سيطرت القوات النظامية السورية امس على حي يخضع لسيطرة الفصائل المقاتلة في شمال غربي حلب، مشددة بذلك حصارها على الأحياء التي تسيطر عليها هذه الفصائل في المدينة بالتزامن مع استمرار معارك منبج بين «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية و «داعش»، في وقت سلم 15 عنصراً معارضاً أنفسهم في حي الوعر في حمص إلى القوات النظامية التي أفرجت أيضاً عن 14 عنصراً من فصائل معارضة جنوب البلاد. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن قوات النظام تمكنت من السيطرة الكاملة على منطقة الليرمون بعد اشتباكات عنيفة وعززت حصارها الناري لحي بني زيد الخاضع لسيطرة الفصائل المقاتلة. وكانت الفصائل تستخدم هاتين المنطقتين لإطلاق الصواريخ على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في غرب المدينة. وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادل قصف بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الأحياء الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية. ومنذ أسبوع، باتت الأحياء الشرقية حيث يعيش أكثر من مئتي ألف شخص وفق «المرصد»، محاصرة بالكامل من قوات النظام بعد قطعها طريق الكاستيلو، آخر منفذ إلى شرق المدينة. وردت الفصائل المقاتلة بإطلاق الصواريخ على الأحياء الغربية ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين. وأشار مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إلى أن «أهمية السيطرة على الليرمون وبني زيد تكمن في وقف إطلاق الصواريخ وتشديد الحصار» على الأحياء الشرقية. وأضاف أن القوات الحكومية عززت حصارها على بني زيد، مشيراً إلى أن الاشتباكات جارية وسط غارات جوية مكثفة في المنطقة. ولم يتمكن «المرصد» من الإعلان عن حصيلة فورية للمعارك. وتمكنت القوات الحكومية في السابع من تموز (يوليو) من قطع طريق الإمداد في الكاستيلو بعد تمكن قوات النظام من السيطرة ناريا عليها إثر تقدمها إلى تلة استراتيجية. وشددت القوات الحصار على الأحياء الشرقية منذ ذلك الحين ما أدى إلى نقص في الغذاء وارتفاع الأسعار في هذه الأحياء. وأفادت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام عن تقدم الجيش النظامي في الليرمون، مؤكدة أنه يؤدي إلى بسط نفوذه على «منطقة واسعة من المعامل قوامها أكثر من 33 معملاً كانت تشكل عصب الاقتصاد في حلب». كما واصلت القوات النظامية أيضاً قصفها لمناطق المعارضة في المدينة، حيث أسفر القصف بالبراميل المتفجرة على حي المشهد عن مقتل 18 شخصا بينهم امرأتان وأحد الأطفال. كما قتل خلال القصف أحد قادة الفصائل المقاتلة وأربعة من أفراد عائلته، بحسب المرصد. وأشار «المرصد» إلى أن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع بسبب وجود عالقين تحت الأنقاض بعد 24 ساعة من الهجمات. وكان «المرصد» قال إنه «ارتفع إلى 25 على الأقل بينهم 5 أطفال و3 مواطنات والقائد العسكري لكتائب أبو عمار ياسين نجار مع عائلته، عدد الشهداء الذين قضوا خلال الـ24 ساعة الفائتة إثر قصف لمروحيات النظام على حي المشهد اليوم (أمس)، وجراء المجزرة التي نفذتها طائرات النظام المروحية باستهدافها حي المشهد بالبراميل المتفجرة، في حين لا يزال عدد الشهداء قابلاً للارتفاع لوجود عالقين تحت أنقاض المباني التي دمرتها مروحيات النظام». وأشار إلى استمرار «الاشتباكات في منطقة الليرمون بين قوات النظام والمسلحين الموالين من طرف، والفصائل المقاتلة والإسلامية من طرف آخر، وسط مزيد من التقدم لقوات النظام في المنطقة، وتترافق الاشتباكات مع قصف متبادل بين الجانبين». سقطت عدة قذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية على مناطق سيطرة قوات النظام في أطراف حي جمعية الزهراء بمدينة حلب، بينما قتل «طفل متأثراً بجراح أصيب بها جراء قصف جوي على منطقة جسر الحج منذ نحو يومين، بينما قصفت قوات النظام بشكل مكثف مناطق في ضهرة عبد ربه وطريق الكاستيلو والليرمون شمال حلب، فيما قضى مقاتل من الفصائل الإسلامية خلال اشتباكات مع تنظيم «الدولة الإسلامية» بريف حلب الشمالي، كما قصفت طائرات حربية مناطق في بلدة كفرحمرة بريف حلب الشمالي الغربي، في حين استشهد مقاتل من الفصائل الإسلامية خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في محيط حي الخالدية بمدينة حلب». وشرق حلب، قال «المرصد» إن «الاشتباكات لا تزال مستمرة بين قوات سورية الديموقراطية من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر، بالتزامن مع قصف متبادل بين الطرفين وتحليق لطائرات التحالف في سماء المدينة، وتتركز الاشتباكات المتبادلة بين الجانبين في القسم الجنوبي الشرقي لمدينة منبج، والطريق الواصل إلى البازار في المدينة، بينما تمكن مواطنون من الخروج من مناطق سيطرة تنظيم «داعش» والوصول إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بأطراف المدينة». وكان «المرصد» أشار إلى أن «عائلات جديدة تمكنت من الفرار من أحياء في مدينة منبج، حيث توجهت إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديموقراطية جنوب غرب مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، بينما سقطت قذائف على أماكن في منطقة الصياد بريف مدينة منبج، ما أدى إلى إصابة طفلين اثنين بجروح، كما نفذت طائرات التحالف الدولي عدة ضربات على مناطق في مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، فيما استهدف تنظيم «داعش» بنيران قناصاته مواطنة واثنين من أطفالها، وذلك أثناء محاولتهم الخروج من مناطق سيطرة التنظيم في ريف مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، كما وردت معلومات عن اختطاف التنظيم خمسة مواطنين من قرية نعمان شمال مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، بالإضافة لاقتحامه قرية دوير الهوى بريف حلب الشمالي، واعتقلت عدة شبان واقتادتهم إلى جهة مجهولة». قال «المرصد» أن 15 عنصراً من فصائل عاملة في حي الوعر المحاصر من قوات النظام في مدينة حمص «سلموا أنفسهم مع أسلحتهم ونقاط حراستهم في بساتين حي الوعر إلى قوات النظام». وأكدت مصادر أن «حالات مشابهة جرت خلال الأيام الفائتة بشكل إفرادي أو على شكل مجموعات مؤلفة من عدة مقاتلين وعناصر من أبناء الحي، ممن يقومون بتسليم أنفسهم لقوات النظام مقابل «تسوية أوضاعهم»، بعد سوء الأوضاع الصحية والمعيشية والإنسانية داخل الحي المحاصر من قوات النظام والمسلحين الموالين». وجرت محاولات عدة لتوقيع اتفاق مصالحة بين القوات النظامية وفصائل المعارضة في حي الوعر آخر حي يخضع لسيطرة المعارضة. في الجنوب، أفاد «المرصد» بأن «مجموعة عناصر من قوات النظام، تمكنوا من فك احتجاز 14 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، كانوا قد أسروا في وقت سابق، وذلك من سجن الكوبرا الذي تسيطر عليه جبهة النصرة الواقع بين بلدتي كحيل وصيدا بريف درعا» بين دمشق والأردن. وعلم نشطاء «المرصد» أن قوات النظام تسللت إلى السجن من محور خربة غزالة، واتهم مقاتلون فصائل في المنطقة بالتعاون مع قوات النظام وتسهيل دخولها إلى السجن «حيث جرى قتل الحارس وهو يعاني من إعاقة سابقة نتيجة انفجار لغم به، ومن ثم تم فك احتجاز العناصر الـ14 وإعادتهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام».