القاهرة:الخليج هناك تياران في النظر إلى يعقوب صنوع التيار الأول يمثله يعقوب لنداو صاحب واحد من أهم الكتب المؤسسة لتاريخ المسرح المصري، وقد أضفى على صنوع أهمية كبرى، خاصة في المجال السياسي، مجال صياغة الأفكار التحررية لقيادات الثورة العرابية، وقد ظهر اهتمامه بصنوع مبكراً في مقال نشره عام 1952 عن ورقة بحث كان قد قدمها إلى القسم الإسلامي لمؤتمر المستشرقين الدولي الحادي والعشرين المنعقد في باريس عام 1948 والمقال بعنوان أبو نضارة يهودي قومي مصري وهو من المقالات المؤسسة للصورة العامة لصنوع في العالم العربي، كما أنه مقال حافل بالمعلومات المتخصصة عن الرجل. أما التيار الثاني فيقف مناوئاً لصنوع، مفنداً مبالغاته ومحاولاته إضفاء الأهمية على أدواره في الحياة المصرية، وعلى رأس هذا التيار يقف الباحث الألماني ألكسندر شولش الذي نشر كتاباً عن رسالته للدكتوراه عام 1972 ثم ترجم الكتاب إلى الإنجليزية ونشر عام 1981 وفي كتابه يوجه شولش اتهامات عديدة إلى صنوع، منها اتهامات بالعقد النفسية، واتهامات بإضفاء أهمية لا وجود لها لتأثيره في حركة التحرر الوطني المصرية. في كتاب عنوانه من كتب مسرحيات يعقوب صنوع؟ يؤكد الناقد الراحل د. محسن مصيلحي، أنه من خلال الأوراق والدراسات التي تجمعت لديه على مدى زمني طويل، فإن يعقوب صنوع كان ابن رابية بالمهنة لا بالدم، وأبناء رابية طبقاً لقاموس أحمد أمين الشهير: أسرة معروفة بالقاهرة، كانوا يدعون في الأفراح، وتكون من لياليها ليلة يقال لها ليلة أولاد رابية، وكان عملهم إرهاصاً للتياترو والتمثيل، لكن مع الأسف كان تمثيلهم مبتذلاً، فهم ينطقون بأقبح الألفاظ، ويشمئز من منظرهم وكلامهم ذو الذوق السليم، وقد انقرض هؤلاء وحل محلهم السينما والتمثيل. ابن رابية كما يرى مصيلحي هو فنان الارتجال القديم، الذي يعتمد على حدوتة بسيطة، تعتبر الهيكل الأساسي لما يقوم بتشخيصه أمام نظارته، وهذا التشخيص يعتمد على التفاعل الحي مع الجمهور. يشير د. مصيلحي إلى كتاب باحث يهودي هو شموئيل موريه الذي نشر بعض خطابات من صنوع وإليه، حصل عليها من حفيدة صنوع، عنوان الكتاب هو يهود مصر.. مجتمع شرق أوسطي في العصر الحديث ويوضح موريه أن حفيدة صنوع أخبرته بأن جدها مات مسلماً، وأنه دفن في الجزء الخاص بمقابر المسلمين في مونبارناس، وهناك أقوال متناثرة عن إسلام والد صنوع. يذكر موريه أنه انطلق إلى مقابر مونبارناس بمجرد سماعه عن إسلام صنوع من حفيدته، وهناك في الصف الثالث الأخير من مقابر اليهود كان قبر صنوع، وعلى رأس المقبرة تقوم مسلة مصرية صغيرة وصورة جانبية برونزية مستديرة لصنوع تحت سعفة نخيل، مع النقش التالي محفوراً بالفرنسية أسفل الصورة: الشيخ جيمس صنوع أبو نضارة شاعر الملك خبير في الشؤون العامة، توفي في 29 سبتمبر/أيلول 1912 عن عمر 75 سنة وكان قبر صنوع الوحيد في هذا القسم الذي لا يحمل نعياً بالعبرية. الأكثر أهمية أن صنوع كان ماسونياً، فقد حلت الماسونية مشكلة العقيدة الدينية لرجل يهودي متواضع الأصل مثل صنوع، لديه الرغبة الجامحة في الاندماج في مجتمع الأغيار، وهكذا أصبحت المحافل الماسونية هي الأرضية الروحية والفعلية التي يمكن لأعضاء الجماعات اليهودية اللقاء فيها مع قطاعات الأغلبية. وقد مارسَ صنوع لعبة تغيير الانتماءات السياسية، وكان يعتبر أحد رعايا إيطاليا، وهذا حماه من مشقات الحياة، فالواضح أن الأصول الطبقية لصنوع، ابن باب الشعرية، الذي شحذت عليه أمه حتى يعيش، لم تكن أصولاً رفيعة، كما حاول دائماً أن يشيع حول نفسه، لكنه كان ابن رابية يقدم خدماته وفقاً لمصلحته الشخصية.