×
محافظة المنطقة الشرقية

14 ثلاجة رمضانية تنشر السعادة

صورة الخبر

القراءة السياسية لجريمة قتل البرلمانية البريطانية بالرصاص والسكين والركل بالقدم لا تكفي، لأن الاختلاف في المواقف والرؤى لا يصل إلى هذا الحد من العنف السادي. وأذكر أن اثنين من الباحثين في علم النفس أعدا قبل فترة بحثاً موسعاً بعنوان أرشيف الجريمة في بريطانيا، ورصدا جرائم تبدو بالغة الغرابة من حيث دوافعها، وما حفز الباحثين إلى ذلك هو إحصائية مثيرة عن ظاهرة الانتحار، ففي أحد الأعوام بلغ عدد المنتحرين ثلث عدد القتلى، وهنا بيت القصيد، فالذي أرادا قوله هو أن القاتل إضافة إلى معاناته من خلل نفسي لديه رغبة كامنة في تدمير الذات، فهو يمارس الانتحار، لكن بطريقة غير مباشرة، وسواء تعلق أمر الجرائم ببريطانيا أو بغيرها فإن المشترك بين القتلة جميعاً هو فقدانهم للتوازن النفسي، ومنهم من يعطي جريمته لوناً سياسياً كما فعل قاتل البرلمانية البريطانية، حيث هتف قائلاً: بريطانيا أولاً، تعبيراً عن رفضه لموقفها من وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، والسبب المعلن حتى الآن يبدو مثيراً للسخرية، لأن مجرد الاختلاف في وجهات نظر سياسية حول قضايا إجرائية من هذا الطراز ينتهي إلى حرب أهلية، والأصح أن وراء هذه الأكمات ما يدفعنا إلى البحث عن أسباب أخرى. وحين كتب العالمان موريس ولويس بلوم بحثهما بعنوان أرشيف الجريمة قالا: إن مجرد الشروع في قتل الآخر هو تعبير عن رغبة في الانتحار، واستشهدا بنظرية شهيرة في هذا السياق هي نظرية هنري وشورت، وقدم الباحثان عشرات الأمثلة عن قتلة اقترفوا جرائمهم تحت عناوين ملفقة سواء كانت سياسية أو اقتصادية، لكن الحقيقة هي كونهم غير أسوياء ومصابين بنزعة تدمير الذات، والمثال الذي يهمنا من ذلك الأرشيف الآن هو عملية اغتيال قام بها رجل يدعي أن سببها سياسي، لكنه اعترف أخيراً أمام المحكمة أنه استيقظ من النوم ولديه رغبة شديدة في قتل شخص ما! لهذا تبقى القراءات السياسية لجرائم من هذا الطراز قاصرة، لأن الدوافع أكثر تعقيداً من ذلك! خيري منصور