كانت زوجة سعادة النائب تتصفح الواتس آب واﻻنستغرام كعادتها في كل صباح، وبين ما يأتي لها على القروبات النسائية، أتاها خبر جديد لم تسمع عنه من قبل، فقد أنبأتها صديقاتها بأن من حق زوجها النائب الموقر تعيينها كمستشارة أو موظفة في مكتب أحد النواب الآخرين، على ان يقوم هو بتعيين زوجة ذلك النائب في مكتبه (تبادل الخبرات) وبذلك تساعده بخبرتها المتينة في كتابة التقرير والتصريحات الإخبارية وإسداء النصح له في شؤون السياسة والعمل الوطني، وكيفية الرد على مستشاري الوزراء والمسؤولين بالمجلس الموقر، وقد رأت بحسب خبرتها في تدبير أمور المنزل، أن لديها المزيد من البهارات يمكن أن تضعها في طبخة المجلس. فانتظرت زوجها العزيز إلى أن عاد من جلسة ساخنة صال فيها وجال، وسألته عند مدخل الباب: هل صحيح ما سمعت في القروبات أن لديك وظيفة لي كمستشارة او موظفة في مجلس النواب؟ ارتبك سعادة النائب من السؤال المفاجئ غير المحضر إجابته، لكنه رد: من قال هذا؟، لا بد وأن هناك لبسا في الأمر، فباغتته بأنها علمت من فلانة زوجة النائب فلان أنه عينها مستشارة براتب جيد في مكتب زميله النائب الفلاني، رغم أنها لم تكمل دراستها بسبب الزواج منه، وقالت: أنا كذلك كنت ضحية زواجي منك ولم أستطع الحصول على شهادتي الثانوية، ولذلك يجب أن تعوضني بوظيفة في مكتب احد النواب المقربين منك وانت تقوم بتوظيف زوجته في مكتبك (وﻻ من شاف وﻻ من درى). حاول النائب الموقر أن يقنع الزوجة بصعوبة المهنة وأن البيت أحوج إليها والأطفال يحتاجون حنانها أكثر من هذه الوظيفة، لكنها أصرت على أن تكون مثل زوجة النائب الفلاني، والنائب العلاني ولم لا.. فهي على يقين أنها أفضل منهما ولديها العلم والدراية لكنها فقدت الفرصة، ومن حقها كمواطنة في الحصول على وظيفة وليكن ما يكون. فكر النائب في الأمر طويلا.. لا يمكنه الاعتراض، فقد وقع في فخ المقارنة بين أزواج النواب، ولا يستطيع أن يعترض على رأي الزوجة فهي قامت بعمل جبار قبل دخوله الى المجلس وفي الحقيقة لولا تحركاتها على اﻻرض لما دخل المجلس، فلماذا ﻻ يرد لها الجميل؟. إذاً فليكن الأمر كذلك.. ولتصبح زوجتي موظفة او مستشارة او إدارية او مديرة المكتب عند اخي وزميلي النائب فلان كما هي مديرة المطبخ في المنزل، وكلها أعمال متشابهة، ولعل في الأمر خيرا كثيرا، فالراتب الذي ستحصل عليه الزوجة من الوظيفة سيخفف جزءا من طلباتها اليومية علي، وسيجعلها أليفة وربما ترضى عنه. وبعد مرور فترة زمنية من حصولها على الوظيفة التي لا تحتاج منها التواجد في مكتب سعادة النائب.. بدأت الزوجة تتطلع لأمور أخرى.. أنا مستشارة لسعادة النائب ولا بد للمستشارة أن تتواجد في المجلس الموقر.. إنها فكرة جميلة فسأدخل المجلس مع زوجي وكأنني موظفة عند النائب الفلاني وأرى ما يحدث في كواليسه. وهرعت لزوجها سعادة النائب وقالت: سأذهب معك للمجلس.. فوقع الخبر عليه كالصاعقة.. ماذا؟ أتريدين الذهاب معي للمجلس؟..أتريدين ان تفضحيني؟.. لماذا؟ أنا مستشارة عند النائب الفلاني ولا بد أن أتواجد معه في العمل لإدارة مكتب سعادته، كما أنني لم أدخل المجلس في حياتي وأريد أن أرى ما يحدث هناك. وأصرت وذهبت وتدخلت في أمور لا تعنيها، وعادت للمنزل لتحضر مائدة الشجار.. ما لهذه النائبة تنظر لك وتبتسم؟ ولماذا وقفت معها تتحدث لوقت طويل.. لماذا لم تحترم وجودي؟.. أنت حتى لم تعرفها بي وتقول لها أنني زوجتك.. هل تتنكر لي؟. وبعد أسبوع من الاستشارات والمشاجرات.. عاد النائب الزوج لزوجته ليبلغها بأن المجلس اكتشف عمل الزوجات في مكاتب النواب، فلم تصدق وقالت: إنها مكيدة من النائبة الفلانية التي تغار مني، ولن أسمح بأن تنفرد بك وسأتواجد في المجلس رغما عن أنف القرار. وهنا خرج الزوج عن قطوته وارتدى رداء الأسد وصاح في زوجته.. أنتي إنسانة مو طبيعية.. لقد كشفتي سرنا. الزوجة: لوﻻ جهودي ومعارفي لما دخلت المجلس. النائب: لوﻻ إصرارك على دخول المجلس لما انفضح أمرنا... نهاية الفصل التشريعي.