أوائل الستينات كنت أجري مقابلات سريعة مع ضيوف لبنان من المشاهير الأجانب، وكانوا يومها نجومًا عالميين وأعدادهم كثيرة. وذات يوم قال لي الزميل العزيز سليم نصار إن في فندق فينيسيا أميرًا من آل هولن زولرن، يؤسس مع الممثل الشهير ويليام هولدن، نادي «سافاري» في كينيا. كان هولدن بطل أفلام جميلة، أشهرها «نزهة»، وأما الأمير النمساوي فلم أكن قد سمعت باسم عائلته من قبل، وإن كانت كلمة «سافاري» قد شاعت يومها للتو، إذ تردد في الصحف أن الثري السعودي عدنان خاشقجي، يشاركه في المشروع. استقبلني النبيل النمساوي وزوجته وكلاهما «بالروب دو شامبر» الأحمر المذهب. وكان كلاهما متقدمًا في السن مع بقايا من ملامح الأرستقراطية الأوروبية. وقد شعرت بالمهانة، لكنني لم أنسحب لأن سليم نصار هو الذي أخذ الموعد. ورحت أصغي منهما إلى أحاديث بدت لي خيالات وأساطير عن بوادي الأسود ومراعي الفيلة، وأسراب الزرافات التائهة بين أعناق الشجر. وتأكيدًا للمودة في نهاية المقابلة، قام النبيل إلى مكتبه وعاد ومعه بطاقة مذهبة باسمه، وقال لي: اقبل منا عضوية الشرف في نادي «جبل كينيا»، فإذا جئت يومًا إلى كينيا، هذا مدخلك إلى النادي. حملت المقابلة والبطاقة، وأخذتهما إلى سليم نصار. وقلت له، هل هذا الرجل بعقله الكامل؟ ما الذي سيأخذني إلى كينيا؟ إنني في أي حال، أهديها لك. قال: احفظها. لا تدري ماذا تحمل الأيام. كنت لا أزال في منزل والدي. وضعت البطاقة في «كومودينا» في الدار، ونسيتها هناك. أو لعلها نستني قبل أن أنساها. فما علاقة هذا الناشئ بأندية الملوك والنجوم؟ شخص آخر نصحني بأن أحفظ البطاقة، شقيقي منير، الذي يصغرني بخمس سنوات. قال لي: «لماذا تريد أن ترميها؟ ما الضرر في إبقائها»؟ قلت لأن هذا الرجل يسخر مني، فما لي ولنادي السافاري؟ قال، لم يقصد أن يسخر منك، بل أن يكرمك. إنها ذكرى جميلة في أي حال. أبقها بين أوراقك. إلى اللقاء..