×
محافظة المنطقة الشرقية

دول الخليج تطلق أولى خطوات الاتحاد الجمركي نوفمبر المقبل

صورة الخبر

(إذا لمِ أكن بين أنيابِ المعاناةِ فكيف لي أن أشعرَ بآلامِ أصحابها)؟!! إذن وبهذا السؤال اللا إنساني أتنازلُ عن إنسانيتي فماذا عن دِيني الذي جاءَ فيه على لسان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلّم: (مَثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الأعضاء بالسهر والحمّى). أعزائي القراء الكرام اسمحوا لي أسألكم: هل يجبُ أن أمرضَ بالسرطان؟ِ وأتجرّعَ ألمَ جرعاتِ العلاجِ الكيماوي، والذي يتساقطُ على إِثرهِ شَعري، ويذبلُ جسدي، وأعيش والقلق يعصف بقلبي، وينتصر الشعور باقتراب الموت على كلّ فرحة يزينها لي الأحباب، وعلى كلّ ابتسامة يرسمها لي الأصحاب، وعلى كل هدأة أحاولها أنا.! هل يجب أن يحدُث ذلك كلُّه حتى أشعر بمعاناة مريض السرطان؟! أم هل يجب أن أُشرّد خارج حدودِ وطني أو أضطرَّ للجوء إلى غيره وأذوقَ ذلّ التشرد وقسوةَ الغربةِ لأشعرَ بمعاناة اللاجئين وذلِّ الغرباء والمُبعدين عن أوطانهم ظلما وعدوانا؟! أم هل يجب أن يموت زوجي أو أنفصل وأذوق الوحدة وقلة الحيلة في مجتمعٍ لا يعترف بي إلا وبجانبي رجل؟! ولا يحترم اسمي إلا إذا كان مدونًا في بطاقة رجل؟! في مجتمع لن  ييسّر لي قضية ولن يمضيَ لي معاملةً إلا إذا كان خلفي رجُل وعن يميني رجُل وعن يساري رجل ومن أمامي رجُل؟! هل يجب أن أترمّل أو أنفصل حتى أشعر بمعاناة الأرملة والمطلقة؟! هل يجب أن أفقد هويتي وأسجل وأبنائي في الأوراقِ الرسمية بلا جنسية حتى أشعر بالألم الذي  يشعرون به وهم يرون أنفسهم غرباء وهم في أوطانهم وينتمون لها ولا ينتمون؟! أم هل يجب أن أبيت بلا مأوى أنا و أبنائي وأتقلّب وإياهم على رصيف بخيل بارد تحفّنا المخاطر من كل اتجاه، وتؤزّنا أصواتُ العابرين والمارّة والمركبات،ِ وأشمّ الطعام على مقربة ولا أذوقه، حتى أشعرَ بمعاناة الفقراء والبؤساء وأبناء الشوارع والمساكين؟! لكُم أن تعدّوا ما شئتم وأعجز عن حصره من أنواع المعاناة وتسألوا أنفسكم ذات السؤال: هل يجب أن أكون بين فكّي المعاناة حتى أحس وأشعر بأصحابها؟! يا للعجب!! وإن تعجب فعجيب قولهم: وما الذي يجبِرهم على المعاناة؟! سأجيبكم، وإن كان قبولي بالإجابة عن سؤالكم هو ضرب من النزول إلى مستوى أدنى لا أرضاه لإنسانيتي، سأجيبكم وأقول: إنّ الذي أجبرهم على تحمّل المعاناة هو القَدر الذي وطّد لك أنت دعائم الحياة وأرخى عليك أستار الراحة، وقدّ لك طريق الكفاح من قُبُل ومن دبُر لتجد نفسك متربعًا عرش السعادة دون معاناة تُذكر، إلا ما صرفتَه  على أكواب الشاي وأنواع القهوة وأصناف المكسّرات ولوازم الظهور وتغيير الوضعيات والمكاتب، وما إلى ذلك من مستلزمات تساعدك على أن تطفو على سطح المجتمع كما ينبغي لك.! هو القَدر الذي سخّر لك من يقوّض لقفزاتك جميع الحواجز، ويثني لك الظروف ويسخّرها لتركع أمام طموحك ورغباتك، هو القدر، الذي جرى على غيرك بالمرض، وجرى عليك بالصحة، وجرى على غيرك بالبلاء، وعليك بالعافية، جرى على غيرك بالتشرد والضياع، وعليك بالاستقرار والتمكين، جرى على غيرك بالفقر، وعليك بالغنى، وجرى على غيرك بالسجن وعليك بالحرية، جرى على غيرك بالحرب والاضطهاد وعليك بالأمن والمساواة، جرى على غيرك بأزقة تعيسة وأرصفة باردة، وكوابيس مزعجة، وعليك بمسكن فاره وفراش وثير وأحلام سعيدة.! يكفيك هذا عزيزي القارئ أَم أزيد؟! بل إنه كافٍ لمن كان له قلب أو ألقى السمع..! أفلا تكون بعد هذا يا هذا عبدًا شكورا؟! وتنسب النعمة إلى مانحها وتجرد نفسك من كل حول وقوة قبل أن يجردك الله من كل ما تعتدّ به، أفلا تشعر بمن فقدها وتنزل لتتلمّس معاناتهم، وتتحسّس من أنينهم وتتذكر أن الرصيف الذي تعبره أنت متنزهًا أو ممارسًا لتدريباتك الرياضية هو لغيرك مأوى وسكن.! تلمّس حوائجهم ومدّ لهم يد العون ولو شيئا قليلا، أخرِج زكاة السعادة والاستقرار والراحة قبل زكاة المال.! وإن عجزت عن ذلك لسبب ما ولم تستطع أو لم يسمح لك مستواك بالنزول إلى مستواهم،  فأرحهم فقط من كلماتك الجارحة للمشاعر، ونظراتك الخادشة للكرامة، وترفّع عنهم بعيدًا عن مسامعهم.! ولكن انتبه، إياك ثم إياك أن تنسى أن الدنيا دوّارة، وأن من سننها الجارية رغم أنفك أن دوام الحال من المحال! رابط الخبر بصحيفة الوئام: اشتكى العضوُ ولمْ تتداعَ الأعضاء!!