استدعاء التدخل الخارجي، والاحتكام إليه واستجداؤه لحل الإشكال الداخلي علامة خطيرة تهدد استقرار الدولة وأمنها، وتضعضع سيادتها وتحولها إلى تابع فتصادر قراراتها وتفقد السيطرة على أركانها وتسلب حريتها. في البحرين أصدرت المحكمة الإدارية قراراً بإغلاق مقار جمعية الوفاق المرخصة في الأساس حسب نظام أتاح لها ممارسة العمل السياسي، وجاء القرار استناداً لدعوى أقامتها وزارة العدل ضد الجمعية اتهمتها بتوفير حاضنة للإرهاب واستدعاء الخارج. يتزامن اليوم في المنطقة عنصران يهددان الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة وهما الطائفية والإرهاب، والعنصر الأول هو من يخلق البيئة المناسبة لعمل العنصر الثاني، ولاشك أن المنامة تعاني الإرهاب الذي طاولها كما طاول دولاً عدة في المنطقة بسبب التأجيج الطائفي الذي يقوم به النظام الايراني والذي يعمل على خلق اصطفافات مذهبية الهدف منها شق الصف الوطني والتغلغل من خلاله إلى الدولة، وإحكام السيطرة عليها وجعلها مرتهنة في قرارها السياسي والأمني وحتى الاجتماعي، ولنا في لبنان والعراق بيّنة واضحة وصريحة عن حجم ومآل وخطورة الاحتكام إلى الخارج في حل المشكلات الداخلية التي لايسلم بلد منها، إلا أن مسؤولية السياسيين في أي بلد هي الحفاظ على استقلالية الدولة، والحفاظ على وحدتها وصونها من أي تدخل خارجي. وتعاني المنامة من هجمات إرهابية تستهدف رجال الأمن والمرافق الحيوية، وبالتالي فإن تقصي مسببات الإرهاب والتطرف ومعالجتها هو حق سيادي لكل دولة بأن تمارسه وفق ما تمليه عليها ظروفها. لقد غيّرت موجة الإرهاب التي تضرب العالم مهددة استقرار وأمن مواطني الدول الكثيرَ من المفاهيم والالتزامات التي كان الغرب يفاخر بها ويراها مكتسباً يميزه عن شطر العالم الآخر، لكن عندما شعر بحجم الخطر إذا به يعيد النظر في الكثير من سياساته حفاظاً على أمنه، فقبل أسبوع سحبت الدنمارك الجنسية من مواطن ذي أصول مغربية دين بالتحريض على الإرهاب، وهذا كان من الصعوبة أن يحدث قبل فترة بسيطة، والسبب أن كلفة الإرهاب على الوطن والمواطن باهظة، لذا كان ولا بد من القيام بإجراءات رادعة لا مجال للتراخي فيها. إن إتاحة المجال في حرية التعبير علامة صحية شريطة أن تمارس بوعي ومسؤولية وألا تستغل في تمرير مصالح فئوية ضيقة، أو خلق بلبلة مجتمعية، والأدهى من ذلك أن يدار خطاب الداخل من الخارج.