لا يُذكر تاريخ كرة القدم السعودية إلا ويبرز اسم عبدالرزاق أبوداود كواحد من ألمع نجوم اللعبة، وأحد أبرز قادة المنتخب السعودي سابقا، والذي لم يتوقف حضوره على إسهاماته كلاعب بل كان أيضًا إداريًا ناجحًا في ناديه الأهلي الذي تبوّأ فيه مقعد الرئيس، وهو اليوم رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية باتحاد كرة القدم الذي انتُخب له العام قبل الماضي، ويحمل على عاتقه تفعيل دور كرة القدم الاجتماعية والإنسانية، كل هذه الأدوار وغيرها ناقشناها مع أبي سليمان في حوار غصنا خلاله داخل أعماق اتحاد القدم المليء بالقضايا والمشكلات، وعرّجنا كذلك على الواقع الأهلاوي بحكم انتماء الضيف واهتمامه. المسؤولية الاجتماعية هل المسؤولية الاجتماعية منطلقك لخدمة الكرة السعودية؟ -كل لجان الاتحاد السعودي هدفها خدمة كرة القدم، والخدمة الاجتماعية مسؤولية الجميع الأولى وليس لجنة المسؤولية الاجتماعية فقط. - وماذا أعددتم لهذا العمل شبه الجديد على الوسط الرياضي؟ -أنا فخور جدًا بأن أتصدّى لهذه المسؤولية وخدمة بلادي من خلال كرة القدم التي تشرفت بالعمل فيها والانتساب لها عقود عدّة أملًا في تحقيق إنجازات جديدة تضاف لما أُحرز من قبل على يد رجال نفخر بعطائهم وجهدهم، والمسؤولية الاجتماعية لخدمة المجتمع من خلال كرة القدم ليست بالأمر السهل في وقتنا الحاضر، وسأعطيك مؤشرًا واحدًا على أهمية ذلك دوليًا، فالاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» يصرف 40 % من مداخيله على هذا النشاط، وأمنيتي أن يصرف اتحاد الكرة السعودي 10 % فقط من دخله على ذلك. وهل اللجنة ستعتمد في نشاطها على دعم الاتحاد؟ -اللجنة لن تعتمد في نشاطها على الاتحاد، فنحن وقعنا عدّة عقود مع بعض الجهات المحترمة في المملكة التي تسعى لتقديم خدمات اجتماعية من خلال كرة القدم، منها «المبادرة الوطنية للتوعية» و»التثقيف البيئي» المنبثقة عن هيئة الأرصاد وحماية البيئة ممثلة في سمو الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز، بما يزيد عن 3.5 مليون ريال ستصرف على ورش عمل، ندوات، زيارات، طباعة كتيّبات ومنشورات وسيديهات، والنشر في وسائل الإعلام المختلفة، وفي الطريق اتفاقية أخرى مع «صوت المسؤولية الاجتماعية» في جمعية «متلازمي داون» كما أننا نتفاوض مع جهات أخرى لفتح آفاق جديدة مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لتوفير وسائل الاتصال للقيام بحملات التوعية والتثقيف البيئي، ولدينا مخاطبات مع الغرف التجارية، والجامعات، والكثير من مؤسسات المجتمع، وسننشئ ورش عمل وسنقوم بزيارات لأندية دوري جميل وركاء لتفعيل هذه المسؤولية. تكريم القدامي والكرة الذهبية هل سيرضى اللاعبون باستقطاع نسب من عقودهم لمشروعاتكم؟ -نحن لم نقرّ شيئًا حتى الآن وإنما أوصينا بهذا الأمر لمجلس إدارة الاتحاد الذي سيدرسه عبر لجانه المختلفة لحثّ اللاعبين على التبرّع لهذه المشروعات، والتبرّع لها سيكون بنسب بسيطة جدًا انطلاقًا من مسؤولية اللاعب تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا موجود في كثير من أنحاء العالم، وقد بدأنا خطواتنا الاجتماعية ببرنامج تكريم أكثر من 100 لاعب من القدامي والذي سيتم هذا الأسبوع في جدّة، وهناك أيضًا جائزة الكرة الذهبية من اتحاد الكرة لأفضل اللاعبين خدمة في الجوانب الإنسانية. الأمور توافقية في ظل أزمة اتحاد الكرة المالية.. كم النسبة المخصصّة للنشاطات الاجتماعية؟ -أنا ضربت مثلًا فقط ولم نحدّد نسبة معينة، والاتحاد في طريقه لتجاوز الضائقة المالية، وسيكون التبرع من قيمة العقود التي ستوقع مستقبلًا، والأمور كلها التي طرحناها ستتم بصورة توافقية دون فرض على أحد. أوصلت «عيد» للرئاسة لماذ استقرّ بك الحال في لجنة المسؤولية الاجتماعية بعكس ما كنت تتطلع اليه عندما جرت الانتخابات خلال العام قبل الماضي؟ -رشّحت نفسي لعضوية مجلس الإدارة ولم أكن أهدف إلى لجنة معينة، ولو كنت أريد ذلك لحصلت عليه، وكان أحمد عيد هو مرشّحنا وكنت أنا المسؤول عن حملته الانتخابية. هل صحيح أن عيد تخلي عن حلفائه بعد توليه منصب الرئيس وتقرب من آخرين؟ -الأمور لا تُقاس ولا تُدار هكذا أبدًا، فأحمد أخّ وصديق وزميل طفولة وعمل.. نختلف ونتّفق في مناقشتنا داخل مجلس إدارة الاتحاد لكننا لا نفترق. خلافات مجلس الإدارة لكن معلوماتنا تؤكد أنّ الخلافات داخل المجلس تتصاعد من اجتماع لآخر.. -الخلاف في الرأي ظاهرة صحّية لمصلحة كرة القدم السعودية، والأمور تناقش بين الأعضاء، وإذا لم نتفق تُحسم الأمور بالتصويت والقرار الأخير للأغلبية. - معنى ذلك أنّك تعترف بوجود الخلافات؟ -نعم هي موجودة وطبيعية وتُعدّ ميزة لهذا الاتحاد وليس طبيعيًا أن يحدث غير ذلك. اتحاد الكرة لا يعمل كما يجب بعد مرور عام في المسؤولية هل أنت راضٍ عن أداء المجموعة الموجودة؟ - شخصيًا لست راضيًا لأن بإمكاننا أن نقدّم أكثر وأفضل لو أن البعض تخلى عن التوجّهات القديمة التي عفا عليها الزمن بسيرهم بنفس النهج والأسلوب، وأن نتطلّع إلى تفعيل دور الفئات التي تعمل تحت لواء الاتحاد، وأن نلبّي طموحات الجماهير، وأن نسعى للتلاحم ونعمل كمنظومة واحدة، حيث إن اللجان غير متلاحمة ومتجانسة فيما بينها وكل واحدة تعمل بمعزل عن الأخرى. ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ - المنظومة يجب أن يكون لها رابط وعاقد يضبط حركة اللجان ويوحّد توجّهها وهو رأس العمل الإداري. تعديل النظام الأساسي ما حقيقة أن الجمعية العمومية تعمل على إسقاط الاتحاد الحالي بتعديلات تُجرى حاليًا على النظام الأساسي؟ - من حق الجمعية العمومية في أي اتحاد سحب الثقة من أي مجلس إدارة، وخلاصة القول إنّ الكلام كثير.. الاتحاد انتُخب منذ عام وفق نظام أساسي جديد وافق عليه الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي لن يقبل بأي تغييرات في هذا النظام، وما يحدث عمل غير صحي وغير منطقي، فكل من لا يعجبه شيئًا يقوم بتغيير النظام الأساسي!. ولماذا لم تعترض على تشكيل لجنة التعديل؟ - كان من الخطأ الكبير تشكيل هذه اللجنة، لأنّ حبر النظام لم يجف بعد، فهذا يعني أنّك لا تعترف بقرارات وإجراءات الفيفا وأنّ لديك إمكانات قانونية أكثر من الفيفا، وأنا لم أكن حاضرًا لذلك الاجتماع واعتذرت عنه لمرض زوجتي. ثلاثي حرف الدال يقال إنّ ثلاثي حرف الدال (الدكتور) عبدالرزاق أبوداود، عبداللطيف بخاري، خالد مرزوقي أكثر الأعضاء إسهابًا في الحديث والنقاش خلال اجتماعات مجلس الإدارة، وأنهم لا يفرّقون بين منصّة قاعات المحاضرات الجامعية وطاولة الاجتماعات المختصرة.. ما تعليقك؟ - كلام صحيح.. فنحن نبدي آراءنا فيما نرى أنّه يحتاج لنقاش ونمارس حقنا بكل أريحية، ولن نظل صامتين حتى نُرضي الآخرين، وهناك أشخاص يتحدّثون أكثر منا. بعد السنة الأولى في اتحاد الكرة بم تفكر؟ - أفكّر بتفعيل عمل ودور لجنة المسؤولية الاجتماعية لا سيّما وأنّها تواجه تحديًا كبيرًا في عملها. لا أبحث عن الرئاسة هل تعتقد أنها ستوصلك لمقعد الرئيس مستقبلًا؟ -لا يهمّني مقعد الرئيس أو خلافه، فتركيزي منصبّ على مسيرة الاتحاد المطالب بالعمل لخدمة كرة القدم السعودية بشكل صحيح، ولو كنت أطمح بهذا المنصب لترشّحت له منذ البداية. حال الأهلي غريب - ننتقل للحديث عن عشقك القديم.. ماذا جرى للأهلي؟ -الأهلي يمرّ بمرحلة غير جيّدة وخصوصًا الفريق الأول لكرة القدم، ويحتاج معها إلى مراجعة متعمّقة وإجراء بعض التغييرات التي تعيد الفريق إلى المسار الصحيح بعيدًا عن أي إسقاطات شخصية هنا أو هناك. -وما هي أسباب الوضع الحالي؟ -خلفه تراكم أمور عديدة وليس أمرًا واحدًا، وهذا لا يقلل عطاء وقيمة القائمين على النادي الذين قدموا أعمالًا رائعة وأنجزوا للنادي الكثير وفي مقدمتها الوقوف معه في أحلك الأوقات، لكن وضع الفريق لا يُرضي طموحات الجميع وبالتالي عليهم معالجة الوضع بهدوء ورويّة وبصراحة تامة. بريرا مندفع ما هو تقييمك لدور المدرّب بيريرا فيما يحدث؟ - بريرا وصفته بشيء واحد: رجل مندفع أكثر من اللازم. وماذا ترى للخروج بالفريق من هذا الوضع؟ - قلت سابقًا وما زلت أقول أثناء الأزمات تكون مضطرًا لاتخاذ قرارات وخطوات غير محبّبة للنفس لكنك مضطر لهذه القرارات القاسية لإصلاح الوضع، وبصراحة المسألة تحتاج إلى تضحيات مباشرة عامة وشخصية. أستراليا اختبار الأخضر الحقيقي لنتحدث عن الأخضر.. ماذا تتوقع له هذا العام بعد الفترة الجيّدة السابقة؟ -المرحلة الماضية كانت ناجحة إلى حد ما، وأداء الجهازين الإداري والفني مع المنتخب مقبول، والمحكّ الحقيقي للفريق هو نهائيات كأس أمم آسيا في أستراليا، ودورة الخليج التي ستسبق كأس آسيا كمعيار استرشادي ليست مقياسًا، والمنتخب بنظرة أكثر شمولية وواقعية هو انعكاس لواقع الأندية، وواقع الأخيرة غير مرض تمامًا، فمستوى التدريب في عمومه ليس مقبولًا. وهل واقع الدوري يحكي هذا الحال؟ -نعم.. فمستوى الدوري ليس بالصورة التي نحتاجها والتي نفكر فيها. معركة سقف الرواتب وبماذا تفكرون لتغيير هذا الواقع؟ -الأفكار كثيرة جدًا، وتحويلها إلى واقع يحتاج لوقت وعمل جاد، ومنظومة تعمل بشكل متناغم وبالتالي فنحن حتى الآن لم نصل لرؤية حول تطوير مستويات الأداء في كرة القدم لدينا، ونحتاج إلى مجموعة من القرارات الشجاعة التي يجب علينا اتخاذها وصولا لهذا الهدف، فكرة القدم السعودية تعاني من إشكالية مالية تنعكس بشكل كبير على مستويات الأداء للأفراد وللفرق، والآن لدينا معركة كبيرة في اتحاد الكرة تتمثل في تحديد سقف الرواتب كأحد المعايير والأدوات التي يمكن استخدامها لتصحيح وإصلاح مسار الكرة السعودية. كيف ستخوضون هذه المعركة إذا كان السوق الدولي مفتوحًا واللاعبون الأجانب يأتون بمبالغ باهظة سيتم معها هضم حقوق اللاعب السعودي؟ - غير صحيح.. أجور اللاعبين في العالم ليست مرتفعة وهناك سقف لرواتبهم في أغنى الدول، فالأندية الانجليزية والألمانية لا يمكن لها أن تتجاوز في تعاقداتها مداخيلها الحقيقية وليس الوهمية، وعقود الأندية مع اللاعبين تتم في نفس الإطار ولا تتعداه أبدًا مهما كانت الظروف، وهناك اتحادات حدّدت سقفًا أعلى للرواتب وأقربها لنا الإمارات والجزائر ودول أخرى في أوروبا وغيرها، وبصراحة تامة لا يمكن أن يستمر الوضع الحالي في الملاعب السعودية فالأندية لا تطيق الوضع الحالي والتخبّطات والانهيارات خير دليل. جهلاء أضرّوا بالأندية ومن هم المتسبّبون في الوضع الحالي إذن؟ - هناك من لا يُحسن تقييم اللاعبين ويعتقد أنّ رفع قيّمهم يعطي للجماهير صورة بأنه تعاقد مع النجوم الأفضل، وهذا غير صحيح وغير واقعي والأمثلة بلا حصر، وهو توجه غير سليم ولا يخدم مصلحة الكرة لدينا، ويجب أن تتوقّف هذه العملية عند حدها المعقول بشكل قانوني وصحيح وواضح اقتداءً بما قامت به اتحادات عريقة في أوروبا وغيرها. وإذا لم تتجاوب الأندية معكم فما هي الخطوة التالية؟ -ليس هناك خطوة ثانية وثالثة، والأندية لا تملك حق الحل والربط، الأمر بيد اتحاد كرة القدم وحده والذي يجب عليه أن يتحلى بالشجاعة في اتخاذ قرارات مصيرية ومنها إيجاد سقف أعلى للرواتب عادل، يقوم على أساس معايير فنية وقانونية متكاملة.