طهران أ ف ب تواصلت أمس في طهران تبِعات “فضيحة الرواتب الكبيرة”، إذ اضطر مدير صندوق التنمية الوطنية الإيراني السيادي، سيد صفدر حسيني، وجميع معاونيه إلى الاستقالة من مناصبهم. وأثارت التسريبات، التي نشرتها الصحف الإيرانية المحلية بشأن رواتب كبار الموظفين التنفيذيين في شركاتٍ ومؤسساتٍ حكومية، غضباً؛ في ظلِّ تفاوتٍ هائلٍ في الأجور. وبدا أن ما يتقاضاه مسؤولون كبار قد يزيد 100 مرة عن الحد الأدنى للأجور (400 دولار أو 395 يورو). وساهم الكشف عن ذلك خلال الشهرين الماضيين في إضعاف حكومة الرئيس حسن روحاني قبل عامٍ من الانتخابات الرئاسية. ووفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية الطلابية؛ استقال مدير صندوق التنمية الوطنية وجميع معاونيه. وصفدر حسيني، الذي عيَّنه روحاني، كان مستهدَفاً بشكلٍ خاص، بعدما نشرت وسائل إعلام معلوماتٍ عن راتبه الشهري المقدَّر بنحو 580 مليون ريال إيراني «17 ألف دولار أو 15.200 يورو». وردَّ حسيني، في وقتٍ سابق، بالقول إنه أصلَح طوعاً نظام الأجور في الصندوق قبل بضعة أشهر وأعاد إلى الحكومة الجزء الذي اعتبره زائداً عن الحد من راتبه. وينص القانون الإيراني على ألا يزيد أعلى راتبٍ حكومي على 7 أمثال أدنى أجرٍ لموظفي الدولة. لكن القانون يشوبه الالتباس عندما يتعلق الأمر بالمكافآت والمزايا والحوافز الأخرى. وبحسب الإعلام؛ قد يكون مدير الصندوق السيادي وافق على تسديد 140 ألف دولار للدولة. وكان حسيني وزيراً للعمل ثم للاقتصاد في عهد الرئيس محمد خاتمي (1997-2005)، وانتُخِبَت ابنته نائبةً عن طهران على لائحة «الإصلاحيين» في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وتأتي الاستقالات الجديدة بعدما أقال وزير الاقتصاد، علي طيب نيا، الخميس مديري مصارف كبرى «لتقاضيهم رواتب وقروضاً غير اعتيادية». وكان الإعلام المحسوب على التيار المحافظ اتهم حسين فريدون، شقيق روحاني ومستشاره الخاص، بتعيين مقرَّبٍ منه على رأس مصرف رفاه براتب شهري بلغ 60 ألف دولار (53.800 يورو). واضطر الأخير إلى الاستقالة، لكن فريدون نفى اتهامات المحاباة الموجَّهة إليه. ويوم أمس؛ أمر المرشد علي خامنئي مُجدَّداً الحكومة بالتحرك لوقف أي خلل مرتبط بالرواتب. بدوره؛ حدَّد وزير الاقتصاد سقفاً لرواتب مديري المصارف والشركات العامة التي يجب ألا تتخطى 5.500 دولار (4.900 يورو) شهريّاً، وفقاً لوسائل الإعلام. وأعلن الوزير أن قراراً يتعلق بكل الرواتب في القطاع العام سيُتخَذ قريباً. فيما هدَّد القضاءُ بالتدخل في حال عدم تحرك الحكومة لتسوية المسألة. وبعد انتظارٍ لأسابيع؛ كثفت الحكومة التدابير لاحتواء الفضيحة، خصوصاً أن خصومها «المحافظين» استغلوا الأمر قبل عامٍ من الاستحقاق الرئاسي الذي يتوقع أن يشهد ترشُّح روحاني لولاية ثانية من 4 سنوات. وأفاد المسؤول «الإصلاحي»، عبدالله ناصري، بأن «أعداء الحكومة وضعوا اليد على 3 آلاف إفادة برواتب مسؤولين كبار ويريدون استخدامها بحلول الانتخابات الرئاسية» لإضعاف روحاني وحكومته. في شأنٍ آخر؛ تحدثت وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية أمس عن بلبلةٍ في الأوساط السياسية والإعلامية إثر إرسال رسائل نصية قصيرة مجهولة المصدر تحمل تهديدات لصحافيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء في الرسائل النصية أن «أي تواصل أو تعاون مع عناصر معادية في الخارج عبر البريد الإلكتروني أو وسائل أخرى للاتصال جريمةٌ وسيترتب عنها ملاحقات قضائية، من الضروري وقف هذه الاتصالات، هذه الرسالة هي التحذير الأخير». وبحسب بعض وسائل الإعلام؛ تلقى 700 صحافي وناشط على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الرسالة النصية مساء الخميس. وأكد النائب المعتدل، علي مطهري، إشاعة الرسائل النصية قلقاً بين الصحفيين. ودعا شرطة الشبكة الإلكترونية ووزارة الاستخبارات إلى كشف مصدر الرسائل وإبلاغ السكان، مضيفاً «على القضاء التحرك ضد هؤلاء (المرسِلين)». ورأى مطهري أن لجنة مراقبة الصحافة مسؤولةٌ عن الإعلام «وعلى الهيئات الأخرى عدم التدخل». وبعد تلقّيهم الرسالة النصية؛ ذكر صحفيون أنهم سيرفعون شكوى. ووفقاً للقانون الإيراني؛ يُحظَر أي اتصال مع وسائل الإعلام الخارجية الناطقة بالفارسية خصوصاً «بي بي سي» بالفارسية و»صوت أمريكا». وفي إبريل الماضي؛ حكم القضاء على 4 صحفيين أوقِفوا في نوفمبر 2015 بالسجن بين 5 و10 سنوات بتهمة «التواطؤ مع حكومات أجنبية» و»المساس بالأمن القومي». وهؤلاء الصحفيون، ويعمل بعضهم مع وسائل إعلام «إصلاحية»، ضمن مجموعة أشخاص موقوفين من قِبَل الحرس الثوري بتهمة العضوية في «شبكة تجسس مرتبطة بحكومات غربية معادية». لكن الاتهامات الموجَّهة من القضاء الإيراني ومؤسسات النظام كالحرس الثوري لا تحظى بمصداقية كبيرة.