بصعوده إلى أعلى مستوياته منذ 7 أسابيع، عكس الجنيه الإسترليني تزايد التوقعات ببقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر غداً الخميس، علماً أن المستثمرين لطالما اعتمدوا على محللين متخصصين محايدين، بعيدين عن التكهنات التي تبثها وسائل الإعلام أو توقعات معسكري الحملة «مع أو ضد» البقاء في أوروبا. وقبل 48 ساعة فقط على الاستفتاء التاريخي، عكست استطلاعات الرأي احتمالات فوز المعسكرين في التصويت الذي يمكن أن يحدد المستقبل السياسي والاقتصادي لأوروبا. ومع نفاد الوقت لإقناع الناخبين عبر الحملات الموجهة والجولات الانتخابية، تجمع آلاف في ستاد «ويمبلي» لحضور مناظرة حية بين المعسكرين يتواجه فيه رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الذي يقود حملة الخروج، وخلفه رئيس البلدية الحالي صادق خان المؤيد لحملة البقاء في الاتحاد الأوروبي. وانقسمت استطلاعات الرأي بدورها، إذ أشار اثنان منها إلى تقدم معسكر البقاء، فيما اظهر ثالث فوز معسكر الخروج في الاستفتاء. وكتب لينتون كروسبي الخبير السياسي الاستراتيجي في صحيفة «ديلي تلغراف»، أن كل المؤشرات «تدل على استفتاء لن تحسم نتيجته حقاً حتى اللحظة الأخيرة» وأضاف أن «نتيجة الاستفتاء غير مؤكدة». وأجريت تلك الاستطلاعات في غالبيتها بعد اغتيال النائبة العمالية جو كوكس، البالغة من العمر 41 سنة والوالدة لطفلتين، بعد إطلاق النار عليها وطعنها أثناء توجهها للقاء الناخبين في دائرتها في شمال إنكلترا الأسبوع الماضي. والقاتل المفترض توماس مير البالغ من العمر 52 سنة، عرف عن نفسه بـ «قاتل الخونة، المدافع عن الحرية لبريطانيا» عند مثوله للمرة الأولى أمام المحكمة التي وجهت له تهمة القتل. وينتظر أن يكشف حزب الاستقلال (يوكيب) المناهض للاتحاد الأوروبي عن ملصق دعائي جديد بعد أن قال منتقدون إن الملصق السابق الذي يصور طوابير من المهاجرين التي تسير في أوروبا وتحتها عبارة «نقطة الانهيار»، يحرك الكراهية. ومع اقتراب يوم الاستفتاء عرض عدد من الشخصيات مواقفه من الاستفتاء، فقالت الكاتبة جي. كي رولينغ مؤلفة سلسلة «هاري بوتر»، إنها «إحدى أكثر الحملات السياسية المثيرة للانقسامات والمرارة على الإطلاق»، فيما حذر رئيس وزراء إرلندا ايندا كيني من أن خروج بريطانيا من أوروبا يمكن أن يزعزع سلاماً تم التوصل إليه بصعوبة في إرلندا الشمالية. أما قطب الأعمال جورج سوروس، الذي اشتهر بعد تحقيقه أرباحاً طائلة في مضاربات ضد الجنيه الإسترليني في 1992 خلال أزمة العملات، فقد توقع أن يؤدي استفتاء يفوز فيه معسكر الخروج إلى انهيار الإسترليني. وكتب سوروس في صحيفة «ذي غارديان»، أن «تصويتاً بالمغادرة يمكن أن يسفر عن نهاية أسبوع بيوم جمعة أسود وعواقب خطرة على عامة الشعب». وتأرجح الجنيه الإسترليني مع اقتراب موعد الاستفتاء، لكنه بلغ أمس أعلى مستوى له أمام الدولار منذ أيار (مايو) الماضي (راجع ص11). وأظهرت دراسة نشرت أمس، تقدم معسكر البقاء بست نقاط بنسبة 53 في المئة، بطريقة احتساب تعيد تقييم البيانات بنسبة احتمال مشاركة الناخبين.غير أن مركز الأبحاث ناتسين أكد على أن المناصفة بنسبة «50-50» بين «مع وضد» لا تزال ضمن النتائج مع احتساب هامش الخطأ. وقال الباحث في المركز جون كورتيس في بيان: «من المهم أن نتذكر أن النتيجة تبدو متقاربة إلى درجة يتعين معها التعامل بحذر مع أي تقدم». استخدمت صحيفتا «ذي غارديان» و»ديلي تلغراف» صفحتيهما الرئيسيتين لدعم كل من معسكري الحملة. وأكدت «غارديان» أن «الاتحاد الأوروبي يجسد أفضل ما لدينا كشعب حر في أوروبا تنعم بالسلام». وأضافت: «صوتوا ضد أمة منقسمة تنغلق على نفسها. صوتوا مع البقاء». وعلى عكسها، دعت «ديلي تلغراف» القراء إلى دعم الخروج من أوروبا. ورأت أن «عالماً من الفرص ينتظر مملكة متحدة مستقلة بالكامل». وأضافت: «إذا كان استفتاء الخميس خياراً بين الخوف والأمل، نختار الأمل». وفتح الاستفتاء البريطاني الاحتمال أمام دول أخرى تطالب بتصويت أيضاً، ما يعرّض الوحدة الأوروبية للخطر، هي التي أتت نتيجة التصميم لتحقيق سلام دائم بعد حربين عالميتين. وقال زعيم حزب العمل جيرمي كوربن المؤيد لحملة البقاء، في برنامج تلفزيوني، أن الناخبين «ربما فعلاً» يصوتون للمغادرة، مضيفاً أنه على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بإصلاحات أياً تكن النتيجة. وقال كوربن: «إذا بقينا، أعتقد أن على أوروبا أن تتغير وبشكل كبير إلى شيء أكثر ديموقراطية، وأكثر مسؤولية». وألمح رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، إلى أنه يقيّم ذلك. وكتب تاسك على تويتر: «أياً تكن نتيجة الاستفتاء البريطاني، علينا أن ننظر جيداً ومطولاً إلى مستقبل الاتحاد». وأضاف: «من الحماقة تجاهل تحذير كهذا».