مجرد الإعلان عن إلقاء خادم الحرمين الشريفين كلمة لإخوانه وأبنائه المواطنين الأعناق تشرئب استبشاراً وفرحاً وطمأنينة وطرباً ليس لسماعها فقط، فكما اعتدنا في خطابات الملوك ممن سبقه، إنها تأتي لتزيح الغمة وترسخ المبادئ وتبدد الغشاوة فهي كالمسكن للآلام من أوجاع قد حفتنا سواء داخلياً أو خارجياً، وتأكيداً لما نص عليه في كلمات سابقة مما يهم المواطن سواء داخلياً أو خارجياً، وتوثيقاً لمواقف يشهد لها التاريخ ويعطر بها ذكره في أوقات وأحداث راهن عليها كثيرون من حيث الصمود والتلاحم والبقاء والاستدامة، وتجسيداً لما سنه الملوك من قبله من سياسة وحنكة وإدارة وريادة ودراية. عدة جوانب تطرقت لها كلمة الملك سلمان منها الاقتصادي والاجتماعي والأمني والدولي ووحدة الصف وإنهاء الخلافات الداخلية وإنهاء النزاعات الخارجية، كانت أقرب إلى الشمولية بمضمونها ولأن الناس مهما تخبطت آراؤهم وتنوعت مشاربهم وتلاطمتهم الشائعات وزعزعتهم الأخبار، إلا أن الكلمات الصادقة تطغى على كل ما يشوب النفوس وتضفي عليها طمأنينة وسكينة إذا ما اشتملت على كليات القضايا وأبرزها. إن في كلمة الملك توجيها ودروسا لكل مسؤول ومؤتمن بأن يظهر للناس ويشاركهم ويشاطرهم همومهم وأن يزيل كل لبس أو غشاوة أو شك في نفوسهم فهؤلاء المواطنون كما يراهم الملك هم شركاء النجاح. بل إن لكلمة خادم الحرمين الشريفين من الأصداء العالمية ما جعلها تبهر البعيد قبل القريب، فالملك سلمان في كلمته طمأن العالم بأكمله وأكد على سعيه نحو الأفضل عالمياً انطلاقاً من المملكة نحو العالم، وفي المقابل كانت وعيداً لكل متربص وإشهاراً لسيف العدل في وجه كل متمرد. وأهم من هذا كله تأكيده على نهج هذه الدولة ومناصرتها لأهم قضاياها التاريخية والإسلامية ألا وهي قضية فلسطين التي أصاب العالم تبلد تجاهها حتى ألف مناظر القتل والهدم والظلم فيها واعتاد على أنباء الاستيطان والاستحلال وعلى كلمات التنديد والاستهجان وعلى الغطرسة الصهيونية ومخلفاتها، وهذه إشارة منه إلى رسوخ المبادئ من لدن المؤسس رحمه الله تعالى حتى يومنا مهما تبدلت الأزمان وتعاقبت الأجيال.