوابت وقيم هذا الشعب،وبما يقود إلى التحرر المرفوض. • كيف ترى حملة الاعتقالات لقيادات التيار الإسلامي؟ ** أعتقد أن الملاحقات الأمنية لا تتم بطرق عشوائية،إنما بقرارات من النيابة العامة بضبط وإحضار هذه الشخصايات على خلفية اتهامهم بالتحريض أو ممارسة العنف،وأن هذه القائمة لا تتعدى 50 شخصًا من رموز التيار الإسلامي وقيادات الإخوان وهذا يعني أن الإسلاميين ليسوا مستهدفين،إنما المتورطون فى اتهامات فقط. • لكن هذه الملاحقات تثير انتقادات غربية لمصر؟ ** الأطراف الغربية والدولية لديها حساسية لمثل هذه القضايا،ولكن انحياز هذه الدول لمصالحها أكبر من انحيازها للحرية والديمقراطية، وأن هذه الدول مارست القمع للحريات وفضت اعتصامات بالقوة،كما حدث في حي المال بلندن وتكرر في باريس والولايات المتحدة الأمريكية. • كيف تقيم الوضع في سيناء؟ ** تنفذ القوات المسلحة عملية عسكرية واسعة مدروسة ومحسوبة لملاحقة واستئصال العناصر الإرهابية والإجرامية،وأن الدقة تجعلها تبدو وكأنها بطيئة لدى بعضهم،ولكن هذا غير صحيح،لأن القوات المسلحة تقوم بعمليات دقيقة تحافظ بها على أرواح المواطنين الأبرياء وبأقل خسائر ممكنة. • هل الإخوان يحركون الأوضاع فى سيناء واستخدامها كورقة ضغط لتحقيق مطالبهم؟ ** أعتقد أن استخدام الإخوان الأحداث فى سيناء لتحقيق أهدافهم السياسية لن يتحقق، وأن سيناء لن تكون ورقة سياسية تلعب بها الإخوان،أما عن علاقة الإخوان بالأحداث فتكشفها تصاريح قيادات |إخوانية مثل الدكتور محمد البلتاجي الذي قال إن وقف العنف في سيناء مرهون بعودة الرئيس المنتخب والشرعية. • يروج البعض معلومات عن مشاركة وحدة عسكرية إسرائيلية لدعم القوات المصرية في محاربة الإرهاب؟ ** هذه نكتة سياسية سخيفة،والقوات المسلحة تملك من العناصر والجاهزية من أداء مهمتها بنجاح،فهي تنفذ العملية تحت شعار»مشرط الجراح»،لكن هذا لا ينفي وجود تفاهمات مع الطرف الإسرائيلي وطبقًا لبنود اتفاقية كامب ديفيد،ووافقت إسرائيل على زيادة عدد القوات المصرية. •ماذا عن مستقبل العلاقة مع حماس؟ ** القضية الفلسطينية سوف تبقى أحد ثوابت السياسة الخارجية المصرية،التي لا يستطيع أحد المزايدة عليها،وبغض النظر عن النظام الحاكم في مصر، وسوف تواصل مصر دورها في دعم القضية الفلسطينية، وسوف تعمل على التقريب بين فتح وحماس وسوف تواصل التعامل مع حماس، وأن المرفوض فقط هو التجسس والتخابر لأنهما مرفوضان،وأن من مصلحة حماس دعم علاقاتها بمصر لأنها الظهير والضمان للقضية الفلسطينية. • كيف ترى الموقف الأمريكي تجاه الوضع في مصر؟ ** الولايات المتحدة الأمريكية فشلت خلال ثورة 30 يونيو في أن يكون لها دورمؤثرعلى الساحة السياسية، بل كشفت عن وجهها القبيح وأصبحت جميع القوى السياسية في مصر ضدها، كما أن الاتحاد الأوروبي هو صورة أخرى للولايات المتحدة، وكاثرين آشتون تنفذ أيضًا أجندة أمريكية في محاولة الحفاظ على الجماعات الإسلامية التي تحقق مصالحه، ومحاولة فرض ضغوطها على الجميع، والقوات المسلحة عندما وضعت خارطة الطريق وضعت في حسابها جميع التأثيرات والضغوط وكانت تعلم أن ذلك لن يتوافق مع توجهات دول كثيرة،والقوات المسلحة ضالعة في السياسة،وهو السائد في جميع دول العالم، لكن ذلك يتم في الغرف المغلقة، والمؤسسة العسكرية على مدار التاريخ الحديث لم يحكمها فاسد، حتى قبيل نكسة 67، كان بها مشكلات وأخطاء لكننا لا نسميها فسادًا، والحديث الشريف الذي يصف جنود مصر بأنهم «خير أجناد الأرض» ينطبق على كل أفراد القوات المسلحة بجنودها والصف والضباط والقادة وولائهم لوطنهم وللمواطنين وليس لأي فصيل. • هناك من يروج لفكرة عودة الرئيس المعزول محمد مرسي ..هل يتحقق ذلك من وجهة نظركم؟ ** عودة الرئيس السابق محمد مرسي أمر مستحيل تحقيقه، حيث سقط بشرعية ثورة 30 يونيو وهو ما يؤكد رؤية أن ما حدث من خروج الملايين ليس انقلابًا عسكريًا كما يروج البعض، حيث إن الشعب المصري خرج بحشود غير مسبوقة في التاريخ وطالب أكثر من 30 مليون مواطن، بإسقاط النظام وإزاحة حكم جماعة الإخوان عن عرش مصر وهو الأمر الذي انحاز له الجيش المصري واستجاب لرغبة الشعب كما حدث في ثورة 25 يناير المجيدة، التي نزل فيها الجيش علي رغبات الشعب وأجبر الرئيس السابق محمد حسني مبارك علي التنحي عن حكم مصر، ومن هنا فإن عودة مرسي تعد ضربًا من الخيال،لأن القوات المسلحة لن تخون هذا الشعب، ولن تخيب ظن شعب مصر في جيشها الذي طالبه بخلع الرئيس بعد أن فشل في إدارة شؤون البلاد وتخلى عن مبادئ ثورة 25 يناير». • ولكن هناك ضغوط دولية على المؤسسة العسكرية.. كيف ترى ذلك؟ ** القوات المسلحة لا تخضع لأي ابتزاز داخلي أو خارجي وأن قرارها ينبع دائمًا من رغبة وإرادة الشعب، ولذلك رفضت رفضًا قاطعًا أي مفاوضات حول عودة الرئيس المعزول ولو لدقائق، كما أنها رفضت مجرد إجراء استفتاء حول شرعيته معتبرة أن خروج أكثر من 30 مليون مواطن في 30 يوينو احتجاجا على سياسة الرئيس السابق هي استفتاء على رفضه الشعبي وسقوط شرعيته. •هل من وجهة نظركم سوف يستمر ضبط النفس تجاه عبث أنصار المعزول؟ ** الجيش المصري لا يزال حتى هذه اللحظة يتحلى بأقصى درجات ضبط النفس تجاه مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أن هذا التوجه قد يتغير خلال الأيام القليلة القادمة بسبب لجوء جماعة الإخوان المسلمين لتصدير المشكلات خارج نطاق الاعتصام برابعة العدوية وميدان النهضة كما حدث في ميدان الجيزة وميدان رمسيس من مصادمات عنيفة بين الأهالي والإخوان. •كيف نضمن ألا يعود الشارع المصري إلى الهتاف مرة أخرى يسقط حكم العسكر؟ ** أعتقد أن قيادة القوات المسلحة لديها من الخبرة والحكمة عندما انحازت إلى الشارع المصري وأنها انحازت لتنفيذ مطالب الشعب مثل الدعوة لانتخابات رئاسية وتعديل الدستور المختلف حوله، وأن تحركها لم يكن بقصد الحكم وإدارة شؤون البلاد إنما انحازت ليحكم الشعب نفسه بعيدًا عن احتكار النظام السابق، وأن الجيش لا يرغب في تكرار تجربة المجلس العسكري السابق الذي فرضت عليه إدارة البلاد وتركها مع وصول الرئيس المنتخب. المزيد من الصور :