فيما عده مراقبون أنه يزيد من خطورة المشهد في فرنسا التي شهدت حوادث إرهابية، بعد أن أصبحت النساء الفرنسيات هدفا لتنظيم داعش الإرهابي نتيجة لهزائمه أمام غارات التحالف الدولي وهروب أعداد كبيرة من أتباعه، أكد مرصد الأزهر بالقاهرة، أن «نسبة النساء الفرنسيات اللاتي انضممن لصفوف (داعش) ارتفعت إلى 35 في المائة بعد أن كانت لا تتعدى الـ10 في المائة، مقارنة بعدد الرجال الذي انخفض قليلا». وقال مصدر مطلع في الأزهر إن «هذه النسبة الكبيرة للنساء تنذر بهجمات مستقبلية جديدة في فرنسا»، مرجحا دفع التنظيم بالنساء لتنفيذ عمليات «انتحارية»، مضيفا أن «النساء الفرنسيات أوراق رابحة يتم انضمامهن للتنظيم عبر أخريات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) و(فيسبوك)». ويرى مراقبون أنه «حتى وقت قريب كانت النساء داخل التنظيم الإرهابي يعملن بالخدمات اللوجيستية خلال عملية قتال التنظيم في سوريا والعراق؛ لكنهن الآن أصبحن محاربات في ساحة المعركة». وفند الأزهر، في تقرير له أعده مرصده بمصر، أسباب انضمام الفرنسيات للتنظيم الإرهابي، بقوله: «لا بد أن نتعرف على حقيقة، وهي أن الجيل الأول من النساء فتن بحلم الزواج من مقاتلي (داعش)، فضلا عن تكوين أسرة والعيش في كنف التنظيم بأرض الخلافة المزعومة»، حيث كان العنف ظاهرة منحصرة تقريبا في الرجال؛ لكن الجيل الجديد اخترن العنف والتضحية بأنفسهن لتنفيذ أفكار التنظيم، والحلم بتنفيذ هجمات انتحارية بدلا من الزواج والإنجاب، لافتا إلى أن «النساء الفرنسيات يسافرن إلى سوريا برفقة صديقات أخريات تعرفن عليهن عبر شبكات التواصل الاجتماعي»، مشيرا إلى أن «مشاهدة المقاطع المصورة التي يسجلها وتبثها النساء من قلب مناطق الصراع في سوريا والعراق، هي العامل المؤثر الكبيرة لإقناع النساء الفرنسيات بالسفر إلى سوريا والانضمام للتنظيم». ورجح تقرير الأزهر أن «سبب رحيل الفرنسيات لـ(داعش) هو الرغبة في ممارسة أمور دينهن بلا قيود أو ضغوط، فضلا عن أن عددا كبيرا من النساء يعانين من صراع نفسي عميق نتيجة التمزق الداخلي في الأسر، ويستغل التنظيم هذه العوامل النفسية والضغوط الأسرية في استقطاب الفرنسيات وخصوصا حديثي العهد بالإسلام، حيث يعاني معظمهن من مشكلات أسرية وعدم المعرفة الكافية بدينهن». وسبق أن ذكرت دراسة فرنسية حديثة عن سفر الفتيات الفرنسيات إلى سوريا لحلمهن القيام بهجمات، وأنهن لم يعدن يفكرن عند بلوغ سن معينة في حبهن الأول؛ لكن هدفهن اختلف تماما فأصبحن يعشقن ما يعتقدن أنه «جهاد». من جانبه، قال المصدر المطلع في الأزهر إن تنظيم داعش يدرب النساء الفرنسيات للقيام بعمليات انتحارية، ويتم تعريفهن على أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة. في السياق نفسه، أضاف تقرير مرصد الأزهر أن التنظيم لن يتوقف عن جذب أعضاء جدد للانضمام لصفوفه من أجل الدفاع عن الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق وليبيا، وكذلك القيام بعمليات إرهابية في بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية، خصوصا بعد أن فقد كثيرا من عناصره الذين هربوا من جحيم «داعش»، لافتا إلى أن إحصاء أعداد الأجانب المنضمين لصفوف تنظيم داعش يشوبه قدر كبير من الغموض، وأن نصف المقاتلين الأجانب المنضمين لصفوف الجماعات الإرهابية ينتمون إلى بلاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي «تونس، والأردن، وليبيا، وتركيا». ويشار إلى أنه ما بين يونيو (حزيران) عام 2013 وحتى يونيو 2014 انضم لصفوف «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق نحو 12 ألف شخص، وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2015. بلغ عدد الأجانب المنضمين للتنظيم نحو 31 ألف مقاتل. وقال تقرير الأزهر إن «نسبة تقدر بنحو 75 في المائة من الأوروبيين المنضمين للتنظيم ينحدرون من أربع دول فقط هي (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وبلجيكا)، وهي الدول نفسها التي تعيش حالة تأهب قصوى منذ هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي». ويشير المراقبون إلى أن فرنسا تعد على رأس الدول التي بها عدد كبير قد انضم إلى «داعش» حيث غادر 1700 فرنسي إلى سوريا خلال العام الماضي، كما تعد بلجيكا أكبر دولة من حيث عدد المنضمين لصفوف التنظيم بالنظر إلى عدد سكانها الذي لا يتعدى مليون نسمة. ولفت تقرير «الأزهر» إلى أن الاعتداءات الأخيرة على باريس وبروكسل تكشف حقيقة مثيرة للقلق وهي «أن الخطر الذي يمثله أعضاء (داعش) أكبر في فرنسا وبلجيكا من باقي الدول الأوروبية». وأعلن «داعش» تبنيه طعن قائد بالشرطة الفرنسية وزوجته قبل أيام، فضلا عن عدة تفجيرات استهدفت باريس نهاية العام الماضي، وبروكسل، مارس (آذار) الماضي. ويقول مراقبون إن «اتهامات كثيرة توجه للجاليات الإسلامية في الغرب بأنها حاضنات تفرخ الإرهابيين، الذين يفجرون قنابلهم في قلب العواصم الأوروبية موقعين المئات بين قتلى وجرحى، وقد تزايدت تلك الاتهامات في الفترة الماضية مع موجة اللاجئين التي رافقها صعود غير معتاد لليمين الأوروبي المتطرف». وقال تقرير مرصد الأزهر إن «عدم التزام الشباب الأوروبي بتعاليم الدين الإسلامي يسهل على مجندي التنظيمات الإرهابية إشعارهم بالذنب بسبب تقصيرهم في حق الدين، ومن ثم نجد هذا الانقلاب الحاد في شخصيات هؤلاء الشباب من النقيض إلى النقيض، وأول ما ينعكس عليه هذا التطرف هو سلوكهم تجاه أسرهم ومحيطهم المسلم الذي يتهمونه بالتقصير في تطبيق تعاليم الدين وعدم فهمه فهما صحيحا، وتأخذ المقاطع المصورة للتنظيمات المتطرفة ووسائل التواصل الاجتماعي دورها في إقناع هؤلاء الشباب بأفكارها الإرهابية، ومن ثم السفر إلى مناطق الصراع». ودعا تقرير «الأزهر» أوروبا إلى احتواء النساء والشباب ومحاولة إقناعهن بالحسنى والأساليب المعاصرة بخطأ أفكارهم ومسلكهم المتطرف، وتذكير هؤلاء الشباب بالتنظيمات القديمة المشابهة لهذه التنظيمات المتطرفة في الدول العربية في سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن العشرين، وكيف انتهى بهم الأمر إلى مراجعة أفكارهم والتراجع عنها؟. ولا يكفي في هذا الصدد إبعادهم عن المساجد والتخلي عنهم لتؤثر عليهم هذه التنظيمات المتطرفة، كما أن دور الدول المحيطة بدول الصراع لا يقل أهمية عن ذلك في منع هؤلاء المتطرفين من الانضمام إلى مناطق الصراع في سوريا والعراق.