القاهرة: محمد عبده حسنين تظاهر آلاف من أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أمس في العاصمة القاهرة وعدد من المحافظات تحت شعار «ضد الانقلاب» للمطالبة بعودة الرئيس السابق للحكم مرة أخرى، ورفض ما سموه «الانقلاب العسكري» على الحكم، وذلك في تحد للإنذار الذي وجهته إليهم وزارة الداخلية قبل يومين بضرورة فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة». وكانت الداخلية دعت المتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول إلى فض اعتصامهم، المستمر منذ أكثر من شهر، ووعدتهم بـ«خروج آمن». وناشدت الإسلاميين المعتصمين بميداني رابعة العدوية ونهضة مصر للاحتكام إلى العقل وتغليب مصلحة الوطن والانصياع للصالح العام، وسرعة الانصراف منهما وإخلائهما حرصا على سلامة الجميع. وتستعد قوات الأمن حاليا لعملية أمنية من أجل فض اعتصام أنصار مرسي، حيث تحاصر قوات الشرطة اعتصامي رابعة العدوية والنهضة استعدادا لفضهما. وقام المعتصمون في رابعة العدوية ببناء الحواجز والسواتر الرملية على جميع مداخل الميدان وإغلاق الشوارع الجانبية، كما نشر معتصمو ميدان النهضة بالجيزة اللجان الشعبية لرصد أي محاولات من قبل قوات الأمن لفضه. ورفض «التحالف الوطني لدعم الشرعية» مطالب وزارة الداخلية بفض الاعتصام، وقال إن «قوات الأمن تخطط لإثارة العنف لاستغلال ذلك كمبرر لارتكاب مذبحة»، وناشد الجنود والشرطة عدم إطلاق النار على المحتجين. وخرج الآلاف من الإسلاميين أمس في مسيرات دعا إليها التحالف الوطني لدعم الشرعية، بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، خرجوا من أحياء شبرا ورمسيس والجيزة وميدان مصطفى محمود بالمهندسين.. وغيرها، متوجهة إلى ميداني رابعة العدوية والنهضة. وأكد جمال عشري، القيادي بحزب الحرية والعدالة، أن هناك تحركات كبيرة في محافظات سوهاج وأسيوط والمنيا وقنا وأسوان تعتزم الانطلاق إلى القاهرة، وأضاف أنه سيتم أيضا زحف عشرات الآلاف من محافظات الوجه البحري. ومن جانبه، قال خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إن مظاهرة «ضد الانقلاب» تمثل محورًا هامًا في «إنهاء وضع الانقلاب العسكري بعد المعطيات التي فرضت نفسها على الواقع السياسي المصري»، مؤكدا وجود دلائل كثيرة على عودة مرسي إلى منصبه، منها محاولة الإسراع لفض الاعتصامات. وفي السياق ذاته، دعا الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون، المصريين لـ«الاستمرار في نضالهم من أجل الحرية وعودة الشرعية»، ودعا «كل ضابط وجندي ألا يطيع الأوامر إذا جاءته بقتل المعتصمين والمتظاهرين فهم إخوانه وأخواته وآباؤه وأمهاته وأبناؤه وبناته». واستشهد بديع، في رسالته الأسبوعية أمس بالحديث الشريف «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، وأضاف «دوره أن يحميهم من كل مجرم وخارج عن الدستور والقانون مهما علت رتبته، فضلا عن حمايتهم من العدو الخارجي». وشددت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية الإجراءات الأمنية بمحيط ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية أمس تحسبا لتوجه مسيرات مؤيدة لمرسي للميدان والسفارة الأميركية القريبة منه أو محيط القصر الرئاسي. وكانت اشتباكات نتجت عن توجه مسيرة لأنصار مرسي باتجاه ميدان التحرير أدت لمقتل شخص وإصابة آخرين الأسبوع الماضي. وقال مصدر أمني إنه تم الدفع بعدد من تشكيلات الأمن المركزي بمحيط ميدان التحرير لضمان عدم وقوع أي تماس أو اشتباكات بينهم وبين المسيرات التي ينظمها مؤيدو مرسي. وبينما بدأ العشرات من أنصار الرئيس السابق التوافد على مدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر، قامت الأجهزة الأمنية بتعزيز وجودها بمحيطها وذلك لحماية الإعلاميين والعاملين بالمدينة أثناء الدخول والخروج، وكذلك تأمين منشآت المدينة باعتبارها من المنشآت الهامة والحيوية بالدولة. وأعلن عدد من القوى الإسلامية عن نيتهم التوجه بمسيرات إلى مدينة الإنتاج الإعلامي احتجاجا على ما سموه «إعلام الفتنة» وإعلان رفضهم تغطية بعض القنوات الفضائية للأحداث. وفي الإسكندرية، احتشد أنصار جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة سموحة عقب صلاة جمعة أمس لمواصلة فعالياتهم الاحتجاجية المناهضة لخارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة بتوافق مع عدد من مؤسسات الدولة وقوى سياسية. ورفع المتظاهرون العلم المصري وصور مرسي ورددوا الهتافات المناهضة لقيادات بالقوات المسلحة فضلا عن التنديد بما وصفوه العنف في التعامل مع الاحتجاجات التي ينظمها أنصار الجماعة بعدد من المحافظات. وتوجه المتظاهرون إلى مقر مديرية أمن الإسكندرية احتجاجا على إعلان وزارة الداخلية اعتزامها فض اعتصام رابعة العدوية. وكانت الفعاليات الاحتجاجية لأنصار جماعة الإخوان تنطلق بصورة يومية من الساحة المقابلة لمسجد القائد إبراهيم؛ إلا أنه تم تغيير نقطة الانطلاق بعد الاشتباكات التي شهدتها المنطقة الأسبوع الماضي وراح ضحيتها قرابة 12 قتيلا وما يناهز المائة مصاب. من جانبه، جدد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تأكيده رفض استخدام العنف أو التحريض عليه بديلا عن الحلول السياسية والحوار، مؤكدا على مسؤولية الدولة، وكل الأطراف السياسية في وجوب الحيلولة دون وقوع العنف بأي ثمن والحفاظ على سلامة المواطنين كافة أيا كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم. ودعا الطيب، في بيان أصدره أمس إلى ضرورة الاستجابة العاجلة للحوار الجاد كونه السبيل الوحيدة لحل الأزمة الراهنة. وقال إن «الحوار العاجل والجاد وحده هو المخرج الوحيد من الوضع الراهن، وهو السبيل لبناء الثقة من جديد بين كل أطياف الشعب المصري الأصيل، ويجب على الجميع الاستجابة الفورية إلى الحوار، فالتاريخ لن يرحم متخاذلا أو معاندا على حساب الأوطان والشعوب». كما شددت عشر منظمات حقوقية مصرية، على أن الهدف الرئيس لأي تدخل أمني يجب أن يكون ضمان السلامة العامة ومنع الاضطرابات وحماية حقوق الآخرين. ودعت المنظمات في بيان مشترك لها أمس إلى وجوب أن يسبق أي تدخل أمني أو تعامل شرطي مع أي تظاهرة، تقييم شامل ورسمي للتداعيات الأمنية المحتملة ولقدرة الدولة على منع تفاقم العنف أو وصوله إلى أماكن أخرى. وأن يسبق التدخل الأمني إثبات استنفاد كافة أساليب الإقناع والتفاوض والوساطة. وحملت المنظمات الحكومة مسؤولية العنف والتدهور في الأمن والسلم المجتمعي الذي يقع خارج نطاق العاصمة، والذي تفشل الأجهزة الأمنية دائما في التدخل لاحتوائه ولتوفير الحماية للمواطنين المتضررين منه.