×
محافظة المنطقة الشرقية

لتوافق الإنتاج مع حاجة المستهلكين مبيعات الرطب والتمور بالشرقية تحقق أعلى المعدلات

صورة الخبر

ربما أكثر ما يعرفه الناس عن العيون هو ما جاء في التغزل في عيون النساء وجمالها وسحرها وتشبيهها بعيون المها والغزلان والجآذر، ووصفها بالسهم والخنجر فيما تصيب به القلوب، وبالنرجس والمرض لما في نظرتها من الذبول والفتور، وغير ذلك مما يطول في الغزل في العيون. العيون هي أبرز ما في الوجه، ولعلها أجمل ما فيه حسب شهادة ابن الرومي: (وأحسن ما في الوجه العيون)، فالعيون هي جوهر الإنسان، من العين تقرأ ما يدور في نقص صاحبها، وما ينبض به قلبه، وما يحاول أن يخفيه عنك، فلا غرابة إذن إن وجدت العيون اهتماما شاملا بها لم يقتصر على كونها مصدر سحر وملاحة في وجوه النساء. صارت العيون رمزا للجوهر وللثمين والقيم، فجيد الشعر (عيون الشعر)، والرأي الحكيم (عين العقل)، والكلام القيم (عين الكلام). يقول أبو العتاهية: (لا خير في حشو الكلام إذا اهتديت إلى عيونه)، وهو بيت يكثر ترداده في كتب البلاغة المدرسية ويحفظه كثير من طلاب الثانوية العامة، حيث يدرس لهم على أن من بلاغة الكلام البعد عن (الحشو) والاهتمام (بالعيون). لكن ما لا يدرس لطلاب البلاغة هو معرفة ما هو الحشو؟ وما هي العيون؟، فالطلاب لا تقدم لهم معايير محددة يقيسون بها الكلام كي يتبين لهم حشوه من عينه! ما يحدث عادة هو أن الطلاب يتركون لذائقتهم الخاصة فتحدد لهم ما هو حشو وما هو عين!! ما هي عيون الكلام؟ وما الفرق بينها وبين الحشو الذي لا يحسن جمعه إليها؟ ومتى يكون الكلام عينا ومتى يكون حشوا؟ عيون الكلام شيء نسبي يتوقف على مشاعر المتلقي ولا صفة خاصة لها، فالكلام يرتقي إلى مرتبة العين إذا كان يهمنا أو يتفق مع رأي لنا، أو يخاطب فينا مشاعر معينة كالإحساس بالجمال والمتعة، أو الخيال، أو العواطف، لذلك ليس نادرا أن نجد أحيانا ما يعده فلان من عيون الكلام يعده غيره من سقط الكلام، بل إن المتلقي نفسه قد يتغير حكمه على الكلام نفسه من حين لآخر، وربما وصف كلاما بأنه من عيون الكلام في لحظة وجده فيها يدغدغ حاجة ذاتية في داخله، ثم في لحظة أخرى تكون فيها مشاعره تبدلت وولدت عنده مشاعر غيرها، تراه لا يجد في ذلك الكلام الذي عده عيون الكلام لا يجد فيه سوى حشو لا حاجة إليه. إن هذا ينقلنا إلى موقف المبدع والمتلقي من النص ذاته، هل كلاهما يريانه بنفس المعيار فيتفقان على ما هو عين وما هو حشو؟ ألا يحدث أحيانا أن يكتب الكاتب كلاما يراه من عيون الكلام، لكن القارئ يمر به مرورا خاطفا لا يرى فيه ما يستحق التوقف أو الالتفات إليه؟!. فاكس: 4555382-11