رحلت عنا جدتي الحبيبة قرة عيني، وسلوى قلبي، وبهجة نفسي، بعدما غمرتني بحبها وحنانها، فسكن الصوت الذي كان يترنم بتسابيح الملكوت، وهاجر الطير الذي كان يغرّد بصوت السماء. قبرت وجهك وانصرفت مودعا بأبي وأمي وجهك المقبور فالناس كلهـــم لفقدك واجــــد في كــــــل بيت رنة وزفــــــير وقد صلينا عليها في جامع الملك خالد بمدينة الرياض فامتلأ الجامع بجموع المصلين وكان مشهداً مهيباً، فذكرنا ذلك بقول الإمام أحمد بن حنبل: بيننا وبينكم الجنائز، وقد ظهر الحزن على الجميع، لاسيما على أولادها وأحفادها الذين بدت نفوسهم وقد أذهلتها مصيبة الفقد. حافظت على صلة رحمها، واشتهرت بحسن خلقها مع القريب والبعيد، وتميّزت بطيب المعشر مع كل مَن عرفها وبخاصة مع أهلها وأسرتها، فكانت تعاملهم بالمحبة والإكرام، فضلاً عن عظيم حبها لأولادها وأحفادها الذين غرست فيهم حب الخير، فهم يسيرون على خطى جدي رجل الأعمال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الموسى، رحمه الله، المعروف بالبر والإحسان، وقد أوصت أولادها قبل وفاتها بأيام بأن يبقى بيتها كما كان في حياتها يجتمعون فيه لتدوم بينهم المودة والألفة. بذلت نفسها ومالها لأعمال الخير والصدقة على الفقراء، وفي شتى وجوه الخير، وعلى رأس ذلك دعم حلقات القرآن الكريم، و«دار هيا الحسن للقرآن الكريم» شاهدة على ذلك، وبناء المساجد وغير ذلك مما نعلمه وما لا نعلمه وهو كثير، وإن ذكرها بالخير بعد وفاتها لهو من عاجل بُشرى المؤمن وعمر آخر لها: فارفع لنفسك عند موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني فسارت جدتي في حياتها على ما ربَّاها عليه والداها -رحمهما الله- من الخير والصلاح، فلم تغيّر ولم تبدّل. لقد بكتها أمي الحبيبة بكاء مُرًّا، فأحرق دمعها فؤادي، وأقض أنينها مضجعي، فاللهم ارحم ضعفها، واربط على قلبها، فما أصعب رحيل الأخيار، لاسيما الأمهات والآباء الذين كانوا ملء السمع والبصر عطاء وحضوراً فإذا بهم ساكنون متوارون تحت التراب، عزاؤنا فيهم الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره، وأن فراقنا سيعقبه اجتماع لا افتراق بعده إن شاء الله تعالى في جنات النعيم. فيـا من غـاب عـنـي وهـو روحي كيف أطيق من روحي انفكاكا اللهم اغفر لجدتي وارحمها وارفع درجتها في المهديين واخلفها في عقبها في الغابرين وأفسح لها في قبرها ونوّر لها فيه واجعله روضة من رياض الجنة، اللهم آمين.. والحمد لله رب العالمين.