أي فضيلة تلك التي تدفع شابا منتحرا لقتل عشرات المسالمين الآمنين المطمئنين المتعبدين، وأي جنة تلك التي ينشدها هذا الشاب الغائب عن الوعي تحت تأثير المجهول بفعل ما زال مجهولا، ثم بأي وجه يدعي المنفذ والمخطط والداعم بل والمتعاطف الانتماء للدين، أيا كان هذا الدين، والأهم من كل هذا أي منطق يمكنه استيعاب تلك الأفعال الإجرامية أيا كانت أهدافها. أحداث خارجة عن منظور العقلانية والإنسانية شهدتها كافة مراحل تاريخ الإنسان على مر العصور والأزمنة؛ الكثير منها لا يتوافق مع جوهر الأديان، كل الأديان، بل يتنافى مع الفطرة الإنسانية يفعلها دائما متشددون غلاة يمتطون صهوة الدين ويستظلون مظلته لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالأديان على الإطلاق لا من بعيد ولا من قريب، ولا أعتقد أن عاقلا يمكن أن يستوعب ناهيك عن قبول أفعال متعددة ومقززة لمن نطلق عليهم من باب الشفقة «المغرر بهم»، رغم شناعة فعلهم، فليس أول إجرامهم قتل الآباء والأمهات والأخوال والأعمام وذوي القربى من أبناء العمومة دون ذنب يمكن ذكره، رغم النهي الإلهي الصريح الواضح المتمثل على سبيل المثال في الآية القرآنية «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا» فلم يرد في الدين الصحيح ما يشير مجرد إشارة للإساءة للوالدين مهما اقترفا، بل قال عز من قائل «ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولا معروفا». إذن، نحن أمام لا دين، نحن أمام الزاعمين بانتماءاتهم الدينية، المزايدين على أهواء وعواطف المتدينين من المسالمين الصادقين المؤتمرين بأوامر الأشد عداء للإسلام، ولهذا برز في الوجود الإنساني منذ غابر العصور محتكرون للدين يتخذونه مظلة لتحقيق أهداف جلها سياسي بحت ومعظمها محاولات بائسة ويائسة لتقويض الأديان كل الأديان، فقد حدث هذا من قبل ويحدث اليوم. ولأن الدين الإسلامي الوسطي المتسامح الخالي من الشوائب والبدع بدأ بالانتشار مؤخرا فاكتسح الساحة بما عرف عنه من حسن المقاصد والنوايا وبساطة الاقتناع في كافة أرجاء المعمورة، فقد أزعج هذا الفعل مبغضيه، فتوالت المؤامرات على مر التاريخ للنيل من الإسلام ليأتي جل تلك المؤامرات من قبل مدعي الإسلام طالبي الثارات تحديدا حاضني الإرهاب وصانعي الميليشيات بمذاهبها المختلفة مفجري دور العبادة بدم بارد ومنتهكي حرمة الأماكن المقدسة بأفعال مقززة لا إنسانية ولا أخلاقية. لا جديد فيما نعايش ونعيش، سيظل الإسلام شامخا منتشرا رغم محاولات التشويه البغيضة المستميتة، فالمملكة العربية السعودية عصية على محاولات ثنيها وتقويض أمنها، ويجب أن يدرك الأعداء أن محاولاتهم باءت وتبوء بالفشل الذريع، يجب أن يصلوا لحقيقة فهم العلاقة بين الشعب والقيادة، وأعتقد أنهم على أبواب إدراك تلك الحقيقة؛ فالتخبطات الاستهدافية التي تخطت المساجد لتصل مشارف مسجد رسول السلام محمد صلى الله عليه وسلم، دليل قاطع على فقدان البوصلة واختلال التوازن والتخبط، بعد أن كشف المخططون المجرمون عن نواياهم السيئة والمحصورة في هدم الإسلام ولا شيء غير هذا بأيدي مدعي الإسلام، وجلهم صبية غُسلت أدمغتهم ليصبحوا حطبا لنيران أراد أعداء الإسلام إشعالها، بل بدأوا يتساقطون منتحرين تتناثر أجسادهم -والعياذ بالله- في الطرقات وعلى أبواب المساجد دور العبادة، ولن يحققوا على الإطلاق أحلامهم، فالحياة تسير والتنمية مستمرة، وكراهية تلك الفئة تزداد ضراوة في قلوب المؤمنين الصادقين المسبحين المستغفرين من المصلين والزوار، خاصة المعتمرين الآمنين الناعمين بالخدمات اللامحدودة في أعقاب الرعاية الكبيرة والمستمرة التي توليها حكومة المملكة العربية السعودية للحرمين الشريفين بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، حتى أضحى ذلك الاهتمام محط اعتزاز وفخر كافة أبناء الإسلام والمسلمين لتظل المحاولات الشيطانية مجرد أحلام إبليس بالجنة إذا جاز التوصيف، بل إن الشيطان نفسه قد لا تصل أحقاده لمستوى أحقاد هذه الفئة الناقمة على الدين المارقة من صفوف المسلمين.