بقلم : د. سعيد السريحي قبل ما يزيد على الثلاثين عاما دفع أهالي جازان الثمن غاليا، حينما تعرضت منازلهم لانهيارات متتالية يعود السبب فيها إلى أن تلك المباني أنشئت على تربة ملحية لم تلبث أن ذابت فانهار ما تم بناؤه عليها، ولا تزال الأطلال التي خلفتها تلك الانهيارات في حي العشيماء وحي الجبل شاهدة على تلك المأساة. وإذا لم يكن لأحد أن يلوم أهالي جازان على أنهم لم يختبروا تلك التربة التي أقاموا عليها منازلهم، فليس لأحد أن يعفي أمانة مدينة جازان أو بلديتها ــ آنذاك ــ من أنها منحت تصاريح البناء على أراض لم تقم، رغم كل ما لديها من معدات ومن لديها من خبراء، بفحصها ووقفت مكتوفة الأيدي أمام انهيارات تلك المنازل تشاهد تشرد أطفال تلك المنازل و«براءة الأطفال في عينيها». تلك حقبة مرت بما لها وما عليها، وإن تكن قد تركت في قلوب الأهالي أسى وخلفت لأقدامهم تعب مطاردة صرف التعويضات عن مساكنهم التي انهارت، تلك حقبة مضت غير أن الكارثة التي لقنت أهالي المنطقة درسا لم تلقن جامعة جازان ذلك الدرس، إذ لم تكلف نفسها فحص واختبار التربة التي أقامت عليها مبانيها، وهو ما استنكره وأبدى تخوفه منه الدكتور عبدالله العمري رئيس جمعية علوم الأرض ورئيس قسم الجيولوجيا في جامعة الملك سعود، مبديا استغرابه من تجاهل المسؤولين في الجامعة لكود البناء السعودي رغم وقوع المباني التابعة لها على الحزام الزلزالي والصدوع النشطة، والتي من شأن القبب الملحية في المنطقة أن تضاعف من تأثير أي زلزال تتعرض له المنطقة ــ لا قدر الله. ذلك التحذير العلمي من الخطر الذي يهدد عشرات الآلاف من طلاب الجامعة نتيجة تجاهل الاحتياطات العلمية من قبل مرفق من المفترض فيه أن يكون علميا أكده اللواء هاشم داود مدير الدفاع المدني في المنطقة، متسائلا: «عن كيفية إنشاء مدينة جامعية بمليارات الريالات ويدرس فيها آلاف الطلاب والطالبات دون إجراء دراسة جيولوجية لتربة الموقع». الكارثة الحقيقية ليست في توقع كارثة ــ نسأل الله لأهالي جازان السلامة منها، وإنما هي أن يتم تجاهل الأساليب العلمية من قبل أعلى جهة علمية في المنطقة في الأخذ باحتياطات تحمي الأرواح من الهلاك بزلزال كالذي تعرضت له المنطقة عام ١٩٤٧ وراحت ضحيته مئات الأنفس، وتحمي المنشآت من دمار كالذي لحق بحي العشيماء وحي الجبل ولا تزال شواهده قائمة تذكر من له قلب يشعر وعقل يفكر. نقلا عن عكاظ