بدا الدكتور حازم الببلاوي رئيس وزراء مصر متفائلا، وهو يتحدث إلى عكاظ أمس في قصر المؤتمرات بالناصرية، لما أنجزته مصر على طريق عودة الأمن والاستقرار ووضوح الرؤية السياسية للمرحلة المقبلة بعد الاستفتاء على الدستور والاستعداد للانتخابات الرئاسية، وأشار إلى أن ما تم إنجازه سيجعل الحكومة تلتفت إلى الاقتصاد باعتباره أهم قضية في المرحلة المقبلة. وقال إن زيارته للمملكة تأتي في إطار التعبير عن امتنان وتقدير الشعب المصري لمواقف المملكة ملكا وحكومة وشعبا الداعمة لإرادة المصريين التي عبروا عنها في الثلاثين من يونيو، فهذا الدعم المهم المساند كان سندا مكن مصر من تنفيذ إرادتها دون ضغوط وسيساعدها على المضي في طريق العودة باقتصادها إلى مساره الصحيح بعد أن تعرض لتجريف حقيقي خلال السنوات الثلاث الماضية. وأكد أن مصر تدرك أهمية الاستثمارات السعودية وستعمل على إزالة كل العقبات في طريقها وإيجاد حلول للقضايا العالقة. * دولة الرئيس، العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر عريقة متجذرة والحديث عنها يطول، لكن ماذا عن آفاق زيارتكم هذه وفي هذا التوقيت؟. * * كما تفضلت، مصر لها تاريخ طويل مع المملكة ولكن في الفترة الأخيرة، فالمملكة سند مهم جدا للثورة المصرية وهو سند هام ومطلوب وفعال، ومجيئي يأتي بعد زيارة قام بها سيادة رئيس الجمهورية لتأكيد استمرار التواصل بين المسؤولين في البلدين، وأنا رأيت بمناسبة أن الأوضاع في مصر قد حققت درجة معقولة من الاستقرار أنه آن الأوان لأن أزور الدول الصديقة، فقد كنت في الإمارات منذ فترة.. وبعد الاستفتاء على الدستور وجدت أنه قد يكون من المناسب أن أقوم بزيارة المملكة، وقد أبلغت معالي السفير السعودي بالقاهرة، منذ فترة برغبتي هذه.. وفي الفترة الأخيرة أخبرني أنه تحدد لي موعد مع سمو ولي العهد. وكان أول شيء أن بلغت سمو ولي العهد رسالة من رئيس الجمهورية لتعبير الشعب المصري عن امتنانه لمواقف المملكة، وشكره للمملكة ملكا وحكومة وشعبا، وانتهزت هذه المناسبة لدعوة سمو ولي العهد في الوقت الذي يجده مناسبا لزيارة القاهرة وأن يستقبل بين أهله. الاقتصاد أهم قضية لنا * الملاحظ أن الزيارة لها طابع اقتصادي من خلال تشكيل الوفد المرافق، فما هي أبرز الاتفاقيات التي وقعتموها أو ستوقعونها في هذه الزيارة؟. * * ليس هناك اتفاقيات محددة وإنما التأكيد على أن أهم عناصر الدعم المطلوبة لمصر الآن وفي الفترة القادمة هو الدعم الاقتصادي. ففي الفترة الأخيرة، منذ ثورة 30 يونيو، مصر واجهت مشكلات متراكمة، كان فيها عنصر أمني يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لاستعادة الأمن والشعور بالأمن، ثم كان هناك أيضا عدم وضوح الرؤية السياسية مما كان يتطلب اتخاذ إجراءات توضح ما هو شكل النظام الجديد وما هي توجهاته. وطبعا نحن مشينا بهذا في خارطة الطريق وتمت الموافقة على الدستور الذي سيرسم المعالم الأساسية لشكل النظام السياسي القادم والانتخابات الرئاسية. وعودة الأمن والاستقرار، ووضوح الأوضاع الاقتصادية والسياسية ووضوح الرؤية بالنسبة لشكل النظام القادم، جعلت من الضروري الالتفات إلى الاقتصاد باعتباره القضية الأهم. إعادة الاقتصاد إلى مساره.. مسألة الاقتصاد تتطلب أشياء كثيرة من الدولة المصرية، حيث تتطلب إعادة النظر في العديد من القوانين، وخلق المناخ المناسب للمستثمرين سواء من الداخل أو من الخارج، كما تتطلب إعادة ترميم الكثير من البنية الأساسية التي استهلكت في الفترة الماضية وتتطلب توفير أكبر قدر من الضمان للاستقرار في الحياة اليومية، سواء بتوفير المواد التموينية اللازمة أو مواد الوقود، وكل الأمور التي تجعل المواطن مستقرا ومستريحا وتتيح الفرصة أيضا لعودة النشاط الاقتصادي. وعندما يتحقق الأمران: استعادة الأمن -أو الجزء الأكبر منه- وبداية الاستقرار السياسي، يصبح الحديث عن الاقتصاد هو في وقته المناسب، فأنا وجدت أنه من الواجب إعطاء المسؤولين عن الاقتصاد في مصر الفرصة ليلتقوا بنظرائهم ويناقشوا معهم آفاق التعاون ويطلعونهم على الوضع سواء من الناحية الأمنية أو من الناحية السياسية تمهيدا لفتح المجالات للدعم. * يعني أنه لا توجد هناك اتفاقيات محددة في هذه الزيارة؟. * * لا أشرتم، دولة رئيس الوزراء، إلى موضوع الدعم المطلوب لمصر، فما هو الدعم الذي تتوقعونه من السعودية في هذه المرحلة؟. * * كما تعلم أنه لا توجد دولة تقوم على الدعم الخارجي إلى ما لا نهاية، وما لم تكن مقومات النجاح في الدولة فلا مستقبل لها. والحقيقة أن الاقتصاد المصري لديه مقومات كثيرة وهامة للنجاح والتقدم، ولكن هذا لا يمنع أنه تعرض في السنوات الثلاث الماضية لنوع من التجريف الشديد في العديد من موارده، ويحتاج إلى المساعدة لاستعادة قوته لكي يبدأ، وأؤكد لك أنه لا يستطيع أي اقتصاد أن يقوم ما لم تكن فيه مقومات ذاتية للاستمرار، لكن إذا مر الاقتصاد بظروف استثنائية أدت إلى إضعافه وإنهاكه فهو محتاج إلى من يسنده لاستعادة صحته. وهذا حصل في دول كثيرة فمثلا، دول أوروبا كانت على رأس دول العالم قبل الحرب العالمية الثانية، وجاءت هذه الحرب وحطمتها تقريبا، وذلك لأسباب خارجة فكان لا بد من مساعدتها لكي تستعيد قدرتها على الانطلاق، فأنا أرى أن مصر على مثل هذا الاتجاه. * هذا كلام صحيح، لكن لنكن محددين أكثر، فزيارة بهذا الحجم وفي هذا التوقيت للمملكة العربية السعودية وهي أكبر الداعمين لمصر لا بد أن تتضمن جدولا محددا أو قضايا لها الأولوية.. * * الحقيقة أنه في الاتصالات السابقة مع السيد السفير أعطيته بعض الخطوط الرئيسية التي يمكن الحوار حولها، وفي المقابلة الأولى مع سمو ولي العهد أعطيت صورة عامة، وهو أوصى بأن تتم لقاءات ثنائية بين الوزراء المختصين. لكن، كما قلت، الحديث كان عاما غير محدد في موضوعات بذاتها، إنما في الاتجاهات الأساسية لاستمرار دعم المملكة العربية السعودية وفي رغبتها الأساسية في أن تستعيد مصر نشاطها، والاهتمام بأن تساعد مصر على خلق مناخ استثماري مناسب وأيضا تأكيد تصميم المملكة على الوقوف ودعم مصر في كل الأحوال، ولأن هذا الاجتماع التمهيدي فلربما نأخذ الأمور بشكل تفصيلي في الاجتماعات القادمة للقاءات الثنائية بين الوزراء. * ماذا ستناقش هذه اللقاءات الثنائية.. أي ما هي أولويات مصر في هذه المرحلة؟ وما هي توقعاتكم؟. * * نعم فنحن في حديثنا العام مع السفير السابق حددنا مجموعة من المجالات والتي نشعر أنها تمثل أهمية للاقتصاد المصري وأيضا يمكن فيها التعاون مع الجانب السعودي، وتحدثا في جانب أغلبه متعلق بالبنية الأساسية، وتحدثنا فيما يتعلق بقضايا النقل، وتحدثنا فيما يتعلق بقطاع الطاقة والتي توجد به أجزاء كبيرة متعلقة بالبترول، وتحدثنا في قطاع الإسكان باعتباره البنية الأساسية اللازمة، فالطاقة يدخل فيها البترول والكهرباء. الاستثناء ليس في صالح المستثمر * دولة الرئيس: يتوقع البعض، في إطار التعاون الاقتصادي والدعم اللامحدود، أن تحظى المملكة بما يسمى الدولة الأولى بالرعاية تشجيعا للاستثمار السعودي المقبل على مصر بحماس. فهل هذا وارد؟. * * هذا المفهوم موجود في الحياة السياسية، وهذا معناه أن تمنح امتيازات لبعض الدول حسب مستوى التعامل، فالدولة الأولى بالرعاية لا يعني أن تمنح دولة امتيازات دون غيرها، إنما تمنح الامتيازات حسب المستوى الذي يمكن أن تصل إليه العلاقة مع الدولة المضيفة إذا توافرت الظروف.. وبدون الدخول في المسائل القانونية، المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول وأقدمها بين الدول العربية تعاونا مع مصر، فالاستثمار قديم، وأريد أن أقول إنه في كثير من الأحيان الاستثناءات والتمييز لا يكون مناسبا للجميع، يعني أنه ينبغي أن يأخذ مستثمرو المملكة أفضل معاملة بما لا يجعل مستثمري دول أخرى يشعرون بأنهم أقل مستوى، والمهم هو أن يشعر المستثمر السعودي بأنه مطمئن، وأنه موجود. والاستثناءات ليست في صالح المستثمر لأنها قد تذهب، المهم هو بيئة قانونية تحمي الحقوق دون أن تتعرض للمفاجآت. * لا شك أن المستثمر السعودي يتطلع دائما إلى السوق المصري، لأسباب كثيرة، لكن هناك شكوى من بعض المستثمرين السعوديين من تعطل مصالحهم أو التهديد، أحيانا، بضياعها فما هي أبرز القضايا والمشكلات التي تعيق الاستثمار في مصر؟. * * أبرز القضايا هو أن المناخ القانوني في مصر فيه بعض الإجراءات التي تحتاج إلى وضوح، بمعنى أنه يحكمك قانون، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك قانون آخر سابق أو لاحق موجود، فالأوضاع القانونية والبيئة القانونية في مصر يشوبها بعض التعقيد وأحيانا عدم الوضوح، وهذا يحتاج إلى جهد كبير، أيضا مصر بها بيروقراطية عريقة، والبيروقراطية فيها دائما خطر العرقلة رغم أنها في كثير من الأحيان هي ضمان لعدم سقوط الدولة، فالبيروقراطية تلعب دورين متناقضين، هي تحمي الدولة من السقوط تماما، كما أنها تمنعها من التقدم بسرعة. * وأنا أعد لهذه المقابلة قرأت أنه يوجد 11 مشروعا سعوديا متعثرا في مصر فماذا يمكن أن تقولوا لأصحاب هذه المشاريع وغيرهم من الذين يستثمرون في السوق المصري أو يفكرون في ذلك؟، وما هي الترتيبات لحل هذه المشكلات؟. * * أنا أعرف أن هناك واحدا تم حل مشكلته قبل زيارتنا هذه وأعرف أن هناك قضايا أخرى تجري تسويتها لدى لجان التسوية، وبحسب علمي أنها في مرحلة متقدمة وستحل قريبا.. المشكلة لدينا أن هناك بعض الحالات صدرت فيها أحكام قضائية، هذه الأحكام القضائية تسبب مشكلة للمستثمر السعودي، وتسبب مشكلة أكبر للاقتصاد المصري، فنحن بصدد النظر في عمل تعديل قانوني يسمح بحل هذه القضايا التي هي من مصلحة الطرفين واللذين هما ضحيتين، فمن مصلحة الطرفين أن يصلا إلى تسوية.. ولكن توجد مسألة يجب أن نضعها في الحسبان وهي قضية الرأي العام الذي يضغط على المسؤول. وكما ترى في القنوات صار من أسهل الأشياء أن توجه للمسؤول تهمة الخيانة والفساد وغيرها.. على المسؤول أن يقوم بإقناع الرأي العام بدرجة كافية وأن القضية التي يدور حولها الحوار ليس وراءها سوى مصلحة البلد. وأؤكد لك أن هناك أشياء كثيرة، فالمستثمر يعاني، والإدارة ممثلة في الحكومة تعاني أكثر.. ولكن أهم الأشياء التي نهتم بأن نتمسك بها هي أننا دولة قانون وأن الذي يفصل هو القانون، وفي دولة القانون إذا تم عرض الأمر على القضاء لا نتدخل، وإذا أصدر القاضي الحكم لا نفعل إلا الامتثال له وتنفيذه، ونحن حريصون على أن نؤكد للناس أننا دولة تحترم القانون وتخضع له. * لكن أحيانا المستثمر يستحصل على رخص في قانون معين، ثم يأتي قانون آخر ويلغي هذا القانون، ويبدو أن من المنطق أن القانون الطارئ أو اللاحق لا ينقص ما أعطي للمستثمر من مميزات بموجب قانون أصدرته الدولة. * * طبعا، نحن في الإدارة تواجهنا قضايا صعبة التنفيذ وعندها نسمح للطرفين أن يتصالحا، يعني أنه إذا صدر حكم ضد مستثمر والدولة غير سعيدة بالحكم، فالطرفان متضايقان من الحكم، فنحن نريد إيجاد منفذ جديد يسمح بالتصالح بما يحقق المصلحة. * بعض رجال الأعمال يقولون: لماذا لا تخضع الاتفاقية التجارية بين المملكة ومصر لنظام التحكيم الدولي حتى لا يحصل خلاف؟. * * نظام التحكيم الدولي ثبت أنه ساء استخدامه بشكل شديد جدا، ومصر وكثير من الدول تعاني معاناة شديدة من هذا الأمر، نتمنى أن نصل إلى أن يحصل تحكيم عربي ويبقى في منطقة عربية، إنما في هذا الأمر أولا تستنزف أموال ضخمة جدا في تكلفة مكاتب المحاماة في الخارج والقضاء. مواجهة التطرف * دولة الرئيس: المنطقة التي نعيش فيها تتعرض لظاهرة التشدد والتطرف، والمملكة ومصر تعرضتا لهذا الأمر، فكيف تنظرون إلى التعاون السعودي المصري في مواجهة هذا التطرف؟. * * أنا أرى أننا في مرحلة تاريخية حاسمة فيما يتعلق بالتطرف الديني؛ لأن في كل وقت في الفترات الأخيرة كان هناك متطرفون ومعتدلون، وكانت الغالبية تسير مع المعتدلين، وكان التطرف دائما محصورا. لكن بعد ثورات الربيع العربي هناك تغير نوعي وهو أن عناصر من هذه الاتجاهات وصلت للسلطة وكانت في السابق موجودة في المعارضة وموجودة كأفكار في المجتمع، وعندما وصلت إلى السلطة تغيرت نظرتها تغيرا نوعيا وجوهريا، وهو أن هذا التطرف لم يكن موقفا دينيا فقط بل كان مرتبطا ببرنامج سياسي بأن هناك مجتمعا جديدا يمكن عمله ويمكن الوصول إليه، وطبعا كان هناك في هذا البرنامج فكرة العودة للخلافة الإسلامية وأنه لا توجد هناك دولة اسمها مصر ولا السعودية ولا سوريا إنما هناك خلافة إسلامية، وعندما وصلوا للحكم في مصر أنا في رأيي اعتُبِرَ هذا الأمر قمة النجاح، ليس لأن مصر هامة وإنما اعتبروا أن مصر هي المنطلق الذي يمكن أن يحقق الهدف في الدولة الإسلامية. * سؤالي عن نظرة مصر للتنسيق في هذا الإطار، وماهي أدواته وماهي النتائج المتوقعة منه؟. * * في هذا المجال أنا أعتقد أن هناك تنسيقا كبيرا وسيزداد؛ لأن من الفترات القليلة والتي فيها القضايا الكبرى التي تهم البلدين تكاد تكون واحدة، وما يتعرضان له ويخاصمانه يكون واحدا، فالبلدان في هذا الصدد يواجهان أعداء مشتركين، فما يمثل خطرا على الأمن والاستقرار في مصر هو نفسه ما يمثل خطرا على السعودية والعكس بالعكس. * يتصل بهذا قضية أمن الخليج، فالخليجيون يشعرون أن الطموح الإيراني يشكل تهديدا لأمنهم، أريد أن أستطلع موقف مصر من هذه المسألة، وكيف تصفون العلاقة المصرية الإيرانية في هذه المرحلة؟. * * قبل أن أجيب، أود أن أقول إنه كان في مصر منذ يومين رئيس وزراء ليبيا، حيث كانت قد حصلت شبه أزمه وجاء ليؤكد أن الموقف صعب في ليبيا، لأن عناصر الدولة نفسها تكاد تكون مهددة، وكان هناك شكل خارجي للدولة وإنما بدأت الآن تتهدد مقوماتها الأساسية، وكان يتحدث عن دور مصر في هذا الصدد وأهمية مساندتها. وأقول إن القوات المسلحة المصرية هي سند ليس فقط لمصر، وأن العقيدة لدى القوات المسلحة المصرية تعرف أن أمن مصر مرتبط بأمن أشقائها، ودخول مصر في حرب الخليج الأولى يؤكد هذا، فما كانت أمريكا تستطيع الدخول بدون الغطاء العربي، ولأول مرة ميثاق الجامعة العربية يؤيد قرارا يصدر بالأغلبية. * لكن يلاحظ أن الإعلام المصري لا يعكس موقفا واضحا من إيران فهل هذه سياسة الحكومة أم اجتهاد إعلامي؟. * * لا تنسى أن إيران في مرحلة مخاض جديد، وفي هذا المخاض إيران نفسها قد تتطور لتصبح شيئا جديدا مختلفا، وليس من المصلحة وهي في هذا المخاض أن نبين لها مقاومة لأننا نمنعها من أخذ اتجاه. إيران بدأت تتكلم على استبعاد استخدام الأسلحة النووية وأنها تتقارب مع الولايات المتحدة، هذا لا يمنع أنها في الوقت نفسه مازالت تأخذ مواقف غير مرضية في سوريا مثلا.. * ما دمتم أشرتم إلى الولايات المتحدة، فأين وصلت العلاقة المصرية الأمريكية بعد الثلاثين من يونيو؟. * * نحن نعتقد أن الموقف الأمريكي لم يتبلور بعد، وأن الموقف الأمريكي كانت له رؤية معينة وتبين أن هذه الرؤية المعينة لا تتفق مع الواقع فهو في حالة إعادة نظر، وإعادة النظر هذه لا تتم في يوم وليلة. * إذن كيف تصف العلاقة المصرية الأمريكية في هذا الظرف؟. * * أعتقد أن الطرفين في مرحلة ترقب لما تنبئ به الأحداث وسيكون عنصرا هاما في تحديد ذلك ما يحدث على الأرض المصرية. * أشرتم إلى سوريا، وهي الآن مسرح لصراع إقليمي دولي. فما هو موقف مصر من هذه المسألة وكيف تنسقون مع داعمي حق الشعب السوري في التخلص من نظام بشار؟. * * أعتقد أن المسألة ليست الموقف من بشار، بقدر ما بدأ يظهر على الساحة من قوى المعارضة وبعضهم هويته ليست واضحة والبعض بالغ التطرف والخطورة، فالمسألة ليست أن بشار ملامحه ليست واضحة، وإنما في بداية الأمر كان إذا سقط ستتولى المعارضة السورية التقليدية الحكم، والآن بدأت تدخل عناصر مجهولة وتؤدي إلى متاهات، أعتقد أن الوضع مرتبك. * يعني أن مصر الآن متوقفة عن إبداء رأيها في هذه المسألة؟. * * أنا لا أستطيع لأني لست وزير الخارجية لأقول التفاصيل، إنما ما أريد أن أقوله إنه على وجه اليقين أن مصر لم تكن سعيدة في أي وقت مع نظام بشار، أيضا الآن أصبح الأمر بالغ الغموض والقلق وعدم الوضوح. * مصر الآن تجاوزت الاستفتاء على الدستور بـنعم ضخمة جدا، ومقبلة على الانتخابات الرئاسية، والمشير السيسي أصبح، في قناعة الكثيرين، الرئيس القادم. أود أن أعرف تصوركم للمرحلة القادمة، بعد أن ارتفعت أصوات تبدي تخوفها، كحمدين صباحي، من عودة نظام مبارك؟. * * هذا الكلام منتشر لأسباب كثيرة، أول شيء أن هناك مصالح انتخابية، تجد أن نزول المشير السيسي يضعف فرصها، وهناك أيضا تجربة طويلة ماضية، والناس متشوقون إلى حكم مدني بالمعنى الحقيقي لا تتدخل فيه لا سلطة دينية ولا سلطة عسكرية.. فهناك تخوف عند نسبة من المثقفين وعدد من الشباب، إنما الأغلبية الكبيرة يبدو أنها لا تعيش هذا الفكر.. حتى الآن المشير السيسي لم يعلن رأيه، وإنما الشواهد توحي بأنه الأكثر شعبية على وجه اليقين، هو الاحتمال الأكبر بأن يرشح نفسه، لكن أريد أن أقول إن هذا التأخر في الإعلان عن ترشحه لأنه يدرك أن الموقف ليس سهلا، وصعب جدا.. أنا أستبعد تماما أن يعود الحكم العسكري إلى مصر، وأكاد أقول إنه إذا جاء السيسي فربما يكون الضمان لمنع التأثير العسكري لأنه من أقوى الناس وسيصبح رئيس مصر كاملة، وهو أيضا ابن الجيش ويعرف حقوقه ويعرف واجباته، ولن يسمح بتجاوزات، فالناس موجودون، وهناك أناس متخوفون وهناك أناس لهم أسباب مبالغ فيها، وإنما في الظرف الحالي الذي أراه أنه لا يوجد مرشح يتمتع بدرجة معقولة من الشعبية. * وسائل الإعلام رصدت ما تسميه (عزوف فئة الشباب عن التصويت على الدستور)، هذه الفئة كيف يمكن استعادتها للحياة السياسية في تصوركم بعد الدستور وبعد الانتخابات؟. * * أولا، عدم مشاركة الشباب بولغ فيه؛ لأن هناك جزءا كبيرا من الشباب لم يرصد بشكل كاف؛ لأن الشباب كل واحد منهم في المركز الانتخابي، فمن هم خارج المركز الانتخابي أغلبهم من الشباب، فهؤلاء صوتوا في مراكز الوافدين، وطبعا مراكز الوافدين لم يتم تفصيلهم. الأمر الآخر، أعتقد أن فيه مبالغة ولكن لا يمنع أن هناك نسبة من الشباب الأكثر ثورية كان لا يقبل عودة النظام السابق وليس سعيدا جدا بالجديد. بالنسبة للمستقبل، أنا أعتقد أن هناك محاولات لجذب الشباب، ونحن إلى حد الآن نتحدث في مرحلة انتقالية مليئة بالمثاليات، فعندما يأتي برلمان ويتم تشكيل حكومة ويتم عمل أحزاب وترتفع قيمة أحزاب.. فالناس كلهم سينخرطون في الحياة الطبيعية.