أعربت جمعية "شيربا" المتخصصة في الدفاع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية؛ عن ارتياحها لقرار القضاء الفرنسي فتح تحقيقمع رفعت الأسد، للاشتباه في تورطه في عمليات كبيرة لغسيل الأموال والتهرب الضريبي. وقال رئيس الجمعية المحامي وليام بودرون للجزيرة نت إن التحقيقات كانت طويلة معقدة لكون رفعت الأسد لجأ إلى تأسيس العديد من الشركات في جبل طارق ولكسمبورغ وبنما وغيرها من أجل الاحتيال على القانون والتهرب من الضرائب. يشار إلى أن رفعت يعيش خارج سوريا منذ أزيد من ثلاثة عقود نظرا لخلافه مع أخيه الرئيس الراحل حافظ الأسد ومعارضته لابن أخيه الرئيس الحالي بشار الأسد الذي يواجه ثورة مسلحة منذ خمس سنوات. ومنذ مغادرته سوريا عام 1948، يتنقل رفعت الأسد بين بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. وأوضح رئيس الجمعية أن رفعت الأسد لم يقدم خلال التحقيق معه ما يثبت مصدر ثروته، بل اكتفى بوثيقة واحدة تتعلق بمنحة من أمير سعودي قدرهاعشرة ملايين دولار عام 1984 لا تبرر ثروته العقارية التي تقدر في فرنسا لوحدها بنحو تسعين مليون يورو. وتشمل ثروة رفعت الأسد شققا وفنادق في أرقى أحياء باريس وقصرا ومزرعة للخيول. سوار رفعت الأسد(يمين) ظهر إلى جانب محاميه بمؤتمر صحفي 2013 إثر فتح تحقيق قضائي مع والده (رويترز) أموال السوريين وتتهم الجمعية رفعت الأسد بجمع ثروته من أموال للشعب السوري حوّلها قبل أن يغادر سوريا. وقد جاء هذا التحقيق نتيجة دعوى رفعتها جمعية "شيربا" عامي 2013 و2014 واستمرت بعدها التحقيقات أكثر من عامين، ويتوقع أن تنتهي بنهاية العام 2017 أو بداية2018 لتبدأ بعدها المحاكمة. وخلال هذه الفترة لن يكون بإمكان الأسد مغادرة فرنسا إلا لضرورة العلاج نحو لندن، وفقا لقرار قضائي. واعتبر بودوان أن الدرس الذي تقدمه هذه القضية يتمثل في أن ثمة واجبا قانونيا على فرنسا وعلى بقية الدول في ملاحقة ناهبي الأموال من دولهم الأصلية، وعدم تركهم ينعمون بجرائمهم المالية، رغم أن رفعت الأسد لم يرد اسمه ضمن لائحة العقوبات الأممية المفروضة على رموز النظام السوري وبالتالي لم يتم تجميد أمواله. لكن الجرائم المالية لرفعت الأسد تبدو قطرة في بحر الدماء التي أراقها في سوريا قبل خلافه مع شقيقه، ففي العام 1982 كان أحد أهم المسؤولين عن مجزرة حماة التي قتل فيهاآلاف الأشخاص، وقبلها ارتكب مجزرة سجن تدمر التي راح ضحيتها نحو1600 سجين. ولذلك فإن فتح مثل هذا التحقيق القضائي يمثل فرصة للضحايا لإعادة التذكير بجرائمه ومطالبة فرنسا بفتح تحقيق مماثل فيها، من خلال عرائض على الإنترنت وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. مجزرة حماةارتكبت عام 1982 وراح ضحيتهاآلافالسوريين(الجزيرة) فتح تحقيق جنائي ولعل من المفارقات أن عددا من ضحاياه يعيشون في فرنسا، مع الفارق الكبير في مستوى العيش. وقد بلغ عدد الموقعين على عريضة في موقع "آفاز" تطالب بمحاكمة رفعت الأسد بتهمة ارتكاب مجازر حرب، أكثر من 2300 توقيع. ووفق نص العريضة فإنه "كان مسؤولا بشكل مباشر عن وحدات إجرامية تسمى سرايا الدفاع ارتكبت أفظع الجرائم في سوريا". وأضافت أن "رفعت الأسد نفى بكل وقاحة مسؤوليته عن كل المجازر المرتكبة.. لكن شهادات الشهود ممن عاصروا تلك الحقبة ما زالت موجودة وحاضرة للعيان". ومن بين ضحاياه مصطفى أبو عبد الله وهو لاجئ سوري نجا من مجزرة حماة لوجوده لحظتها في السجن، وقد نُفيإلى فرنسا منذ العام 1988، حيث أتم دراسته في الطب ولم يعد إلى سوريا إلا لفترة وجيزة بعد اندلاع ثورة 2011. ولا يخفي هذا الطبيب أمله في فتح تحقيق جنائي في جرائم رفعت الأسد، لكنه يعتقد أن ثمة صعوبات كثيرة تحول دون ذلك، من بينها التقادم حيث تعود معظم الجرائم إلى ما بين ثلاثين وأربعين عاما. ويأسف أبو عبد الله لأن الموت غيب عددا كبيرا من ضحايا رفعت، ومن بقي منهم حيا فهو في خريف العمر يراقب مجازر وجرائم أشد وأشنع يرتكبها ابن أخيه منذ خمس سنوات. رغم ذلك فإن فتح هذا الملف بعد ثلاثين عاما من وصول رفعت الأسد إلى فرنسا وبعد بلوغه الثامنة والسبعين من العمر،يعطي أملا لكثيرين بأن زمن محاسبة الجلادين قد يأتي ولو بعد حين.