×
محافظة المنطقة الشرقية

«دي اتش» يظفر بلقب كأس سيدات اليد والظفرة وصيفاً

صورة الخبر

ثمة أسئلة وجب محاولة الإجابة عنها بشكل واضح تخص العلاقات الإيرانية العربية، أكثر الأسئلة إلحاحا هو: ما المشروع الإيراني اتجاه العرب، من نهر الفرات إلى نهر النيل؟ إن استطعنا الإجابة عن ذلك السؤال، نكون قد كشفنا أكثر من نصف السر وراء هذا الاحتقان الدامي! المشروع الإيراني اتجاه العرب في صلبه إضعاف الشرعية الوطنية في كل تلك البلاد وخلخلتها؛ تمهيدا لجعلنا أولا دولا فاشلة، ومن ثم التحكم في أوطاننا لصالح المشروع الإيراني. أي تحويل الدول من أوطان إلى ساحات صراعية بين مكونات هذه الأوطان، تحت شعارات زائفة؛ فإيران لم تطعم شعوبها الخبز والحرية، ولا هي حررت شبرا من فلسطين! بعض الدول العربية انتبهت إلى خطورة هذا المشروع وتحوطت له من خلال الحفاظ على صحتها الوطنية، فاتخذت إجراءات لمنع تداعيات المشروع الإيراني وقلع مسبباته، على رأس تلك الدول المملكة العربية السعودية في الشرق، والمملكة المغربية في الغرب، كل اتخذ إجراءات لحماية شرعيته، كثير من الدول العربية الأخرى لسبب أو لآخر، إما قدمت حسن النية، أو ترى أن مواجهة المشروع الإيراني قد يكلفها ثمنا لا تستطيع دفعه في الوقت الحالي، فتأرجحت بين المد والجزر، حتى وقع أو كاد بعضها في حبائل المشروع. لقد نصب النظام الإيراني مجموعة من الأفخاخ للعرب، وخصوصا من العرب الشيعة (أنا أستخدم المفهوم بدقة، فلم أقل الشيعة العرب، بل العرب الشيعة) تلك الأفخاخ على مستويات كثيرة، ولكن كلها تتجه إلى تحقيق المشروع الأكبر (إضعاف الشرعية الوطنية)؛ حتى يسهل للمصالح الإيرانية التغلغل في نسيجها الوطني. من الأفخاخ الواضحة التي تعمل على مستويين، الأول عزل بعض العرب الشيعة على أساس ولائهم للولي الفقيه عن بقية المكونات الاجتماعية في أوطانهم، فأصبح (نظامهم) طائفيا بحتا، يحمل بذرة الإلحاق لا الإصلاح بصفته عقيدة مبررة؛ لأن الإصلاح يحتاج إلى كل الأجنحة الوطنية. وحده الإلحاق الذي يستبعد المكونات الأخرى، هذا الفخ الذي عطل التطور الطبيعي للتقدم الاجتماعي والسياسي في تلك البلدان التي وقعت فيه، استهدف استنزاف الدولة؛ تمهيدا لتعطيلها، وقد أدى إلى أن تصبح المكونات الأخرى في الوطن التي تعارض الإلحاق؛ لأنها لا ترى فيه إصلاحا، في مواجهة داخلية مع شريحة الإلحاق، كما أن قناعات الناس أن النموذج الإيراني في الحكم لا يغري عاقلا فطنا باستنساخه. غُطي هذا المشروع الإيراني وفخاخه التي نصبت بشعارات (محاربة إسرائيل ومقارعة أميركا)، تلك الشعارات إن كانت قد سار وراءها ردحا من الزمن البعض من الرأي العام العربي في السابق، مع الأيام ظهر إفلاسها. من هذه المقدمة إلى التطبيق العملي على أرض الواقع، فإيران اليوم موجودة في العراق وفي سوريا وفي لبنان، وفي اليمن على وجه التحديد، كما تحاول في البحرين والسعودية وبعض بلاد الشمال الأفريقي. دعونا نفحص نتائج هذا المشروع الإيراني في البلدان التي لإيران موضع قدم فيها. في العراق وجود إيران ومساومة أو خضوع بعض المكونات السياسية العراقية لها لا يعني خضوع كل العراقيين، ليس العرب السنة فقط، بل وشريحة كبيرة من العرب الشيعة. لقد تبين أن المشروع الإيراني في صلبه مشروع توسعي إقصائي وإلحاقي، بجانب استخدام الذراع العراقية لعرقلة المصالح العربية العليا. في الداخل لا يحمل المشروع الإيراني للعراقيين غير الفرقة والدمار والحرب، لقد وصل عدد المهجرين العراقيين من أماكنهم الطبيعية اليوم ثلاثة ملايين ونصف مليون مهجر، هؤلاء بشر وليسوا حطب دومنو، لهم مشاعرهم ولهم حقهم في الحياة الكريمة، وسيدافعون عنها، ولم يعد حكام بغداد الذين حصروا أنفسهم في الزاوية الإيرانية بمحرجين حتى من تعيين قاسم سليماني (الجنرال الذي لم يتخرج في كلية عسكرية) مستشارا عسكريا للحكومة العراقية! المشروع الإيراني في العراق أفضل ما يمكن أن يحقق هو تآكل الشرعية، وتعطيل للتطور المرجو من قطاعات واسعة من الشعب العراقي. إنه يحمل الأذى أكثر مما يحمل الخير، ويحمل التقسيم أكثر مما يحمل الترميم للدولة الوطنية المدنية العراقية. في سوريا السيناريو نفسه وإن اختلفت التفاصيل؛ فالهدف هو تآكل الشرعية، أكانت شرعية النظام أو المعارضة، من أجل خلق فراغ في الدولة تتقدم فيه المصالح الإيرانية، بصرف النظر عن المآسي الإنسانية الكبرى التي تحدث، وعن الأطفال الذين نشاهد على التلفزيون ونصفهم تحت الكونكريت والنصف الآخر يحاول أن يتشبث بالحياة. عدا ملايين المشردين وهدم القرى والمدن، كل ذلك تفاصيل في المشروع الإيراني، المهم الهدف وهو إضعاف الشرعية المنبثقة من أغلب المواطنين المطالبين بالتغيير، ودفنها تحت الأنقاض. المشهد في اليمن يتكرر؛ فمعاونة شريحة يمنية صغيرة ضد أغلبية الشعب اليمني، هو من جديد إضعاف الشرعية الوطنية، وبالتالي القفز على مقدرات اليمن العربي، فلا تلك الشريحة مقبولة من أغلب اليمنيين، ولا هي قادرة على تقديم مشروع تنموي لبلد فقير يناهز سكانه الخمسة والعشرين مليونا من البشر، فاقد لأي موارد اقتصادية التي يمكن البناء عليها. المهم هنا من جديد بالنسبة للمشروع الإيراني إضعاف الشرعية، بل موتها السريري؛ كي يصعد النفوذ الإيراني ويتحول القرار اليمني من صنعاء إلى طهران! ليس مهمًا بعد ذلك عدد القتلى اليمنيين أو الجوعى أو من هم في السجون، المهم السيطرة على شريحة الحكام الجدد وإخضاعهم للهوى الإيراني، كما في بغداد أو بيروت. في لبنان يتكرر السيناريو في أجلى صورة، تعطيل الشرعية الوطنية، ليس مهمًا معاناة المواطن اللبناني ودفع الكثيرين إلى العوز والحاجة، وإفلاس المؤسسات وتعطيل الدولة اللبنانية إلى درجة الفشل، وجلب كل العقوبات الدولية ضد اقتصادها. ما يفقده المشروع الإيراني هو فهمه للتاريخ؛ فالذاكرة الجمعية للعراقيين والسوريين واليمنيين ترفض الخضوع للنظام الإيراني المحمل بالغيبيات والخرافات، ولا شك أنها ستهب في وجهه عاجلا أو آجلا. المشروع الإيراني لا يقف هناك، فجزء من محاولة إرباك الشرعية وصل إلى المملكة العربية السعودية من خلال مواسم الحج، الذي كثيرا ما يختلق الإيرانيون مشكلات عن طريق من يرسلونهم إلى الحج، تقود إلى إحداث الاضطراب، حتى لو أدى ذلك إلى قتل بعضهم، في محاولة لإحداث شرخ ولو بسيطا في الشرعية، وإظهارها أنها غير قادرة على إدارة الحجيج! وأخيرا الهجوم الضخم اللفظي على أحداث البحرين الأخيرة، فقد اهتزت لها ألسنة الجميع من المسؤولين الإيرانيين، عسكريين ودينين وسياسيين ينادون بخيار العنف المسلح، ووضع خطوط حمراء في تدخل سافر جراء أحداث داخلية تحدث في عصرنا في الكثير من الدول، وهو المشروع نفسه تعميق الانقسامات وإضعاف الشرعية: اتركونا نعبث بأمنكم من أجل تحقيق ضعف ومن ثم انهيار الشرعية، أو نثير ضجة ونطلق التهديدات. هذا المشروع الإيراني حري أن يفهم، وأن ترسم له استراتيجية مضادة من قبل دول مجلس التعاون، مبنية على حقائق لا تمنيات. آخر الكلام الرؤية الشائهة التي يحملها النظام الإيراني للجوار، ستبقى معنا لأجل ليس قصيرا، تحتاج إلى طول نفس وإجراءات على الأرض، جماعية وموحدة.