مع قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي يغرق اقتصاد بلدهم في المجهول وقد يعاني من صدمة تزعزعه فتتسبب بتباطؤ النمو وارتفاع البطالة. وركز أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي حملتهم على مخاطر انهيار الاقتصاد، غير أن تحذيراتهم لم تكن كافية، وباتت بريطانيا بعد الاستفتاء المدوي في مواجهة عاصفة أثارها قرار الخروج من الاتحاد. والنتيجة الآنية لهذا القرار قد تكون أزمة مالية مصغرة قد لا تقتصر على حي المال والأعمال في لندن، بل تتخطى حدود المملكة المتحدة، إذ إن خروج القوة الاقتصادية الخامسة في العالم من أوروبا سيكون له حتما وقع كبير في العالم. وبمعزل عن تراجع الأسواق، من المتوقع أن تكون وطأة هذا القرار البريطاني على الاقتصاد كبيرة. وإن كان الخبراء اختلفوا على المخاطر التي قد تنجم عنه، إلا أنهم يتوقعون بصورة إجمالية عواقب سلبية، أقله للسنوات القليلة القادمة، بسبب مجموعة من المخاطر الفادحة. وهذا ما يجعل لندن تتوقع «فترة طويلة من الغموض» تترافق مع «عواقب بالنسبة للشركات البريطانية والتجارة وجاذبية الاستثمارات». وقد تتكثف الحواجز التجارية خلال هذه الفترة الانتقالية وتوقعت منظمة التجارة العالمية أن يترتب على المصدرين البريطانيين دفع 5.6 مليار جنيه إسترليني (7.2 مليار يورو) سنويا من الحقوق الجمركية الإضافية. وفي نهاية المطاف، فإن خروج بريطانيا قد يحد من النمو الاقتصادي الحيوي المسجل منذ سنتين، ويدرس صندوق النقد الدولي سيناريو سلبيا يشهد فيه الاقتصاد البريطاني انكماشا العام القادم، ما سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مجددا من 5 % حاليا إلى 6.5 % في غضون سنتين. وهذا الوضع الاقتصادي سيجفف العائدات الضريبية ويتوقع معهد الدراسات المالية أرباحا فائتة سنوية تتراوح بين 20 و40 مليار جنيه إسترليني حتى العام 2020، آخذا بالاعتبار في حساباته وقف المساهمة البريطانية في ميزانية بروكسل. وفي سياق البلبلة المالية المرتقبة، فإن الحي المالي في لندن قد يخسر من جانبه، وتخشى المصارف أن تفقد حقها في بيع خدماتها المالية من دون قيود انطلاقا من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي. وتعتزم مصارف «اتش اس بي سي» البريطاني و«جي بي مورغان» و«مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس» الأمريكية نقل وظائف إلى خارج بريطانيا، بحسب ما أفادت مصادر داخل هذه المؤسسات، وقد تطاول هذه العمليات بصورة إجمالية نحو 100 ألف وظيفة مالية، بحسب شركة الضغط «ذي سيتي يو كاي».