أحالت الحكومة الألمانية إلى البرلمان الاتحادي اتفاقاً أقرته أخيراً، ويتضمن التفاصيل النهائية لمشروع قانون الاندماج للأجانب المثير للجدل في البلاد. ويهدف المشروع الأول من نوعه في ألمانيا، الذي سيحال بدوره إلى مجلس اتحاد الولايات لمناقشته وإقراره أيضاً، إلى تسهيل دمج اللاجئين في سوق العمل، والاندماج في المجتمع الألماني في ظل رقابة وتوجيه من أجهزة الدولة المسؤولة في صورة غير مسبوقة. وقررت الحكومة تخصيص موازنة خاصة لإيجاد فرص عمل أكثر للاجئين، وتسهيل سبل التحاقهم بسوق العمل عبر إزالة عقبات قانونية من أمامهم. ومعروف أن قانون العمل الألماني الحالي يعطي المواطنين الألمان ومواطني دول الاتحاد الأوروبي أولوية الحصول على عمل عند التقدم لطلب وظيفة ما، أما قانون الاندماج الجديد فسيخفف من صرامة هذا الشرط ويعطي الأولوية ذاتها للاجئين. وذكرت وزيرة العمل الألمانية أندريا نالس، أن من المنتظر إيجاد 100 ألف فرصة عمل لهم خلال العام الحالي. وعند حصول طالب اللجوء على فرصة تدريب مهني تؤهله للحصول أيضاً على حق الإقامة الموقتة تبعاً لمدة التدريب، يضمن قانون الاندماج أن لا يبقى طالب اللجوء مهدداً بالترحيل خلال فترة التدريب. وعند الانتهاء منه، تمدّد السلطات المعنية الإقامة في البلاد لستة أشهر إضافية لإعطاء طالب اللجوء فرصة البحث عن عمل في ألمانيا. وفي حال العثور على عمل، ينال المذكور حق إقامة لمدة سنتين قابلتين للتجديد. وسيلغي القانون شرط السن الأقصى للحصول على فرصة تدريب مهني، كما الحال مع الألمان، ما سيسمح لكبار السن من اللاجئين بتأهيل أنفسهم مهـنياً. وتبلغ المدة الزمنية للدورات الاندمـاجية المقدمة حالياً للاجئين نحو 60 ساعة، وستـرتفع إلى 100 ساعة تبعاً للقانون الجديد. لكن هذه الدورات ستصبح إجبارية لكل طالب لجوء يتمتع بخدمات ومساعدات مالية من الدولة، حتى قبل انتهاء فترة إجراءات الحصول على حق اللجوء، وينطبق هذا الأمر أيضاً على كـل من يتقن اللغة الألمانية من طالبي اللجوء. ويتعرف طالب اللجوء في هذه الدورات إلى تاريخ ألمانيا وقوانينها وقيمها، ومجالسها والأحزاب والمنظمات المدنية فيها. وخلال ذلك ستعمل الحكومة الألمانية الاتحادية على زيادة دعم مراكز اللغة لتمكين طالبي اللجوء من مزاولة دروس اللغة فور وصولهم إلى البلاد. وفي حال تملُّص طالبي اللجوء من تطبيق إجــــراءات الاندمــاج مثل عدم الالتحاق بالدورات المخــصصة لذلك، سيعرّضون أنفسهم لعقوبات، بينها خفض حجم المساعدات المالية أو الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم. وتبعاً للقانون المعتمد حالياً، يحق لأي لاجئ الحصول على إقامة دائمة بعد ثلاث سنوات من حصوله على رخصة الإقامة بصفة لاجئ في حال لم تتغير الأوضاع في بلده في شكل جذري. وفي الوقت ذاته، يركّز القانون الجديد على مطالبة اللاجئ باستيفاء بعض الشروط مثل التمكّن من اللغة الألمانية في صورة جيدة، والحصول على دخل سنوي يضمن نفقات عيشه في ألمانيا. وعدم توافر الشروط المحددة يؤدي إلى ترحيل اللاجئ عن ألمانيا، ويعني ذلك أن بطاقة الإقامة قد تبقى في إطار موقت. ولا يحق لطالب اللجوء تحديد مكان إقامته، إذ إن حكومات الولايات الألمانية هي التي ستقرر إجراءات الأنظمة الخاصة بالسكن والإقامة، وهذا يعني أنها هي ستحدد البلدة أو المدينة التي يمكن طالب اللجوء الإقامة فيها. وذكرت الحكومة الائتلافية أن الهدف من ذلك الوصول إلى توزيع متساو على المدن والأرياف والأحياء المختلفة لطالبي اللجوء لتفادي نشوء «غيتوات» مغلقة تؤدي إلى عزل اللاجئين عن المجتمع الألماني. لكن بعض منظمات المجتمع المدني اعترضت على هذا الأمر، معتبرة أن الأرياف لا تقدم فرص عمل كافية، كما هو الأمر في المدن، ما يعني أن حظوظ من يرسَل إليها قليلة في العثور على عمل، ما سيؤدي إلى بقاء كثر من دون عمل، في حين أنه شرط أساس للحصول على إقامة أو مواجهة واقع الترحيل. وبغض النظر عن ذلك، رأى خبراء ومراقبون أن مشروع القانون يشكل خطوة مهمة إلى الأمام لجهة تنظيمه للمرة الأولى بهذه الشمولية وضع اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، والسعي الى الإفادة من قدراتهم في سوق العمل.