لم تتخذ الكويت أي خطوات للأسف لعلاج أوضاعها الاقتصادية المحلية المتعثرة، مما وضعها في مراتب متأخرة في الكثير من المجالات مقارنة مع الدول المجاورة، وبات التعلم من الفشل في تنفيذ خطة التنمية والإصلاح الاقتصادي ضرورة ملحّة. قال تقرير شركة «بيان للاستثمار»، إن اللون الأحمر غلب على أداء سوق الكويت للأوراق المالية ومؤشراته الثلاثة خلال الأسبوع الماضي، وأنهت مؤشراته الثلاثة تداولات الأسبوع على خسائر متباينة في ظل الضغوط البيعية، وعمليات جني الأرباح، التي شملت طيفاً واسعاً من الأسهم المدرجة فيه، لاسيما التي شهدت ارتفاعات جيدة خلال الأسبوع قبل الماضي. وبحسب التقرير، تأثر السوق الكويتي، كغيره من الأسواق المالية في المنطقة والعالم، بخبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً بعد الاستفتاء، الذي أجرته نهاية الأسبوع قبل الماضي، ما أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط الاقتصادية والاستثمارية. وفي التفاصيل، وعلى الصعيد الاقتصادي الداخلي، أصدرت مجموعة «البنك الدولي» خلال شهر يونيو 2016 مسودتها النهائية المتعلقة باستراتيجية التعاون المشترك مع الكويت، والتي حملت عنوان «استراتيجية دعم دولة الكويت للسنوات المالية الممتدة من 2016 إلى 2020»، وحددت هذه الاستراتيجية إطار عمل البنك الدولي للمساعدة في دعم أهداف التنمية الرئيسية لدولة الكويت على مدى الأعوام الخمسة القادمة، والذي يكمن بشكل عام في مساعدة حكومة الكويت في تمهيد الطريق لتطوير «عقد اجتماعي» متوازن ومستدام في الدولة، حيث أصبح من الضروري إنشاء نموذج جديد للتنمية الاقتصادية لتحقيق الرؤية طويلة الأجل، وتحديث خطط التنمية للقيادة الكويتية. وقد وقعت الكويت خلال العقود الماضية في شرك نموذج تنمية غير متوازن، أثّر على قدرتها في المضي قدماً بعملية إصلاحات اقتصادية بعيدة المدى، كان من أبرز نتائجه هيمنة الدولة على الاقتصاد، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على النفط، ونظام رعاية حكومي مفرط يوظف الأغلبية العظمى من المواطنين الكويتيين، بحيث كانت أداة لإعادة توزيع الثروة النفطية بين الكويتيين، صاحبه اختلال في الإنفاق المالي، وضعف في أداء القطاع الحكومي، ونظام مشوّه للحوافز في سوق العمل، وتنوع اقتصادي ضعيف، ومخرجات تعليم متدنية عموماً، وقد تضاعف هذا الخمول التاريخي بواسطة نظام شائع لآلية صنع القرار التنفيذي، الذي أثّر على قدرة الدولة على تنفيذ خططها في الوقت المناسب. ونتيجة لذلك تخلفت الكويت عن جاراتها من دول الخليج العربي في التنافسية الاقتصادية والتطور التنموي، إذ حلت الكويت في المرتبة الأخيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر تنفيذ الأعمال العالمي لعام 2016، وفي المرتبة الرابعة بين هذه الدول في مؤشر التنافسية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2015-2016. وأهمية تنفيذ إصلاحات مرتكزة على قاعدة عريضة قد بدأت تكتسب سمة عالية من الضرورة، في ظل التغيرات التي طرأت على أسواق النفط والالتزامات المتجددة لأجندة تغير المناخ العالمي، لذا تهدف هذه الاستراتيجية إلى دعم الجهود المبذولة التي تقودها الحكومة لتوجيه هذه التحديات الاقتصادية ابتداءً من «أجندة الإصلاح الاقتصادي» الجديدة التي تمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء في شهر مارس 2016. وستعمل الاستراتيجية الجديدة على دعم السعي نحو إيجاد حلول شاملة للتنمية في مجالات الوظائف، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتغير المناخي والتفاوت بين الذكور والإناث، بالإضافة إلى تحقيق الأهداف بعيدة المدى من تحقيق النمو المستدام والتنويع الاقتصادي في البلاد بقيادة القطاع الخاص، الذي مازال يعاني محدودية مساهمته في النشاط الاقتصادي بسبب الدور المهيمن للدولة وضعف المنافسة في السوق في مختلف قطاعات العمل الرئيسية، إذ لا يزال القطاع الحكومي يسيطر على حصة كبيرة في قطاعات الاتصالات والنقل والبنوك وقطاعات أخرى في الاقتصاد. هذا وتعد مسألة الإصلاح الاقتصادي، إحدى القضايا الرئيسية، التي تعطي لها الكثير من الدول المتحضرة والمتقدمة أهمية قصوى خاصة في ظل حضور الأزمات، التي تحد من تقدم اقتصادها، فبعد الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم أواخر عام 2008، وضعت العديد من الدول خططاً تنموية تساهم في نهوض اقتصادها مرة أخرى، إضافة إلى تغييرات كثيرة في سياساتها المالية والاقتصادية، مما ليس فقط حدّ من تأثيرات هذه الأزمة بشكل كبير، إنما ساعد على تخطيها والنهوض من بعدها؛ لكن الكويت تعتبر شبه الوحيدة بين هذه الدول، التي لم تتخذ أي خطوات للأسف لعلاج أوضاعها الاقتصادية المحلية المتعثرة، مما وضعها في مراتب متأخرة في الكثير من المجالات مقارنة مع الدول المجاورة. تجدر الإشارة إلى أن مسودة البنك الدولي، أوضحت أمراً مهماً جداً، هو وقوع الكويت في فخ نموذج غير متوازن للتنمية الاقتصادية وخطط تنموية غير مجدية، ما تسبب في هيمنة الدولة على الاقتصاد، الذي أصبح يعتمد بشكل شبه كامل على سلعة وحيدة هي النفط، فمن الضروري جداً أن نتعلم درس فشل الكويت في تنفيذ خطة التنمية والإصلاح الاقتصادي، والالتفات إلى هذه الأخطاء، التي أدت إلى تخلف البلاد، فالإصلاح الحقيقي يبدأ بتنفيذ بعض من هذه التوصيات القيمة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى المتقدمة في هذا المجال. أداء السوق وبالعودة إلى أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأسبوع الماضي، فقد سجلت مؤشراته الثلاثة خسائر متباينة وسط هيمنة عمليات البيع على أداء العديد من الأسهم في مختلف القطاعات، وخصوصاً القيادية منها، فضلاً عن عمليات المضاربة السريعة، التي تركزت على الأسهم الصغيرة، مما ترك أثراً سلبياً على أداء السوق عموماً. غير أن السوق تمكن من تحقيق بعض الارتفاعات خلال عدد من جلسات الأسبوع، مستفيداً من عمليات الشراء، التي تركزت على الأسهم التي كانت قد سجلت تراجعاً في بداية الأسبوع، لكن عمليات جني الأرباح حالت دون استمرار السوق في تحقيق المكاسب، وتمكنت من دفع مؤشراته إلى المنطقة الحمراء مجدداً. على صعيد التداولات اليومية، شهد السوق في جلسة بداية الأسبوع أداءً سلبياً دفع مؤشراته الثلاثة إلى تسجيل خسائر كبيرة بنهاية الجلسة، حيث وقع السوق تحت تأثير تراجع معنويات المتداولين بعد خبر انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، مما دفع العديد منهم إلى اللجوء إلى عمليات البيع، التي شملت الكثير من الأسهم القيادية والصغيرة على حد سواء. أما في الجلسة التالية، فقد تمكن السوق من التماسك وتحقيق الارتفاع لمؤشراته الثلاثة، وإن بوتيرة أقل من الخسائر، التي سجلها في الجلسة السابقة، وجاء ذلك في ظل حضور عمليات شراء انتقائية شملت بعض الأسهم، لاسيما القيادية منها. وفي جلسة منتصف الأسبوع، تمكن السوق من مواصلة الارتفاع وتحقيق المكاسب لمؤشراته الثلاثة، وسط استمرار حضور القوى الشرائية وتركيزها على الأسهم القيادية، مما خفف من خسائر المؤشر السعري بعض الشيء، ونقلَ المؤشرين الوزني وكويت 15 إلى المنطقة الخضراء على المستوى الأسبوعي، قبل أن تأتي عمليات جني الأرباح التي شهدتها جلسة الأربعاء وتدفع مؤشرات السوق الثلاثة إلى المنطقة الحمراء مرة أخرى، وسط تراجع نشاط التداول بشكل لافت خلال هذه الجلسة. هذا وواصل السوق في جلسة يوم الخميس تسجيل الخسائر الجماعية لمؤشراته الثلاثة، في ظل تزايد عمليات البيع وجني الأرباح، وسط ارتفاع لافت في قيمة التداول، حيث سجلت نمواً يومياً بلغت نسبته 98 في المئة تقريباً. ومع نهاية الأسبوع، وصلت القيمة الرأسمالية للسوق إلى 22.92 مليار دينار بتراجع نسبته 0.84 في المئة مقارنة مع مستواها في الأسبوع قبل السابق، حيث بلغت آنذاك 23.11 مليار د.ك، أما على الصعيد السنوي، فقد تراجعت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في السوق بنسبة بلغت 9.30 في المئة عن قيمتها في نهاية عام 2015، حيث بلغت وقتها 25.27 مليار د.ك. وأقفل المؤشر السعري مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 5.364.57 نقطة، مسجلاً تراجعاً نسبته 0.80 في المئة عن مستوى إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي، فيما سجل المؤشر الوزني انخفاضاً نسبته 0.78 في المئة، بعد أن أغلق عند مستوى 351.44 نقطة، وأقفل مؤشر «كويت 15« عند مستوى 805.71 نقاط، بخسارة نسبتها 0.82 في المئة عن إغلاقه في الأسبوع قبل الماضي. وشهد السوق تراجع في المتوسط اليومي لقيمة التداول بنسبة بلغت 23.63 في المئة ليصل إلى 10.59 ملايين دينار تقريباً، في حين سجل متوسط كمية التداول تراجعاً نسبته 6.28 في المئة، ليبلغ 96.62 مليون سهم تقريباً. وعلى صعيد الأداء السنوي لمؤشرات السوق الثلاثة، فمع نهاية الأسبوع الماضي سجل المؤشر السعري تراجعاً عن مستوى إغلاقه في نهاية العام المنقضي بنسبة بلغت 4.46 في المئة، بينما بلغت نسبة تراجع المؤشر الوزني منذ بداية العام الجاري 7.93 في المئة، ووصلت نسبة انخفاض مؤشر كويت 15 إلى 10.52 في المئة، مقارنة مع مستوى إغلاقه في نهاية 2015. المؤشرات وسجلت سبعة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية تراجعاً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما نمت مؤشرات أربعة قطاعات مع بقاء مؤشر قطاع الرعاية الصحية دون تغيير. وتصدر قطاع الصناعية القطاعات الخاسرة خلال الأسبوع الماضي، حيث انخفض مؤشره بنسبة 1.52 في المئة، منهياً تداولات الأسبوع عند 1.057.20 نقطة، تبعه قطاع العقار، الذي أقفل مؤشره عند 827.94 نقطة منخفضاً بنسبة 1.50 في المئة، وحل ثالثاً قطاع السلع الاستهلاكية الذي نقص مؤشره بنسبة 1.47 في المئة مقفلاً عند 1.162.50 نقطة، أما أقل القطاعات انخفاضاً، فكان قطاع الاتصالات الذي أغلق مؤشره عند 609.56 نقاط بتراجع نسبته 0.03 في المئة. من ناحية أخرى، جاء قطاع المواد الأساسية في مقدمة القطاعات الرابحة، حيث أقفل مؤشره عند 980.80 نقطة مرتفعاً بنسبة 2.76 في المئة، تبعه قطاع التأمين في المركز الثاني مع ارتفاع مؤشره بنسبة 1.63 في المئة، بعد أن أغلق عند 1.024.23 نقطة، ثم جاء قطاع الخدمات الاستهلاكية في المرتبة الثالثة بعد أن أغلق مؤشره عند مستوى 1.007.39 نقاط، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 1.14 في المئة. أما أقل القطاعات ارتفاعاً فكان قطاع النفط والغاز، حيث أغلق مؤشره عند مستوى 793.45 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.15 في المئة. التداولات شغل قطاع الخدمات المالية المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 204.07 ملايين سهم تقريباً شكلت 42.24 في المئة من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، إذ تم تداول نحو 67.27 مليون سهم للقطاع أي ما نسبته 13.93 في المئة من إجمالي تداولات السوق، أما المرتبة الثالثة، فكانت من نصيب قطاع البنوك، الذي بلغت نسبة حجم تداولاته إلى السوق 55.50 في المئة، بعد أن وصل إلى 11.49 مليون سهم. أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع البنوك المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 37.89 في المئة بقيمة إجمالية بلغت 20.06 مليون دينار تقريباً، وجاء قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 18.04 في المئة، وبقيمة إجمالية بلغت 9.55 ملايين دينار تقريباً، أما المرتبة الثالثة فشغلها قطاع السلع الاستهلاكية، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة للقطاع 7.46 ملايين دينار، شكلت حوالي 14.09 في المئة من إجمالي تداولات السوق.