د. محمد التميمي كلمات قالها الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تشخص الواقع الذي نعيشه اليوم ونرى فيه آثاره السلبية على شبابنا؛ حيث قال رضي الله عنه (الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق). فالمشكلة التي يعاني منها شبابنا اليوم أساسها الفراغ والخواء الذي جعل منهم فرائس سهلة لكل أنواع الانحرافات التي يشتكي منها المجتمع في وقتنا الحاضر، ويكمن الخطر في أن هذه المرحلة العمرية هي التي يتشكل منها المخرج النهائي لكل شاب ليبقى بعد ذلك إما الأثر الإيجابي أو السلبي لذلك المخرج. والمتأمل في واقعنا المعاصر يجد أن عالم الإنترنت فتح أبواباً من الشرور لا حصر لها، وخلق كثيراً من المشكلات الاجتماعية والأسرية والأمنية والنفسية والفكرية، وتحول بالبعض من الفئات العمرية المختلفة إلى مزالق تنعدم معها خطوط الرجعة في كثير من الأحيان، ونحن بلا شك أمام وضع مخيف وصورة قاتمة مع العالم الخفي الذي تحويه الشبكة العنكبوتية ويشكل مع الأسف ما نسبته بحسب الإحصاءات 95 % من المحتوى الرقمي لهذا الأخطبوط الذي وضع عديداً من الفئات العمرية خاصة الصغير منها أمام اختبارات صعبة قل من ينجو منها، والأخص في مجتمع فيه درجة كبيرة من الرفاهية، وتتوفر فيه فرص الحصول على الأجهزة الكفية الحديثة والمتطورة مع مستويات معيشية لا يعاني فيها البعض من صعوبة الحصول على المال مع وفرة في الوقت وانفلات الانضباط في تنظيم أمور الحياة وضعف في الرقابة الذاتية والأسرية والمجتمعية. نعم إنها مجموعة عوامل أفرزت مجموعة من المشكلات المتعددة، الأمر الذي يستدعي أن تقوم المراكز المتخصصة بدراسة تلك الظواهر الغريبة عن مجتمعنا القائم على القيم الدينية والترابط الأُسَري والتواصل المجتمعي. فالعالم الخفي في الشبكة العنكبوتية يعرف المتخصصون أنه يشمل أموراً كثيرة غير مشروعة من التجارة بالسلاح إلى الاتجار بالبشر، مروراً بتجارة المخدرات إلى شبكات التهريب، وكل ما قد يخطر أو لا يخطر ببال، ومن ذلك كله ما يتعلق بالجانب الفكري والأخلاقي والسلوكي، ومع هذا الخضم الهائل من الإفساد والانحلال تظل الجهود المبذولة للتصدي لهذا الخطر الجارف متواضعة ولا ترتقي لدرجة التحصين والمقاومة المطلوبة حفاظاً على ثروة الأمة المتمثّلة في شبابها الذي هو عدة المستقبل فهل يأتي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود لتحصين الشباب من هذه المزالق الجديدة، وأن يبحث عن حلول لما أفرزته من مشكلات لا تقتصر فقط على الجوانب الأمنية وحدها تحقيقاً لمبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج.