×
محافظة الرياض

برامج تدريب وفعاليات ترفيه في أندية تعليم القويعية الموسمية

صورة الخبر

من حمص إلى إدلب وحلب تحوّل هادي العبد الله إلى عين الثورة السورية وصورتها إلى العالم. الناشط الإعلامي الذي يواجه خطر الموت يوميا ويدرك أنه قد يكون في أي لحظة أحد ضحايا الجرائم التي يوثقها وترتكب في وطنه، تحوّل يوم أمس إلى الخبر إثر تعرضه لمحاولة اغتيال بوضع عبوة أمام منزله في حي الشعار بحلب، أصيب نتيجتها مع زميله المصوّر خالد العيسى بعدما كان قد خسر زميله السابق في «المهمة الحربية» نفسها، طراد الزهوري، في معارك القلمون. خبر إصابة العبد الله والعيسى اللذين لا يزالان يرقدان في المستشفى يخضعان للعلاج شكّلت صدمة ليس فقط لكل من يعرفهما، لا سيما العبد الله الذي تحوّل إلى مرجع ومصدر موثوق تعتمد عليه وسائل إعلامية عدّة عربية منها وعالمية. ونافس بل تفوق باسمه وبصدقيته في نقل الخبر على كثير من وسائل الإعلام البديلة التي نشأت منذ بدء الثورة السورية. وهو ما عبّر عنه بشكل واضح الصحافي السوري أحمد كامل يوم أمس، قائلا: «تمت استشارتي مرة بشأن منح جائزة دولية لصحافي سوري، فاقترحت على الفور ودون تردد اسم هادي العبد الله. لكنهم رفضوا منحه الجائزة رغم توافر كل الشروط والمميزات فيه للفوز بالجائزة، وقيل لي صراحة (لأنه إسلامي). ومنحت الجائزة لشخص آخر مع أنه ليس صحافيًا بالمعنى الحقيقي للكلمة». وختم قائلا: «هادي العبد الله يمثلني كإنسان، ويمثلني في ثورة الحرية والكرامة، ويشرفني كصحافي». بدأت المسيرة الإعلامية لابن حمص، الذي تخرّج من كليّة التمريض في جامعة تشرين باللاذقية، من حي باب عمرو في حمص عام 2012 قبل أن ينتقل بعد سقوط المنطقة إلى بلدة القصير عام 2013. ومن ثم إلى القلمون عام 2014. فمحافظة إدلب عام 2015 وتحديدا في بلدة كفرنبل، حيث كانت له بصمات لافتة كناشط إعلامي وإنساني. ومن هناك قرر بعد ذلك الانتقال إلى حلب إثر بدء الحملة العسكرية عليها بداية العام الحالي وتعرضه لمضايقات وضغوط من قبل بعض الفصائل الموجودة في إدلب، ولا سيما «جبهة النصرة». وفي كل محطة كان لهادي العبد الله الذي أبى أن يغادر سوريا، بصمته في إيصال الصوت والصورة من تحت القصف وبين الأنقاض ليس فقط إلى الإعلام على اختلاف أنواعه إنما إلى المحافل الدولية حيث اعتمدت كوثائق لإدانة النظام السوري في استهداف الأحياء المدنية. كان هادي (29 سنة من أوائل الناشطين الذين ظهروا على شاشات التلفزيون والإعلام للحديث عن الثورة السورية، بحسب ما يقول صديقه لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أنه تجنّب في المرحلة الأولى الظهور كمراسل، وكان يرفق المشاهد التي يصورّها عن المجازر في مسقط رأسه حمص بصوته معدّلا خوفا من استهدافه، ليتحوّل فيما بعد إلى مراسل حربي بامتياز مطاردا ومواجها الموت في كل لحظة. يؤكّد عارفو العبد الله، انحيازه لمبادئ الثورة وإصراره على رفض التطرّف على اختلاف أشكاله، وهو ما جعله عرضة للضغوط والتهديد بالقتل من فصائل ومجموعات من طرفي النزاع، وخاصة «جبهة النصرة» وما يسمى «حزب الله» بحسب ما يقول أحد أصدقائه المقربين. وفي حين وجّه البعض أصابع الاتهام في عملية الاغتيال الأخيرة التي تعرّض لها يوم أول من أمس لـ«جبهة النصرة» استبعدت مصادر أخرى الأمر، مشيرة إلى أن للعملية بصمات خلايا نائمة تابعة للنظام السوري. وإضافة إلى الإصابات الكثيرة التي تعرض لها العبد الله خلال عمله الإعلامي، فإنه تعرض لمحاولة اغتيال في القصير عام 2012. بحسب ما يقول الناشط عمر إدلبي الذي كان موجودا معه في ذلك الحين. وكان العبد الله قد نشر على حسابه على «تويتر» إثر الإعلان عن مقتل القيادي فيما يسمى «حزب الله» مصطفى بدر الدين، خبر تعرضه للتهديد من قبل الحزب، ومما جاء فيه أنّ بدر الدين كان قد أمر بتصفيته في القصير، وكان قد كتب قبل ذلك قائلا: «أقصى ما يستطيعون أن يفعلوه هو أن يعطوني ما أتمناه.. الشهادة على أرض حمص الحبيبة هي مطلبي». وحماسة ابن حمص التي تظهر أمام الكاميرا موثقًا بصوته الحزين ودموعه في أحيان كثيرة، مشاهد القتل اليومي في سوريا، تخفي خلفها أيضا نشاطا إنسانيا لا يعرفه كثيرون عنه. فهو المحرّك الدائم لأي مشروع من شأنه مساعدة الناس ولا سيما في محافظة إدلب حيث عمل ومجموعة من أصدقائه الناشطين على مشاريع متعددة لتمكين المرأة وتعليم الأطفال وتدريب إعلاميين. وكان على وشك افتتاح الكثير منها قبل أن تتوقف، نتيجة الضغوط التي تعرضوا لها من فصائل متطرفة، بحسب ما يقول صديقه. كذلك، لا يختلف خالد العيسى، الذي كان قد أصيب أيضا قبل يومين في حلب خلال تصوير المعارك مع هادي، بنشاطه وحماسته عن زميله، إذ عرف بانحيازه للثورة السورية، ونشاطاته الإنسانية في إدلب وتحديدا في كفرنبل حيث تعرف والدته أيضا بدعمها وقيادتها لمشاريع تهتم بالأطفال والنساء.