جاء الأمر الملكي لتحقيق أهم أحلام المثقفين في المملكة، وأحد أبرز أولياتهم المنشودة، وذلك بإنشاء هيئة عامة للثقافة، هذا الحلم الذي جمع بين سنوات من الترقب الثقافي، بأخرى قادمة من الطموح الثقافي الذي ينشده المثقفون والمثقفات لمواكبة الرؤية 2030م لتكون الهئية «الركن الشديد» على تحمل أعباء الفعل الثقافي، ورعاية قطاع مؤسساته، وتذليل كافة الصعاب إداريا، وماديا، وبرامجيا، باستقلالية تامة، تنقلها من حالة الاستهلاك، إلى مراحل من الإنتاج. من يدرك تفاصيل مشهدنا الثقافي، ومكوناته بمختلف مستوياته، واتجاهاته، وتحولاته، وتنازع الأدوار، عبر الوسيلة، والمجال والمنجز، وصولا إلى (الأثر) إيجابا كان أو سلبا، يعلم يقينا أن «أم المهام» بانتظار هذه الهيئة بدأ من تشكيل مجلس إدارتها، ومن ثم تحديد مهامها، ومكوناتها المؤسسية، وكأني بعيني «الهيئة العامة للثقافة» واحدة تستقرئ عقودا من الإرث الذي أثقل كاهله الروتين، والبيروقراطية، ولوائح لم يفلح معظمها في فك ازدواجية الأدوار، وتلبية الحاجات والأولويات.. وأخرى تقيس طول مسافة الطموح بطول الحلم الثقافي الذي بزغت شمسه للعيان. لا يمكن - أيضا- أن نتصور أن جميع المؤسسات الثقافية التي ستنضم تحت مظلة الهيئة ستشكل بنية تحتية (جاهزة) من شأنها التحول خلال أشهر إلى أذرع ثقافية نشطة، إذا ما أخذنا بواقع هذه المؤسسات التي ستكون مع وجود هيئة مستقلة في مضمار ثقافي وحضاري مختلف، على المستويين الداخلي، والخارجي، ما سيجعل العديد منها في أمس الحاجة إلى إعادة «تأهيل» ليكون رقما محسوبا في منظومة الكيان الثقافي المرتقب. ولكون العديد من زاويا المشهد الثقافي، شبيهة بـ«الثقوب السوداء» والكثير من مكونات تركته أشبه ما تكون بـ«جبال الجليد» فإن ذلك لن يقف عائقا أمام وضوح الرؤية، ونوعية الرسالة، ورسم الأهداف، التي سيشكل هويتها المثقفون والمثقفات في المملكة، في (ورشة عمل وطنية) مرتقبة، ستضع المثقفين والمثقفات على محك المشاركة في رسم ملامح هيئتهم، والإسهام في تقويم مساراتها، ومتى ما قصروا في هذا فقد جعلوا من دورهم «غرضا» تعاوره الرماة. أما «شنشنة أخزم» فقد ملأت النسيج العنكبوتي ضجيجا! مصحوبة بأنكر الأصوات، وأنواع ثغاء (القطيع) الإلكتروني، منذ تداول تشكيل لجنة برئاسة الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، لإعداد تصور لمهام الهيئة، الأمر الذي لن يعيدنا إلى مربع: من هو المثقف؟ فما يوم حليمة بسرّ! ربما تكون «الدروس المستفادة» اللبنة الأولى الأساس بيتنا الثقافي. - محمد المرزوقي