كانت السنة الأولى من حكم (مرسي) ستمر بسلام لولا أنه استعجل في سياسة السيطرة على مؤسسات الدولة منفرداً, وتغييره للدستور كقائد أوحد لا يحاكم, ونيته المبيتة في السيطرة على الجيش, هذه إجراءات جوهرية ما كانت لتدع (مرسي) وحزبه الحاكم يبقى سنة أخرى. وبالمقارنة فإنّ فشل الانقلاب في تركيا الذي حدث الأسبوع الماضي صنع أردوغان حاكماً أوحد, ما جعله يهدد ويتوعد بتصفية رموز الانقلاب في المؤسسات العسكرية, ومنها الجيش, ووزع اتهاماته هنا وهناك, وأعاد الصراع مع خصومه بوصفها حرب وجود, وقال لن نستشير أحداً في ملاحقة بقايا الانقلابيين. هذا ما دعا الرئيس الفرنسي هولاند أن يتوقع عودة القمع إلى تركيا بعد الانقلاب الفاشل, بعد ردود أفعال أردوغان الشديدة عشية السيطرة على الوضع, وهو قلق في محله يمكن أن تحدث في دول العالم الثالث. إذا سار أردوغان نحو سياسة (الانتقام) انطلاقاً من تبريرات انقلابية, وحملها كل قرار يتخذه, فإنه هنا سيصل بتركيا إلى دولة (شمولية) ستجر عليه المتاعب في دولة بها من العرقيات والاثنيات والأحزاب والخصوم الشيء الكثير. لم يشر أردوغان في خطاباته السياسية التي تلت ساعات الانقلاب إلى (القيم الديمقراطية), وإنما حملت الوعيد والتهديد والانتقام والتصفية كقائد أوحد يتخذ قرارات فورية من منصة الجماهير, تصيب المؤسسات العسكرية بالقلق, وذلك حينما أعفى ما لا يقل عن 40 ضابطاً من الرتب العسكرية العليا في الجيش حسب التصريحات الرسمية في تركيا. المسألة ليست: أنت مع أردوغان أو مع الانقلاب ؟ هذا سؤال (ساذج) عج به تويتر الأسبوع الماضي, وخاض فيه محسوبون على الثقافة والسياسة للأسف الشديد, وإنما المسألة كيان عميق كتركيا ينبغي أن يبقى محافظاً على (القيم الديمقراطية) وأن يبقى مجيء السياسيين أو ذهابهم وفقاً لصندوق الانتخابات. سياسة حرق الخصوم التي أبداها أردوغان بعيد الانقلاب كلها مؤشرات إلى أيام ربما تكون قاتمة في تركيا, و (قلق) متوقع من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة سيبديه في حينه.