عندما يتجول القلم في غابة الأفكار، لا تلفت انتباهه إلا تلك التي يمرّ عليها الناس وهم عنها معرضون. تلك التي تكون شائكة كالقنفذ، ليس وراء إبره من شهد. لمح واحدة وحيدة الورقة، حاول انتزاعها من التربة، فإذا تحتها طنّ من الجذور، كلّما جذبها إليه اتسعت دائرة العروق. هو ذا العجب العجاب، فعلى الورقة سؤال عجيب: هل العالم العربيّ بريء تماماً ممّا يحدث له؟ على أيّ نحو نفهم هذا السؤال، والبحث عن الفهم وتشغيل محرّك البحث في جماجمنا جديد علينا؟ منذ القديم القديم إلى القديم الحاضر، علّمونا النقل وتركوا العقل في عقاله وأغلاله. ولمّا اجتاحنا عصر شيوعيّة المعلومات، صاح بنا مارد غوغل: شبّيك لبّيك، لا تفكّر ولا تتبصّر، على عدم التحقيق نربّيك. كان العقل في الغيبوبة الصغرى، جاءت الكبرى. صارت المعلومات مثل الوجبات السريعة، توصيلاً إلى قحوف الرؤوس، ونحن لا نبحث إلاّ عن راحة البال من البلبال. هل العرب براء ممّا يجري لهم؟ سؤال الورقة إيّاها، جوابه إذاً في الجذور. معنى ذلك أن طنّ الجذور هو الذي يلتهم كل الغذاء الذي يجب أن تقوم عليه شجرة عملاقة، لو كانت الظروف طبيعية حيوية. هذا دليل علميّ على وجود بكتيريا وفيروسات اندسّت في العروق وعششت وتكاثرت، وحالت دون تحوّل الورقة الوحيدة على ساقها إلى سدرة أو سيكويا عملاقة. عمليّاً تصبح الجذور تنهش نفسها بنفسها وتدمّر ذاتها بذاتها. تمسي العروق، التي هي في الأساس للتغذية والنموّ، تنتج أدوات التدمير الذاتيّ. يقيناً، إذا ضاقت مساحة العمود، فالأمل في اتساع فهم القارئ. آمين. من المسؤول عن عدم رعاية الجذور وفقدانها دورها الطبيعيّ، إلى أن غدت طنّاً من البكتيريا والفيروسات، قضى على فرص نموّ الشجرة؟ ثمّة طرفان للمسؤولية: أحدهما يمكن تيسير إدراكه بأنه روحيّ معنويّ يساعد النبات على الاتجاه نحو النور والأعلى، والآخر نستطيع القول إنه مادّيّ كيميائي إداريّ يمدّ النبات بالأسباب العلمية العملية الضرورية للنمو. قل إن أصررت على التشبيه بالإنسان، هما مثل الروافد الروحية والدينية، والمناهل المعرفية والعلمية والفكرية. فإذا تراكم سوء فهم الناس وصار الركام المختلط المشوّه هو الوسيلة والغاية، فعندئذٍ يجب قراءة العمود مجدّداً منذ البداية، وهكذا، لمعرفة إشكالية السؤال الأول. لزوم ما يلزم: النتيجة المائية: قال القلم: سامحك الله، لم تسمح لي بابتلاع الماء الذي كان في فمي. عبد اللطيف الزبيدي abuzzabaed@gmail.com