×
محافظة المنطقة الشرقية

إنشاء قاعدة معلومات وطنية شاملة في «المركزي للمعلومات»

صورة الخبر

الحاجة تنسج القصص العظام، وفي شباكها تقع هموم تهد الجبال، وبسببها تطأطئ رؤوس كانت عزيزة.. ورؤس رحيمة تتحرك للإنقاذ وسد النقص وستر الضعاف.. عند العوز يذوب الكبرياء وتبقى الحاجة سيدة الموقف.. أشخاص اختاروا العفة لهم طريقا والستر لهم حجابا، لكن الجوع والفقر ؛ أقوى من السكوت ؛ ليجبروا على طرق الأبواب ومد اليد، إما لسد جوع أو علاج ، أوستر للوالدين أو لدفع ايجار، أو فاتورة كهرباء، أو؛ لأي سبب قدري لم يكن باختيارهم ، ولا بإرداتهم..منهم من يرزقه الله ويفرج همه على يد إنسان أكرمه الله بالمال والعطف والمشاعر الانسانية الفياضة ، في بلد الخير فيها يعم البعيد والقريب .. ومنهم من ضاقت به الدنيا؛ فكان السجن مستقره الأخير.. «هيا» برّت بوالديها فأخذتها الديون عن أطفالها إلى الحبس في سجن الملز بالرياض؛ مجموعة من المحتاجين ، ممن أجبرتهم الظروف على ترك الدار والخلان ، ليكونوا وحيدين بين جدران السجن، يقلبون ذات اليمين وذات الشمال بلا حول ولا قوة. ينتظرون تلك اليد الخفية لتخف مآسيهم وتنفرج محنهم ويعودون لأبنائهم وأهاليهم، ليكملوا ماتبقى من هذا الشهر الفضيل بين أسرهم. «أبو أمجد» .. بحث عن طفل يملأ حياته .. فأضناه الضنا بين الجدران عادة سنوية “الرياض” في عادتها السنوية تسلط الضوء على الفئات المحتاجة في المجتمع، وتشحذ همم أهل الخير لمساعدتهم ومساندتهم بغية مرضاة الله وثوابه، وتنقل قصص واقعية من داخل تلك السجون وتضعها أمام محبي الخير، علها تلامس أرواحهم وبأياديهم البيضاء تفرج كربهم. «محمد» الحاجة تقوده إلى مكاتب «الدين» فقصموا ظهره برت والديها .. فسجنت تعيش الممرضة “ هيا” مع زوجها وأطفالها في غرفة في بيت أهل زوجها، وذلك بعد أن أرهقتها الديون وأهلكتها، خاصة وأن زوجها عاطل عن العمل منذ ١٥ عاما بسبب حالته الصحية، ولا معين لها إلا الله، فأكبر أبنائها عمره ٢٣ عاما، ولا تعمل. «سنــاء».. ديـــون بســبب الجـــهـــل والاحـتــيـــال مرت الأيام صعبة على “هيا” فبعد أن تشرد والداها، لم يرض قلبها إلا بالبر بهما، فاقترضت على أن تأخذ بيتا لوالدها وتكمل أقساطه من راتبها سنويا، وفعلا اشترت لوالدها منزلا يلم شمله ووالدتها وأخواتها الصغار، وأكملت المتبقي أقساطا بمقدار ٥٠ ألف ريال سنويا، إلى جانب ايجار منزلها وتكاليف علاج زوجها ووالدها ومصاريف أطفالها. تراكمت الديون حتى بلغت ال٩٢٨ ألف ريال، ولم تستطع سدادها، خاصة بعد أن تم ايقاف خدماتها ورواتبها منذ ١١ شهرا، فعاشت في حالة رعب من الديون التي أرهقتها وخشية على اطفالها وزوجها الذين تعولهم منذ ١٥ عاما. تقول “هيا”: أخذوني أمام أطفالي وأعلم أن هناك حقوقا تستوجب ذلك الأمر ولكن كلي إيمان بالله عز وجل ألا يتخلى عني، فأنا مرتاحة جدا لأن الدين كان من أجل والدي وأسرتي، وأنني تمكنت من افراغ البيت كاملا باسم والدي، فبعد ذلك كل أمري بيد الله. بحثا عن الضنى أما “ أبو مجد” فقد عانى طيلة عقد كامل من زواجه بحثا عن الضنى، قدم الغالي والنفيس ليصبح أبا لطفل واحد، ولأجل ذاك طرق الأبواب جميعها واستدان حتى بلغت ديونه ال١٠٠ ألف ريال، ومن الله عليه بطفلته “ مجد” ذات الخمسة أعوام. “أبو مجد” قصته أكثر تعقيدا عما كان يبدو، فالوجع قصم ظهره والظلم قهره منذ أكثر من ستة أعوام، حيث كفل أحد أصدقائه وكان كفيلا غارما ثانيا، وتأخر صديقه عن السداد فاشتكاه أهل الدين، فأصدر القاضي حكمه بإيقاف رواتبه .. ست سنوات؛ بدون دخل يعيش منه ، خاصة وأن صديقه دفع دينه كاملا ولم يعد هناك حقوق مطلوبه، ولكن القاضي لم يرفع حكمه وبقي “ أبو مجد” طيلة أعوامه الستة يراجع المجلس الأعلى للقضاء - كما روى - بهدف التظلم على القاضي، الذي فيما بعد أصدر مجلس القضاء بحقه حكما تأديبا وطلب منه توضيح سبب حكمه ولكن القاضي لم يجب ولم يحضر. فبعد ايقاف رواتبه لمدة ست سنوات اضطر للدين ليعيش. يقول “ أبو مجد”: لا ألوم أصحاب الدين فهم جاملوني كثيرا وهذا حقهم ولكن أوكل أمري لربي في قاض ظلمني، وفي حاجة أجبرت عليها وكانت نتيجتها ابنة كالقمر هي حلمي ومنالي وابتهالي من الله فالحمدلله على قضائه وقدره. عالج والدته وستر أسرته وتعود قصة “ محمد” إلى حادث تعرض له قبل ثلاثة أعوام فأقعده على كرسي متحرك، مما نتج عنه تقاعد مبكر وهو لا زال في ثورة شبابه وقوته، فأصبح يتقاضى ثلاثة آلاف ريال، ويصرف بها على أسرة كاملة ووالدة مسنة وشقيقة مريضة بداء الكبد، كانت أموره ميسرة حتى بدأت تتراكم عليه ايجارات المنزل فاضطر للاستدانة بمبالغ متفرقة وصلت ال٤٥ ألف ريال. يقول “ محمد”: لم أستلم المبلغ دفعة واحدة، ولم أجد من يدينني إلا مكاتب التسليف والديون، فاستندت دين بمبلغ ١٣ ألف ريال لدفع ايجار منزلي ودونه المكتب علي بـ ٣٣ ألف ريال بالفوائد، وآخر بمقدار ٤٦٠٠ ريال قيمة علاجات لوالدتي وشقيقتي فسجلها المكتب علي بمقدار ١٢ ألف ريال، لتكون بإجمالي ٤٥ ألف ريال، وحقيقة لا أجد ما أفعله ولا كيف أسدد، شاكرا الله عز وجل على ما أعطى وأخذ. ضحية جهل واحتيال قصة أخرى مع “ سناء”، كانت ضحية استغلال واحتيال، فهي موظفة منذ ١٢ عاما في إحدى شركات التمويل والاستثمار الكبيرة، وتعمل مسؤولة للقسم النسائي، وفي يوم زارت الهيئات القسم وأوردت تقريرا بأنه غير صالح لعمل الكوادر النسائية وذلك لقربه من قسم الرجال، أمرت تغييره والبحث عن مكان أكثر ملاءمة. أبلغت “ سناء” رب العمل وصاحب الشركة الذي كان يقضي اجازته في الخارج، فأرسل لها تفويضا وصورة هويته وختم الشركة لتبحث عن مقر مناسب وتستأجره ليكمل القسم عمله، وبموجب الصلاحية المعطاة استأجرت المقر قبل خمسة أعوام من الآن، بعد ذلك اضطرت “ سناء” لتأخذ اجازة بسبب زواجها ومن ثم اجازة أخرى بسبب حملها، ومضت الأعوام، حتى جاء اليوم الذي ذهبت فيه للتقديم لوظيفة حكومية فبلغتها الجهة بأن عليها ايقاف خدمات ويجب أن تراجع الشرطة، وما أن علمت حتى ذهبت بمعية شقيقها لتفاجأ بأن عليها أمر تنفيذ وذلك بسبب تراكم اجار مقر منذ خمسة أعوام ولم تسدد من قبل الشركة بلغت ٣٩٦ ألف ريال. تقول “سناء” : وقعت ضحية لجهلي ومنذ ايداعي السجن وأسرتي تحاول التواصل مع صاحب الشركة الذي لم يرد على اتصالات أسرتي، وعلمنا من ابن عم له أنه يقضي اجازته السنوية في انجلترا، ولا زلت صابرة محتسبة الأجر سائلة المولى لي الفرج. وغيرها من القصص التي يقطن أصحابها خلف أسوار سجن الملز للنساء والرجال. أوقفت رواتبي ظلماً منذ ستة أعوام ولم أستطع العيش الحاجة أجبرتني على مد يدي نزيلات خلف القضبان يناشدن أهل الخير (عدسة / منيرة السلوم ) نزيلة تتحدث لـ «الرياض» عن حاجتها وقلة حيلتها