×
محافظة المنطقة الشرقية

الجبير ينقل تعازي الملك سلمان في استشهاد الملازم أول طيار محمد الحسن

صورة الخبر

لم يمضِ شهر على إعلان لجنة تحقيق بريطانية عن الخطأ غير المبرر الذي ارتكبه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عندما قرر دفع تعزيزات عسكرية بالتشارك مع أميركا في العراق بحجة "وجود أسلحة دمار شامل في العراق تهدد المنطقة"، حتى يطل علينا مجلس الأمن بقرار ضرورة سحب الأسلحة الكيميائية من ليبيا، بطلب من بريطانيا. "طلب تقدمت به بريطانيا ووافق عليه أعضاء مجلس الأمن بضرورة سحب الأسلحة الكيميائية من ليبيا خوفاً من استحواذ متطرفين عليها واستخدامها بغير غرضها" مشهد يعيد آخر حدث قبل أعوام، يختلف فيه المكان، اليوم ليبيا وبالأمس كان العراق، حجة احتلالهما واحدة "وجود أسلحة كيميائية" والحجة دوماً تبرر التدمير. عودة إلى التاريخ قليلاً، سنقرأ فيه أن أميركا احتلت دولة العراق عام 2003، بحجة وجود أسلحة كيميائية تحت سيطرة رئيسها آنذاك صدام حسين، وأنه من الممكن استخدامها بما يضرّ المنطقة، فاحتُل العراق ودُمر كلياً، وانقسم طائفياً بعد تعزيز المفاهيم الدينية التي تناسب أهواء أميركا وبريطانيا التي تبعتها في الامر، لنرى اليوم العراق يعاني من ويلات حجج غربية واهية، ثم نقبل الاعتراف المتأخر الذي يفيد بأن احتلال أميركا للعراق لم يكن مبرراً ولا داعي له، ولكن بعد ماذا؟ بعد احتلال وتدمير كلي للعراق؟ بعد استحداث نكبة ما زال العراق يعاني منها بل وتتفاقم كل يوم؟ اعتراف أميركي يفيد بأن حجة وجود أسلحة كيميائية تبيّن أنها كذبة استغلتها أميركا لاحتلال العراق وتدميره وبعث التفرقة والشرذمة في مجتمعه، وإحلال حالة القتل بين العراقيين لسنوات طوال ما زلنا نشاهده يومياً. قراءة التاريخ تتسطر فعلياً اليوم، فحال ليبيا اليوم ليس أفضل حالاً من العراق، منذ اندلاع "الثورة الليبية" عام 2011، والولايات المتحدة الأميركية عبر الناتو تتدخل في ليبيا وهذا لا يخفى، ليطل علينا مجلس الأمن بقراره القاضي بضرورة سحب الأسلحة الكيميائية من ليبيا خوفاً من استحواذ متطرفين عليها واستخدامها بما يضر المنطقة، وكأن مجلس الأمن قديماً كان يسمح لليبيا بامتلاك الأسلحة الكيميائية ليجيز سحبها اليوم، وكأن الدول الغربية عبر تدخلها الواضح في ليبيا تحتاج لمبرر آخر تتدخل من خلاله بمنطقة الشرق الأوسط كلها، وكأن الناظر لليبيا اليوم لا يؤمن أن الشرذمة والتفتت قد أصاب مجتمعها عدا عن القتل والإرهاب الذي يهددها كل ثانية، وكل ذلك بحجج واهية، فليبيا اليوم هي عراق الأمس، والاحتلال إرهاب يصنع الإرهاب ثم يشتكيه لمجلس الأمن الذي يبرر الإرهاب الغربي. ما يزيدنا امتعاضاً هو أن الدول الغربية تحتل الشرق الأوسط كله، وتدرك ماهية أحواله كلها، وتتدخل في شؤونه صغرت أم كبرت، ثم نتناقل خبر أن "محاربة الإرهاب وتخليص المنطقة من ويلات أخرى" هي هدف تلك الدول في احتلالها لنا، هل نحن فعلياً ننتظر اعترافاً رسمياً مستقبلياً يفيد بأن احتلال ليبيا كان خطأ آخر يضاف لسجل الأخطاء العالمية التي كلّفت دماء وضحايا لا عداد لها، وتدميرا لدول لا يمكن إصلاحها غداً!؟ المثير للدهشة أن مجلس الأمن الذي قرر استسهال احتلال ليبيا عبر حجة الأسلحة الكيميائية المدعى أنها بحوزتها لا يعلم أن الأسلحة النووية التي تمتلكها دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تحتل فلسطين منذ عشرات السنوات أخطر من الاسلحة الكيميائية في ليبيا إن وجدت أصلاً، وهل مجلس الأمن لا يقرأ التاريخ الذي تلطخ بالدم بعد كذبة جورج بوش الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية خلال احتلاله للعراق؟، هل مجلس الأمن لا يعي أن الحجة التي تستخدمها الدول الاحتلالية ذاتها ربما مع تغيير بسيط في المسميات و"بهرجتها" لتتناسب مع كمية ضخ الاحتلال لدول الشرق الأوسط؟، وهل تختلف أميركا عن بريطانيا في مسوغات الاحتلال؟ وماذا تختلف العراق عن ليبيا في حتمية التدمير المستقبلي رغم التدمير الآني التي تشهدها كلتا الدولتين وغيرهما من الدول العربية؟، وهل نُكذّب أنفسنا عندما نعلم أن الإرهاب الذي يخرج باسم الدين هو ما صنعته الدول الغربية لتدميرنا، فلو عدنا قليلاً لما قاله رئيس وكالة المخابارت الأميركية السابق جيمي وولسي عام 2006 "سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا" أليس الإسلام الذي يناسبهم هو الذي يراه الكل اليوم أنه إرهاب؟، أليس الإسلام الذي يناسبهم أصبح يعني التطرف؟، أليس الإسلام الذي يناسبهم كان من صنع يدهم وصدقناه نحن؟ أليس الإسلام الذي يناسبهم هو سبب شرذمة العراق وليبيا وغيرهما؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.