كشفت الحكومة السورية، أمس، عن وجود مجموعات من القوات الخاصة الفرنسية والألمانية على الأراضي السورية لدعم المقاتلين الأكراد، مؤكدة أن هذا «التدخل السافر يشكل عدواناً صريحاً»، الأمر الذي نفته برلين، في وقت اتهمت 55 منظمة سورية قريبة من المعارضة، أو محسوبة عليها، الأمم المتحدة بـ«الانحياز» إلى النظام السوري في عملية إيصال المساعدات إلى السوريين المحاصرين في مناطق عدة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن وزارة الخارجية، قولها إن هناك قوات خاصة ألمانية وقوات فرنسية وأميركية تعمل في شمال البلاد. وذكرت أن الحكومة تدين بشدة وجود قوات ألمانية وفرنسية في مدينتي منبج وعين العرب (كوباني). وأكدت الخارجية أن دمشق تعتبر الأمر «عدواناً صريحاً وغير مبرر على سيادتها واستقلالها». وتشن «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة هجوماً في الوقت الحالي على تنظيم «داعش» قرب منبج، فيما تخضع عين العرب لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل أغلب «قوات سورية الديمقراطية». من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات خاصة فرنسية تبني قاعدة لها قرب عين العرب، وإن غالبية المستشارين موجودون بمنطقة سد تشرين على ضفاف نهر الفرات جنوب شرق منبج. وذكر وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، الأسبوع الماضي، أن هناك قوات خاصة تعمل في سورية لمساعدة «قوات سورية الديمقراطية» على التقدم باتجاه منبج. وأضاف المرصد أن مستشارين عسكريين من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وقوات خاصة فرنسية وأميركية تساعد «قوات سورية الديمقراطية» في قتالها لتنظيم «داعش»، لكنها تلعب حتى الآن دوراً داعماً ولم تقاتل على الخطوط الأمامية. وفي برلين، نفت وزارة الدفاع الألمانية وجود قوات خاصة ألمانية في شمال سورية. وقال متحدث باسم الوزارة، إن مثل هذه المزاعم المتكررة الصادرة عن الحكومة السورية خاطئة ولم تكن صحيحة قط. وأضاف «لا توجد قوات خاصة ألمانية في سورية، إنه اتهام خاطئ». على الصعيد الميداني، قال المرصد، إن قوات النظام تمكنت بدعم جوي مكثف من الطيران الروسي وسلاح الجو السوري من استعادة السيطرة على بلدتي خالصة وزيتان في ريف حلب الجنوبي، بعد ساعات من سيطرة «جبهة النصرة» والفصائل المتحالفة معها عليهما. وأكد أن المعارك بين الطرفين خلال 24 ساعة أدت إلى مقتل «ما لا يقل عن 70 عنصراً من طرفي الاشتباك». وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، إن مقاتلي «جبهة النصرة» شنوا هجوماً مضاداً جديداً صباح أمس، في محاولة لاستعادة بلدة خالصة. وتحظى هذه البلدة، وفق عبدالرحمن، «بموقع استراتيجي، حيث تقع على تلة تشرف على طريق إمداد لقوات النظام ينطلق من جنوب حلب ويربط مطار النيرب العسكري بمناطق سيطرة قوات النظام في غرب حلب». وفي تقرير أعدته حملة «من أجل سورية»، نشر أمس، قالت 55 منظمة سورية حقوقية وطبية وإغاثية ومجالس محلية معارضة، بينها الدفاع المدني والشبكة السورية لحقوق الإنسان: «تتعرض مبادئ إنسانية أساسية، كالنزاهة والاستقلالية وعدم الانحياز، إلى انتهاكات خطرة في سورية، وهذه المرة على يد الأمم المتحدة نفسها». وقال التقرير «اختارت الأمم المتحدة الامتثال للقيود المفروضة من قبل الحكومة السورية على نشاطاتها وعملياتها على الأرض، ونتيجةً لذلك درجت في الأمم المتحدة ثقافة الخضوع في التعاطي مع الحكومة، وبالتالي لم تظهر وكالات الأمم المتحدة رغبة فعلية في ممارسة أي ضغط للوصول إلى المناطق الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومة السورية». واعتبر أن «اختيار المنظمة الدولية تقديم التعاون مع الحكومة السورية أولوية مطلقة على ما سواه، وبغض النظر عن الأثمان المدفوعة لهذا الخيار؛ أوصل الأمم المتحدة إلى منح حق توزيع مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى طرف واحد فقط من النزاع». ورأت أن هذا الأمر أدى «إلى التأثير في مسار الصراع الدائر، بل وحتى إطالة أمده». وبحسب التقرير، لم توصل الأمم المتحدة أي «مساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية من دون وجود إذن من دمشق، على الرغم من وجود قرارات عدة صادرة عن مجلس الأمن معاقبة لذلك». وتعليقاً على هذا الاتهام، أقر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية، يعقوب الحلو، بأن عملية إيصال المساعدات «ليست مثالية»، لكنه شدد على أن الأمم المتحدة تواصل «مساعدة السوريين وفق الحاجة». وقال إن إرسال قافلة مساعدات إلى منطقة محاصرة، من دون الموافقة اللازمة، هو بمثابة «مهمة انتحارية للعاملين في المجال الإنساني». وأقر الحلو بأن الحكومة «عرقلت» إيصال المساعدات إلى بعض المناطق المحاصرة.