لو تغيب مواطن أمي لا يحسن القراءة والكتابة عن حضور جلسة محاكمة في دعوى قضائية رفعت ضده، فإن أميته لا يمكن أن تغفر له ذلك الغياب، وجهله بالقراءة والكتابة لا يبرر تجاهله لاستدعاء المحكمة له، أما حين يبلغ الأمر بمسؤولين في جامعة وممثلين لتلك الجامعة أن يتجاهلوا مثل تلك الدعوة، فإن الأمر يتجاوز ذلك كله ليغدو ازدراء للقضاء واستسهالا لتجاهل دعوته وإمعانا في إلحاق الأذى بمن ألجأته الجامعة وممثليها إلى القضاء ليحكم بالعدل فيما لحقه من ظلم وأصابه من أذى. الخبر الذي نشرته «عكاظ»، أمس، عن غياب من استدعتهم المحكمة الجزئية في جدة لحضور جلسة النظر في قضية أقامتها موظفة بجامعة الملك عبدالعزيز ضد الجامعة وبعض موظفيها يقدم أنموذجا لما تستشعره بعض الجهات، وما يتصف به بعض الأشخاص من استعلاء على المثول أمام القضاء، وإذا ما ضممنا إلى التغيب عن جلسة القضاء التي أشار إليها الخبر ما أشارت إليه أخبار سابقة وأكده الخبر نفسه من أن الجامعة لم تنفذ تنفيذا كاملا الحكم الذي صدر ضدها من ديوان المظالم في دعوى أقامتها الموظفة نفسها، كان لنا أن نقول إن تجاهل القضاء قد بلغ غايته، مرة بعدم تنفيذ حكم للمحكمة الإدارية، ومرة بالتغيب عن جلسة تقاضٍ دعت إليها المحكمة الجزئية. وإذا لم يكن للجامعة أن تنكر أنها قد أجحفت في حق تلك الموظفة بعد أن أدانها ديوان المظالم في الدعوى الأولى، فإن الجامعة نفسها لا تلقي على نفسها شبهة الإجحاف ضد الموظفة نفسها حين يتغيب ممثلوها عن حضور الجلسة أمام المحكمة الجزئية، ذلك أنه لو كان لديها ما تدفع به عن نفسها ما اتهمتها به تلك الموظفة لما تغيبت عن تلك الجلسة، ولكانت أكثر حرصا على الحضور لكي لا يجتمع ضدها أمران، أولهما تجاهل تنفيذ حكم للمحكمة الإدارية (المظالم)، وثانيهما التغيب عن جلسة للمحكمة الجزئية، وهما أمران لو اجتمعا في مواطن أمي لما التمس أحد له عذرا، فما بالنا بهيئة علمية عليا يسمونها الجامعة. عكاظ