في زحمة الدنيا وأحداثها.. وفي قمة انشغالنا وأعمالنا.. وأثناء جرينا لبناء مستقبلنا وتحصيل رزقنا، ينسى أغلبنا نفسه واحتياجاته الخاصّة وربما صحته وحياته الاجتماعيّة، والبعض الآخر يُهمل في أسرته وأبنائه ولا يعرف تفاصيلهم واحتياجاتهم ويكتفي بتوفير الأساسيات الماديّة لهم دون الاكتراث لاحتياجاتهم المعنويّة ومعرفة ظروفهم النفسيّة وهواياتهم وأفكارهم وخططهم المستقبليّة ويبتعدون إنسانيًا ونفسيًا عنهم رغم أنهم يعيشون تحت سقف واحد، في هذه الحالة تستوجب لحظة التأمّل لإعادة التفكير في تصرّفاتنا ومحاولة معالجة الخلل لسدّ الفراغات التي يحتاجها كل من حولنا والذين لهم حقوق علينا، فمثلاً في زحمة الأيام ينسى البعض زيارة أمهاتهم وآبائهم الذين هم بحاجة إلى تواصل أبنائهم، وإذا ما رجعنا للماضي فقد يكون السبب في ذلك عدم اهتمام الآباء بأبنائهم وهم صغار وتعويدهم على التواصل معهم أو مهملين مع آبائهم لأن الدنيا دوّارة كما هو معروف ولكن علينا الاجتهاد في إعطائهم حقوقهم. لحظة تأمّل لحياتنا العمليّة التي تستهلك جهدنا العضلي والذهني وتهدر صحتنا وتتركنا في ضغط عصبي مستمر، وفي تحديات مستمرّة مع أنفسنا لتحقيق طموحاتنا ومع غيرنا في إثبات قدراتنا وتحمل الآخرين وتصيّد الأخطاء ونشر الإشاعات وتلفيق الحكايات، فلحظة التأمّل تكون بعدم الاكتراث لما يُقال وما يُحاك ضدّنا، في الوقت نفسه علينا عدم إعطاء عملنا أكبر من حجمه بحيث يطغى على تفكيرنا وجهدنا فننسى أنفسنا ولا نعطيها حقها ونحن نعلم أنه ليس هناك عمل كامل ولا مديرون كاملون يُقدّرون ما نفعل وفي نهاية المطاف سيكون مصيرنا البيت الذي أهملناه ولم نعطه حقه. التوازن هو الحل لكل أمور حياتنا، فعلينا أن نخلق التوازن في عطائنا لكل من حولنا على ألا تطغى جهة على الأخرى، بالتأكيد أن لعملنا نصيب الأسد وعلينا أن نجتهد ونعطي بإخلاص لأننا بذلك نساهم في بناء وطننا ومستقبلنا وردّ الجميل لهذا الوطن المعطاء، ولكن لأنفسنا حق ولعائلاتنا حق ولأصدقائنا وحياتنا الاجتماعيّة حق، ومتى ما خلقنا هذا التوازن عشنا في راحة ورضا، ولا شك في أن التوازن يجعلنا أكثر إبداعًا وقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة بعيدًا عن الضغوطات وخيبات الأمل. * وقفات التأمّل والبُعد عن كل المؤثرات والمنغصات تجعلنا أكثر صحة وأكثر سعادة، فلنكافئ أنفسنا من فترة لأخرى بما يُدخل السرور على أنفسنا لنعود أكثر نشاطًا وعطاءً.