التطرف أسوأ الانحرافات العقلية والنفسية الذي يتجه بنا الى التعامل معه كمرض عقلي من واقع حالات من السيئ الانتظار عليها حتى لا تتراكم وتصبح ظاهرة كما في حالة الشقيقين اللذين قتلا والدتهما في الرياض بل وحاولا قتل والدهما وشقيقهما الأصغر، وطالما أن المرجعية واحدة فما يقوم به متطرف في أقصى الأرض بذات البواعث يضعه على مسار سواء مع من يتطرف في أدنى الأرض، وذلك أمر سبق اليه شاب سوري ينتمي لتنظيم داعش حين أعدم والدته أمام جموع كبيرة لأنها بقلب نصحته بمغادرة التنظيم ومدينة الرقة التي تخضع للتنظيم. إننا في الواقع تجاوزنا العلل الفكرية والخطاب الاختطافي والعبث بنفسية المراهقين والشباب الصغار الى الدخول في غيبوبة عقدية فاسدة يحتاجها أمراء الظلام لممارسة تضليل مريح في عقول الصغار والاتجاه بهم الى أقصى درجات ومستويات البوهيمية والوحشية، واستبدال إنسانيتهم بحالة سيكوباتية معتلة تجعل العلاج أكثر مشقة، لأن الضحية، وهو الجاني في نفس الوقت، يصبح مزدوج الشخصية، بحيث يبدو طبيعيا في إطار العرف الاجتماعي لمعاملاته وسلوكياته فيما هو يضمر شخصية داخلية كارثية متعفنة ومشوهة قادرة على التحول الى مجرم في أي لحظة. كل ذلك يضاعف المتاعب في العلاج والتعامل مع الإرهاب والتطرف، فنحن الآن انتقلنا الى مرحلة متقدمة من السوء المتطرف والإرهابي، بانتاج شخصيات أشبه بأولئك الزومبي الذين لا يفرق معهم أحد ولا يشعرون بالزمان والمكان، وبإمكان أي واحد منهم قتل أمه بدم بارد بعيدا عن أي عمق إنساني يكبحه ويزعه، كما أنه يمكن أن يفجر بيوت الله والعاكفين الآمنين فيها أيا كان مذهبهم، لتكتمل بذلك شخصية فانتازية لديها تقاطعات كبيرة مع الواقع، وهنا يزداد الخطر وتصبح الأمور أكثر سوءا وقلقا وتهديدا لمستقبل الإنسانية والانتكاس بها في حالات متوحشة وعدائية وإقصائية لا يمكنها أن تتفق مع الأغلبية المخالفة لها. هل خرج علاج التطرف عن السيطرة مع هذه التطورات المرضية؟ هناك أمل طالما يوجد خلل ومرض إذ إن ذلك في حد ذاته يعتبر نقطة ضعف تسمح باختراق الحصن المتطرف والذات المتطرفة، كما أن العلاج العقلي أيضا مطلوب وينبغي أن يستمر على أكثر من اتجاه، ولكن صدقا فإن محور ذلك ومرتكزه هو الأسرة محل التنشئة، ومنها مبتدأ ونهاية أي انحرافات في الشخصية الناشئة، ويمكن أن نقيس عليها معادلة الفعل ورد الفعل والتناسب الطردي والعكسي فيما يتعلق بثبات واستقرار الشخصية وتعرضها لأي اختطاف ودخولها نفق الانحراف العقلي والنفسي.. كلما قويت الأسر أنتجت أجيالا معافاة والعكس.