أخشى من الآن أن نبالغ في سعودة مترو الرياض فيتعطل ويخفق لأنه تجربة جديدة وغير مسبوقة محليا بما يقتضي إدارته من قبل من لهم السبق في مثل هذه الخدمة تتكرر في مطار الملك خالد الدولي بالرياض أزمة الحجوزات وتفويج المسافرين وتكدس الحقائب وتعطل "سيور" العفش، وصعوبة توفر مواقف كافية للسيارات مما يحدث إرباكا للموظفين وتعطيلا للمسافرين، وتزداد الأزمة مع كل موسم سفر، وقد صارت كل أيامنا مواسم ومع تعدد الإجازات فقد زادت فرص تكرار الأزمات في هذا المطار الذي مضى على وجوده أكثر من ثلاثة عقود، وخلالها فقد تمددت الرياض أفقيا وعموديا وزاد عدد قاطنيها من المواطنين والوافدين بما لم يتناسب مع بقاء هذا المطار بحجمه وبطاقته الاستيعابية، كما كان عليه قبل أكثر من ثلاثين عاما، ويفاقم الوضع حلولنا الوقتية والترميمية التي تؤدي إلى تسكين العرض لكنها لن تعالج المرض. ولهذا فلن يكفي في ظني إنشاء صالات مساندة أو التعديل في الصالات القائمة، فالحاجة تفوق الموجود، لأن الزيادة السكانية التي ذكرنا توجب التفكير والمبادرة لإنشاء مطار آخر في مدينة الرياض، وأن يقام في غربها أو جنوبها، فذلك كفيل بتخفيف الضغط على المطار الحالي وتوزيع هبوط وإقلاع شركات الطيران بين المطارين، كما أن إيجاد مطار جديد كلية مدعاة لمواكبة ما تغير واستجد منذ ذلك الحين من أجهزة وأنظمة وتصاميم وظيفية تسهم في انسيابية العمل، ثم إن إنشاء مطار جديد سيخفف بلا شك من الاكتظاظ والازدحام الذي يشهده المطار الحالي في صالاته ومواقف سياراته وفوضى تكاسيه بما يرسم صورة سلبية لواجهة المدينة عند كل قادم. إن فكرة إيجاد مطار آخر في الرياض بات ضرورة تحتمها الحاجة بما يسمح بتخفيف العبء، ولن نكون بدعاً في ذلك، فإن وجود مطارين في نفس المدينة قائم منذ زمن طويل في عواصم كبرى مثل لندن وباريس وإسطنبول والقاهرة وأبوظبي وقريبا جدا في دبي وفي غير هذه المدن. الأمر الآخر الذي سيسهم في حلحلة المشكلة هو في الاستعانة بالإدارة الأجنبية والاتكال عليها في التخطيط ووضع الإستراتيجيات وإدارة الأزمات، وهذا لن يتعارض مع توجهنا للسعودة، لكنه سيكسب الموظف المواطن الخبرة والمهارة، وللإحاطة فإنني من المنحازين إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية، وتحديدا فيما يخص الخدمات، ولهذا فإنني أخشى من الآن أن نبالغ في سعودة مترو الرياض فيتعطل ويخفق لأنه تجربة جديدة وغير مسبوقة محليا بما يقتضي إدارته من قبل من لهم السبق في مثل هذه الخدمة، ومن ثم تدريب شبابنا على هذه المهارة تدريجياً ليتولوا زمام إدارتها بعد اكتساب الخبرة اللازمة، وهذا هو ما يجب أن يتم في مطار الملك خالد الدولي، وأعني الاستعانة في إدارته بالخبرة الأجنبية، وإليك المطار العربي والإقليمي الأنجح، وهو مطار دبي الدولي الذي يدار بخبرات إنجليزية، مما جعل العمل فيه يسير بوتيرة انسيابية وسلاسة ظاهرة رغم حجم المسافرين منه والوافدين إليه، وحجم الرحلات الدولية وكمية رحلات الترانزيت التي لا تقارن إطلاقا بحجم وإعداد المسافرين والقادمين المحدود في مطار الرياض. لا نريد أن نكرر أن ما حدث "أزمة وتعدي"، فقد باتت ظاهرة موسمية وتحتاج إلى حل جذري لتتواكب مطاراتنا مع تطلعاتنا المتفائلة للتغيير والتطور الذي سيتواكب مع برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030.