×
محافظة المنطقة الشرقية

خصاو: مشاركتنا في آسيوية الصالات إيجابية جداً

صورة الخبر

ليس من غايات المؤمنين ان يسعوا للوصول الى سدة الحكم، فنحن لا نجد بين علماء الامة الابرار من سعى ليكون حاكماً، ولا من صالحي الامة المسلمة من جعل غايته ان يصل الى سدة الحكم بل الى منصب من مناصب الدولة العليا، فكل هؤلاء يخشون الله ويخافونه، ويخافون على انفسهم ان يقع منهم الظلم، فإذا عرض على أحدهم المنصب فرّ منه وكأنه داء سيصيبه، والتاريخ شاهد على ذلك يروي لنا في كثير من احداثه العالم الجليل ذو العلم الواسع، والذي اليوم يتعبد الله جمهور غفير من الأمة بمذهبه يفرض عليه القضاء فيرفض توليه، فيضرب ويسجل ولا يرضى بأن يكون قاضياً، فعن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي- صلى الله عليه وسلم – انا ورجلان من بني عمي فقال احدهما: يا رسول امرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل وقال الآخر مثل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: (إنا والله لا نولي هذا العمل أحداً سأله أو أحداً حرص عليه) والحديث متفق عليه، ولن تجد كتاباً في الحديث إلا ووجدت فيه باباً عن (النهي عن تولية من طلب الامارة او حرص عليها) وفي حديث عبدالرحمن سمرة رضي الله عنه (ان النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: لا تسأل الامارة فانك ان اعطيتها من غير مسالة اعنت عليها، وان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها) وربنا عز وجل يقول (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الارض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) ومن يسعى للوصول الى سدة الحكم وغايته ان يعلو على الناس او ان يفسد شؤونهم بما له من سلطة بظلمهم او الحرص على ما لهم العام ليحوله لحسابه، فهم محرمون من الحكم شرعاً، وقال سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لصاحبه الجليل ينفر ان يطلب الامارة: (يا ابا ذر اني اراك ضعيفاً، واني احب لك ما احب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) ويرى ابو ذر رضي الله عنه انه قال لرسول الله: يا رسول الله الا تستعملي قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا ابا ذر انك ضعيف، وانها امانة، وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها وادى الذي عليه)، وعن ابي هريرة رضي الله عن النبي – صلى الله عليه وسلم: (انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة) وهذا كله كان الناس يتحرجون من الوثوب على المناصب العليا، والسعي اليها والحرص على الوصول اليها، وما ان يصل حتى ينقلب الى ذئب لا يهمه الوثوب على الخلق وفتح السجون لهم وظلمهم، واخذ يعبث بأموالهم التي جعلها الله لهم قياماً، لذا حرم الله ذلك، وحذر منه سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يعني ان يفر التقاة الصالحون من تولي المناصب وتركها لمن لا يتحلون بالتقوى وينتظر منهم الظلم والفساد، ولكن هذه مهمة الحاكم المسلم، الذي يجب عليه ألا يولي الشؤون العامة انا لمن يعرف فيه التقوى والصلاح والكفاءة لتولي المنصب والامانة فخير من استأجرت القوى الامين، وكل من يرى منه سعياً للوصول الى المناصب وحرصاً عليها لا يثق به ولا يوليه شؤون الناس، ولهذا اخطأت الجماعات التي تطرفت حينما جعلت نصب عينيها الوصول الى سدة الحكم وتولي اعلى المناصب، فخافها الناس وحق لهم ان يخافوا، فهؤلاء اذا تولوا المناصب اولوا نصوص الشرع بما يحقق رغباتهم ويحقق لهم ما سعوا اليه من توليها من التحكم في الناس وظلمهم والادعاء عليهم بالدعاوي الباطلة انهم كفروا او فارقوا الدين، بل وافتوا بقتلهم، ولن ننسى ابدا مصطلح (الحاكمية) الذي اطلقوه وجعلوه الركن الاساسي في الايمان، ليحاولوا اقناع الناس انهم وحدهم من سيحكمون بشرع الله، فاذا تولوا الامور من لم يجد احد من الناس عندهم عدل ولا رحمة، لهذا فشلت كل دعوى قاموا بنشرها ولم يستطعوا ابدا ان يصلوا الى حكم الامة، لان الله العدل الحكيم لا يولي من ساء ظنه بربه والناس، فما ان يقتربوا من الحكم الا وسلط الله عليهم من أبعدهم عنه، واني لواثق ان هؤلاء المتطرفين ليحكموا المسلمين ابدا وان الله عز وجل سيخربهم ويكشف عوارهم للناس، وسيوفق الله المسلمين الى من يحكمهم بالعدل فهو ولي ذلك القادر عليه وهو الموفق لسواء السبيل.