نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية مقالا للمحلل والخبير الإسرائيلي يارون فريدمان، يوضح فيه كيف نجا الرئيس التركي طيب أردوغان من محاولة انقلاب عسكري، مشيرا إلى وجود أوجه شبه مع إطاحة الجيش المصري بحكم الإخوان المسلمين، لكن الدعم الشعبي والحماقة العسكرية والاقتصاد القوي في تركيا، أسباب جعلت أردوغان صامدا أمام العاصفة. يقول الكاتب: إنه في وسائل الإعلام المصرية اعتقدوا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان على وشك أن يصبح محمد مرسي آخر، وبشكل سريع احتفل كثير من مقدمي البرامج التلفزيونية في القاهرة بـ»سقوط أردوغان» في الليلة التي شهدت محاولة الانقلاب، وأعلنوا سقوط راعي ونصير جماعة الإخوان المسلمين. كان حزب الله سريعا أيضا في الاحتفال بسقوط الداعم الرئيسي للثوار في سوريا، وسخر أنصار نظام الأسد في سوريا من «تقويض عرش السلطان العثماني». مع ذلك، كان الانقلاب أضعف من أن ينجح، لماذا حصل هذا؟ لماذا نجح الانقلاب ضد الإخوان في مصر، وفشل في تركيا؟ ماذا يعني فشل الانقلاب لإسرائيل؟ لقد شاهد العالم في حالة من الصدمة الصور الواردة من تركيا: طائرات هليكوبتر هجومية في السماء ودبابات في الشوارع، وأناس خرجوا لوقف ناقلات الجند المدرعة، وأخيرا موجة بعد موجة من الاعتقالات في صفوف الجنود والمحامين. للحظة، بدا أن تركيا تتجه للطريق الذي تسير فيه مصر، حيث حدث نفس الشيء بالضبط قبل ثلاث سنوات، ففي كلتا الحالتين نهض جيش علماني ضد أحزاب سياسية إسلامية، مما أدى إلى معركة أيديولوجية لتحديد مصير الأمة. في حين أن الانقلاب العسكري في مصر قاده قائد القوات المسلحة المصرية السيسي، قاد انقلاب تركيا في أنقرة وإسطنبول ضباط ذوي رتب عسكرية أقل، وعدد قليل من الدبابات وطائرات الهليكوبتر، ولم ينضم له غالبية الجيش التركي. في مصر، كان للسيسي قاعدة دعم كبيرة -خاصة في القاهرة- وتم الانقلاب في إطار احتجاجات قومية علمانية، لكن في تركيا نجح أردوغان في إخراج الجماهير المؤيدين له إلى الشوارع، عن طريق دعوة عبر تطبيق «فيس تايم» على الهاتف، الأمر الذي يكشف حجم الدعم الذي يحظى به في الدولة. حقق أردوغان نموا غير مسبوق في الاقتصاد، نجاحه الاقتصادي قائم على كمية كبيرة من اليد العاملة الرخيصة، والسياحة، والموقع الجغرافي المثالي بين آسيا وأوروبا، وخط أنابيب النفط للأكراد والإيرانيين والعراقيين، إلى جانب جهوده المتواصلة للتأكد من أن الجيش التركي لن يصبح له نفوذ قوي، كل ذلك عزز من قبضته على الحكومة. وأوضح الكاتب أنه نظريا، لو سقط نظام أردوغان وحلت محله قيادة عسكرية علمانية، لأصبحت العلاقات بين تركيا وإسرائيل أفضل، ولعادت إلى الوضع التي كانت عليه قبل وصول أردوغان إلى السلطة في عام 2003. ومضى الكاتب للقول: بنظرة واحدة إلى الوضع الحالي في تركيا، وخاصة في ضوء الدعم الشامل لأردوغان، يمكن للمرء أن يفترض أنه لو نجح الانقلاب، لن تتحول تركيا فجأة إلى بلد علماني، بل كان نجاحه سيؤدي إلى حرب أهلية بين أفراد القوات المسلحة المؤيدين لأردوغان والمعادين له، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين شرق وغرب تركيا. وختم الكاتب بالقول: إن الاقتصاد التركي الناجح هو عامل أساسي لاستقرار الحكومة، وهو أيضا ما أنقذها من محاولة الانقلاب.;