ــ تمر مصر بأزمة كبرى على كل المستويات منذ ثورة أو نكسة 25 يناير.. لا فرق، وتنعكس هذه الأزمة بشدة على الإعلام الذي انقسم بشدة بين أشباه المواهب والأفكار الذين نبتوا كالفطر وأصبحوا يسيئون لثقافتها وأدبها وحضارتها العظيمة بمنتهى النزق والصبيانية.. ــ الأسبوع الماضي كنت مع بعض الأصدقاء في استراحة، وشاهدنا بالصدفة فضائية مصرية جديدة تعرض برنامج مسابقات على الهواء، وتطلب من المشاهدين أن يختاروا الفروق الخمسة بين صورتين لامرأة واحدة شبه عارية، والجائزة الأولى خمسة عشر ألف دولار!! ــ برأيي أن هذا الإعلام المنحل لا يختلف كثيراً عن إعلام التفجير والإرهاب وله نفس الأثر التدميري، وإن كان بشكل أنعم وأرق كما تبدو الأمور للوهلة الأولى، ولكن لو فكرتم في آثار السخف الذي ستخلفه ثقافة العنف وثقافة الانحلال على المراهقين لما وجدتم إلا نهاية واحدة؛ ضياع مؤكد.. ــ الأسئلة التي لا إجابة لها أبداً: من هو السخيف الذي يعد مثل هذه البرامج الركيكة؟ وهل أصبح الفضاء العربي مفتوحاً على الانحلال والقتل الأخلاقي إلى هذا الحد؟ ألا يكفي حجم الدمار الإنساني والقيمي الذي يجري في بعض المدن العربية هذه الأيام؟ ــ في الواقع إننا أمة تمر بمأساة إعلامية لا نظير لها، وعلى المراهقين أن يختاروا قدواتهم من بين كل هؤلاء العراة أخلاقياً؛ فإما قتلة وإرهابيون ومفجرون، وإما سكارى وتُجَّار انحلال، ولذلك سينمو هذا الجيل بصعوبة بالغة؛ إذ ليس أمامه إلا إعلام تحرش من الدرجة الأولى يستهدف عقله وغريزته!!