كلما كان هناك تماد في الاستبداد والانفراد بالرأي، والتدخل في شؤون الغير، وتأجيج الفتن، وتقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة؛ ظهرت الانقسامات، والانتقامات، وحتما سيسقط المسرح على اللاعبين والمشاهدين معا "وليم شكسبير" يصنفه المهتمون واحدا من أعظم الشعراء والكتَّاب، ويسمونه بـ"شاعر الوطنية"؛ له عبارات مشهورة، خلدها الزمن، ومنها: The whole world is a stage, and all the men and women merely actors"، ومعناها بالمختصر أن "الحياة مسرح، وكلنا ممثلون"؛ وعبارة "الحياة" هنا تدخل فيها كل أقسامها، التي تأتي في مقدمتها الحياة السياسية، والحياة الاجتماعية وغيرهما. هذه الأيام، عبارات شكسبير السابقة لا تكاد تغيب عني؛ ووجدت أن (الرجل) استطاع وصف الواقع بكل مهارة؛ فلا يوجد منا من لم يبتسم في حياته ابتسامة صفراء، أو لم يجلس جلسة مزيفة مثلا، وكل من نعرف لا شك أنه قد قام يوما بالعمل ذاته، وهذا الجزء من الناحية الاجتماعية لا أظن أننا نختلف حوله، والجزء الذي قد نتجادل فيه هو مسرحة الحياة السياسية. لا أزعم أني سياسي، وإن كنت أتذوق هذا النوع من المعرفة، وأتابعه إن سنحت فرصة، والحقيقة أني وجدت مقولة "شكسبير" في محلها، حتى وأنا أسقطها على الناحية التي ذكرتها.. في مسرح السياسة يكتب الأنانيون، والطماعون، والأحداث التي يتم الاعتماد عليها يكتنفها الغموض، والنهايات ليست بالضرورة أن تكون وردية، والمشاهد هو آخر من يفهم، أو سيفهم، وكلما يحتاجه العرض المسرحي والسياسة، أو السياسة والعرض المسرحي هو الحبكة المقنعة، والمتجددة، لئلا يغادر الجمهور المسرح، أو لأجل أن يعود إليه مرة أخرى.. من قبلنا رأوا في المسرحيات ذات النوع المذكور آنفا، خللا بينا، إن كان في النصوص، أو الأداء، أو المواقف، أو التصريحات، ووجدوا أن ذلك لم يفلح إلا في إحداث فوضى عارمة، ضيعت عليهم قناعاتهم، وأذهبت عنهم استقرارهم، وشهدوا بأعينهم كيف سقطت الأقنعة المزيفة. بدأت بعبارات غربية، وأختم بمثلها، ولكن هذه المرة لزعيم سياسي مشهور هو "إبراهام لينكون"، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأميركية، وهي:"You can fool all of the people some of the time, and some of the people all of the time, but you can not fool all of the people all of the time"، ومعناها: "يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، ولكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت"؛ وبربط هذه العبارات بالعبارات التي انطلق بها المقال، يتيسر الوصول إلى أن ما شاهده من قبلنا، وما نشاهده نحن، وما سيشاهده من بعدنا ستكون عاقبته وخيمة، وكلما كان هناك تماد في الاستبداد والانفراد بالرأي، والتدخل في شؤون الغير، وتأجيج الفتن، وتقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة؛ ظهرت الانقسامات، والفجوات، والانتقامات، وحتما سيسقط المسرح على اللاعبين والمشاهدين معا.